القائمة الرئيسية

الصفحات

لخطوة حذاء وجرس في الرماد (.1.2 .3.4.5) - فوزي عمار


لخطوة حذاء وجرس في الرماد.....
(.1.2 .3.4.5)

قد استيقظتْ على ضجيج باعة السمك الأزرقِ..
هم أيضاً يستيقظون مع رقصات المراكب التي نفضت لتوّها على خاصرة مرفأ آمنٍ جهدَ اللوح والمجداف
نصفُ أجسادهم يلفها دفءُ نساءِ البارحة
نصفُ وجوههم جميلةٌ جداً كضحكات أطفالهم الأشقياء
نعم أشقياء
لأن أرجلهم لم تألف يوماً أحذيةً بلون الفحم ورائحةِ الورنيش
لكنهم أيضا طيبون كنكهة الجداتِ
ماكرون نكايةً في القدَر الذي يتسلل خفيةً من أسفل باب الحلم
يخبئون صدفاً بحجم الكفّ أعلى من الكف
وينتظرون المرافئ على عجل الماء
ربما يتشكل الصدف مع الأمنيات البسيطة لعباً أو بعضَ سكاكرَ
وربما أيضاً أحذيةً بلون الفحم ورائحة الورنيش .

مدت يدها
فتحتْ نصف شباك غرفتها...
البيوتُ الملتصقة كأزقة المدن العتيقة ليلاً تصاب ببعض الرطوبة
قطراتٌ تحت أذنيها من عطر اللافوندر
سرّحت شعرَها ..
سأحرّره الآن لن أعقد ضفيرتي..
أريد أن يتنفس معي خطوتي باتجاه مقهى باب البحر...
كراسٍ قديمةٌ ووجوهٌ احتفظ المرفأ بأسرارها ربما ذاتَ عاصفةٍ يمد نصفَها للريح جزيةً فيهدأ المركبُ والمجذاف

صباح الخير علي
صباح الخير بتريشيا
صاحب المقهى جلبَ قبل حصار النوافذ بنّاً من الأستانة ..
سأجهز لك فنجاناً بنكهة سكر الشمندر
أصبحنا نجيد الانحناء للنبتة للماء ليتم اليتيم في دمنا..
نسقي التراب عرقاً ليناً .
ربما ...
حين تأكل الديدان وجوهَنا العابسة قد نجد في ماتبقى من أجسادنا فجوةً لنعلو قصباً بطعم السكر.
هم الأحفاد سيخيطون أسرجة المهاري لئلا يفقد القصبُ لونَه الأخضر ولئلا تستيقظَ يد الرب من الخلف مرة أخرى ..
نضجوا بما يكفي حين نصبوا للموت فخاخاً على عتبات القدر ...
لا موتَ بعد موت النسر الأخير ..

انتظر .....
نحن لم نجلس مذ مطرينِ عابرين ،لأكثر من سنة وبعض حجر وفوضى
هل مازال المستر أبو بكر يبيع بنَّه المغشوش شعير البهائم المحمصَ بقدرة شيطان ...
" إيه يا علي !!!!! "
كراسٍ جديدةٌ ...
رخامٌ على الكونتوار
لوحةٌ موريسكية
صورٌ لنساءٍ بوليفياتٍ من زمن الستينيات ينشدنَ بحمرة الكرز على الوجنتين : غيفارا..
غيفارا
هل فتح الرب فجأةً خزائنَه للسيد" أبو بكر" صاحبِ الرائحة المقرفة والبطن المنتفخ ؟؟؟؟

آه ياعلي .. لو أنك دخنت سيجارةً كوبيةً ونمت بجوار امرأةٍ جهزت لك السنابل خرائطَ لينةً لتفتح في الأرض منفذاً آمناً للماء
لكنت الآن صوراً ثلاثيةَ النشيد و جزءاً من هذا المكان المشبوه...
نشيداً لليسار...
نشيداً لليمين...
ونشيداً بآهةٍ لا يشبه شيئاً ..

أظن أنّ ساعدَك لم يسعفك حين أدمنتَ البنَّ المغشوش أليس كذلك ؟؟؟
لا عليك أنت هكذا جميلٌ ومخلصٌ لواقعك ..
عقلُك اصلاً لم يكن مهيئاً بما يكفي لتسأل نفسَك لماذا يرتدي السيد أبو بكر معطفَ " إنا اعطيناك الكوثر "وقفازاً من لحية ماعزٍ لخزائنِ الرب
ووجهاً بتجاعيدَ مرئيةٍ لعمال المناجم والكسرات ؟

هذا الوجه أعرفه إنه الشابي " إذا الشعب يوماً أراد الحياة... "

