القائمة الرئيسية

الصفحات

السقساق و الجعران المقدس - جمال الطرودي

السقساق و الجعران المقدس
دون أيّ استئذان جلس و انضمّ إلى المجلس و دخل في الحديث.
سأل طائر السّقساق خنفساء الجعل:
- ما الذي دفعك إلى أن تكوّر الفضلات لتعيش؟
فأجابه الجعران وهو الجعل :
- دفعني الذي دفعك لدخول فم التمساح لتقتات!
ولولا الأمل ما ركب البحر مسافر و ما اصّاعد في السماء رائد و ما حمل البندقية ثائر.
- حتى الفكرون قال عنك حكيم ههههه !
فما رأيك في الذي يطمع في زينة الحياة الدنيا من مؤخّرة البغلة؟
عرف الجعل أنّه يقصده لمّا يدفن كرة الرّوث في حفرة و يبيض فيها لتجد يرقته الغذاء بعد التفقيس . تجاهله و واصل :
- من رام العلاء صار طلب المحال عنده ليس مستحيلا
و من يحدّد الغاية يجد بإذن الله، حتما ، إليها سبيلا.

- سيّب عليك من ها رويّق ! عامل فيها طز حكمة. هاذي تشنشينة اذا طلّعتها فعلا انت حكيم.
- هات ، نشوف وين ترسّي بينا ها القعدة؟
أنشد السقساق:
- "على وليّد شهلول بهلول كان ساكن في العلالي
و لّى يكركر في الخراء بين رجليه و راسه متلفّت التالي "
- هكّة! توّة هكّة، بديناها بالجد و نكمّلوها بتطييح ال قدر. واش بيك زقزاق برشه !!؟ لو قابلتني في ذلك العصر لجعلت منك قربانا يكفّر به الحشريون أمثالك عن خطيئتهم. لكنّك ما تحشمش يا واطي! أنسيت أم أذكّرك ؟ ألم تر نفسك عندما كان رأسك في مبعر الخرتيت المخلوع تنقّيه من القراد و الدّود ... قووول لا ... ها عويهرة ! يا متاع الكركدن المخلوع ! هذا صرفك و إلّا نزيدك ؟
احمرّ منقار السّقساق خجلا ، طار و دكّ رأسه في دبر أكبر فيل من كبار الكتل. وصار منذ آنئذ يلقب ب " ذو المنقار الأحمر المكبوس".
تدخّل الحاضرون:
- إهدأ ! إهدأ ،ساعد روحك آ سي بودرنّة، ياخه واش قالك؟
- عندكم الحق ما تعرفوش سوء نيّته ! هاو واش يحب يقول
- باهي باهي قول لينا و تعرفه ما يقصدش سي السقساق.
- يحبّ يقول أنّي أنا ؛و أعوذ بالله من كلمة أنا؛ سقطت ، يعني ساقط!
- حاشاك من السقوط،نعرفوك خدّام لا تعاف شيئا.
- السيد يحب يحلّ جرح قديم. يحكي عنّي كيف سقطت من القداسة إلى النّجاسة.
استغرب الدّواب و مدّوا أعناقهم و اتّسعت أحداقهم و قالوا :
- كنت قدّيسا !؟
- بل أكثر!
- ماذا يعني أكثر؟
- كنت إلاها !
- آآآ هه!!!
- نعم كنت إلاها عند المصريين القدامى و كانوا يقدّمون القرابين الى الجعران المقدّس الذي يمثل الإلاه "رع" واهب النور و الحياة و الذي يدحرج الشمس من المشرق إلى المغرب في السماء. وكانوا يسمّونني "خيرى"
علّق أحد الحاضرين :
- خيرى أو خراء من بعضه!
ضحك الجميع حتى استلقوا
- أعوذ بالله! أعوذ بالله، الواحد يبدا قاعد لابأس عليه، مرتاح ، حتى يهبط عليه صفة الزّنس كما الشيطان الرجيم يخرّجه من الملّة. يحرّك الخراء بعود ،حشريّ، يتدخل في أدقّ خصوصيّات الغير. جبالك الرّواسي و لا عبدك الثقيل ! أضاف سي بوزنّة و هذا أحد أسماء الشهرة العديدة للجعران في بلاد الجريد بتونس.
قام سي بوزنّة و قام إثره النّواب و غادروا المشرب. سوف تبدأ جلسة التصويت على قوانين الحرّيّات الفرديّة. دخلوا قاعة المجلس ، حيث ترأّس الجعران المقدّس الجلسة و كان مقرِّرها ذا المنقار الأحمر المكبوس!
استغربوا و لم يفهموا التكتيك.

جمال الطرودي / تونس

 

Reactions

تعليقات