على عمود رخامٍ مصقولٍ بمهارةٍ نادرةٍ قرأتْ :
للخطوة حذاءٌ وجرسٌ في الرماد ..
ثمة أصابعُ تطلّ من خلف الجدار .. غداً تحط خطاطيفَ بيضاءَ كما الياسمين فينكسر من فرط الضوء وجه الجدار
هل قرأتِ قصيدةً في زمن السعال
او جزءاً من تلك الرسائل الأخيرة ؟؟؟؟

مدت بعنقها كأنها حرباءُ على مائدة من خنافس وفراشات كانت ستلتهم لسانه
لكن قلبها ارتجف حين عادت بها الذاكرة الى باب الذئب ..
قالت :
الوقت سيد أنيابه والمسافة بئر
لولا مخالب القدر لأنبت جسدي في حبره قصيدة

...حدثني يا علي عن زوجتك..."وهل صار عندك أولاد ؟؟؟"
الأرض تحتاج المزيد من الأولاد و إبريل قد يمطر هذه السنة

مبتسماً كأنه قد انتهى لتوه من نفض ظلِّ جدارٍ كان جاثماً على صدره كصخرةِ سيزيف...
آه يا بتريشيا بعد كل هذا الانتظار صرت أباً لمولودةٍ جميلةٍ ، كأن بنّ الباب العالي له بركاتٌ إلهية...
شعرُها قصيرٌ كذقني...هههههه
لا عليك غدا ستشتري لأمها سلماً خشبياً لتمشط لها خصلة شعرها...
وأنت تنشد والنبض يحرر أحبال صوتك " هيلا هيلا..بنتي قلب الغزال وجه القمر.."

أرهقها الحمل قليلاً
كنت في الشهر السادس كي لا تتقيأ وجهي أقرأ لها الرسائل الأخيرة كلما توقفت من سفرٍ متعب بين الكلمات لأستنشق جسدي المعجون بحبر شاعر ساحرٍ ، كانت تقول لي أعد هذا المقطع :
هي الريح ستأخذ من الأغبياء عورةً تكاشف بها الريح والأضداد ويبقى لوزُك بأكف القصيدة وتبقى خالداً آل عمار ...
إنه نشيد حناجر البلور

يا علي ..
أقسم لك بحبل السرة الذي كنت أرسل من خلاله ابتسامات الصباحات لابنتي هذا الجسد المصقول بحرفه قد خلق لي
لم يصدقه أحدٌ حين صعد على كتفه والماء أسفل حذائه قائلا : مابين الماء والماء ثمة حقيقة هم الأغبياء فقط يقولون برزخاً
نعم عراة هم من الماء ، من الضوء و من الفكرة ياعلي....

تفحصت ملامحي كطير جارح ترصد فراخَ حجل مكشوفةَ العش
أنت لا تشبهه ليتك كنت تجيد فن الرقص فوق الكلمات كنت صنعت لك من حبات الزيتون وصمغ البلوط حبراً وفرشت لك شعري ورقا وقلت" هيت لك "

لم أكن أغار فأنا أيضاً أحبه
فقَدَ أمه ..
فاشترى بشيءٍ من القلق فراغاً و عكازاً لأحزانه ..
مذ آخر زجاجة خمر سقطت فارغةً على رصيف المرفأ سمعته يقول :
" للخطوة حذاءٌ وجرس في الرماد "

سكب حلمه طعاماً لروحه المتعبة
ضباعٌ تسلقت رفوف ذاكرته
لم يكن ذاك الشيخ - الذي مازالت حنجرته تزعج صباحاتنا بالنشاز - نساجاً أو فخارياََ كي يسد له تلك الفجوة الهزيلة
ولم يكن هو ايضا صياداً ماهراً
لم يقطف وردةً قبل أوانها ولم يلمس بندقية قط..
ترك للطبيعة مسألةَ ضد الضد هي الأم تعلم أي ثدي يدر اللبنَ أكثر
صنع لعقله أرجوحةً بفكرتين ومقعد
شدّ السماء من ضلعها
لم ير البدايات
سخر من الشيخ الذي أوهمه أن قايين مرايا غرابٍ محنّطٍ في الذاكرة

أقفل الآن باب غربته
ثقب ضلعه ناياً
ستعزف الأصابع صمتَ غرفته الباردة ..
رائحةُ طهوٍ ، وجهٌ يشتاق إلى أمه ، روحٌ متعبةٌ
كأس ذاكرة على طاولة من خيزران ...
ينتصر الموت أو لا ينتصر
فقط ألا يكون دمه دميةً يتناقلها السذج ..
مابين الماء والماء ثمة حقيقةٌ
نحتاج أصابعَ مرنةً كي نفتح نوافذ الماء ..
يا جسدي ..
ليس الفشل أن تقارن ما تستطيع بما لا تستطيع
وليس الغبي من قال : بحجرٍ بسيط قد أُسقِط القمرَ ..
بالمختصر عهر الغباء أن تنظر أسفل حذائك ولا ترى القمر ...

الساعةُ تشير الى قلق الحمام
زغبٌ أبيضُ على الغصن نام
رائحة الإسفنج المقلي في زيت عباد الشمس تنشر رتابة الأزقة على حبل صباحنا الشتوي
ها قد سعل الحذاء من ثقب أسفل القدم
جسد طفل يحتاج اسفنجةً دافئة ..
دعه يأكل ...غداً يجتهد ، يحاول، نعم يستطيع
أن يفكك يومه حكمة لغده.. ولن يفتح الباب من النافذة

(بَارادوكس)
القوسُ تلو القوس
بابنا العتيق صورةٌ للذكرى
هناك في البعيد سكةُ القطار تباعد باريس عن شارع الحرية..
يابن خلدون لو أنك ملت قليلاً لابتلعك ديغول
لكنكَ ذكيٌّ بما يكفي ، أسرجت عباءتك لئلا
ينكشف جلدُ شارعنا الرئيسي المشكوك في فخامته المتعالي بشجره الأخضر
ياعلي ...
ها قد جاء السيد أبو بكر ببطنه المنتفخ كصهريج نبيذ لم ينضج بعد
نظاراتٌ طبية ، ربطة عنق وحذاءٌ من زكاة أفواه المهمشين ...
تغيرت كثيراً يا أبا بكر
لم أرك قط بهذه الكيافة والأناقة من قبل
إنها بركات نشيد الحجر يا باتريشيا
لكل بركة ماءٍ ضفادعُها
لكل فوضى أنياب ..

طفلٌ يُخرج بخاراً أبيض الصوت من فمه
يرسم على زجاج المقهى قطعة خبز لفمه
لم يعِره السيد أبو بكرٍ اهتمامه ..
هي القلوب مشوشةُ الأرصدة لا تنبض إلا لخزائن الرب ..
لو كان على مقربة من البحر
لمدّ له الشاطئ خبزاً لأمه التي احترق معصمها في التنور
على ركبتيه سجدَ ليدها
من عاداتها الطيّبةِ أن ترسم رائحة الخبز فوق جبينه وقت الفطور
وتنشد وكأن في حنجرتها ما يكفي لإطعام وسادته حين ينكمش بأحلامه الهزيلة
هيلا ..هيلا .. غداً يابني تحاول ، تجتهد ، نعم تستطيع...

للبحر مساميرُ ملحيةٌ تثقب في عنادِ المجدافِ صواريَ الروح
الموجة في بعض الأحيان كريمةٌ جداً قد تمد يدها للغريق إن كان الغريق أقلُّ ملوحةً من البحر
بتريشيا هل أعجبك البن ؟
كأنها في حالة قيصرية
نظرتْ لذاك الصبي الذي ابتسمتْ له حين ركل مؤخرة السيد أبي بكر واحتمى بالفرار
قد يجد هناك بين شقوق الأرصفة بعض الدنانير المعدنية التي يزرعها السكارى في طريق العودة لسُكرٍ محتملٍ غداً

سألها ثانيةَ
هزت برأسها قائلة :
نعم ..
للخطوة حذاءٌ وجرسٌ في الرماد.....

لماذا ليس بحذائين ؟؟
يا علي ..
لو أنك سألت موسى رئيس مغفر الشرطة والمخابرات والجواسيس المندسة بين الشحاذين وأكشاك المكسرات وملمعي الأحذية والصبايا القاصرات اللواتي أرضعن الغريب لحماً طازجا حين نشرت بلادك عذرية الوطن على الطرقات
لقالوا لك :
هم الشعراء كما الملاحدةُ لا ينظرون إلى السماء مرتين ولا يجيدون فنَّ التناظر في أي شيءٍ ، أحرارٌ هم بما يملكون من حبرٍ و أرواحٍ مجنحةٍ كأنها دوالي عنبٍ تقطر خمراً للطريق والكأس عكاز الذكريات...

الساعة تشير الى يوم الجمعة
كل دكاكين الجعة مقبوضٌ عليها بأمر دولةٍ علمانية .
هاتفَ صديقُه الماجري صاحبَ البلاط المهترئ برائحة الماريخوانا، نساء الرصيف والقطط التي أتقنت من فرط لعق الأرجل كيف تملأ عقله البسيط الذي لا يحتاج الى جمجمة بالنشاز والمواء.
يا صاحبي أحتاج جرعة نبيذ ..
مراد جحر الأفعى المنتفخ خصره بالفوتكا واللحم المهرب هاتفه مغلق
وأنت تعرفني ، فمي لا يجيد فنّ السكر فوق أكف الاصدقاء

الفتاة البحرية التي تسكن شقة بعمارات السوق الشعبي قد تلتهم خارطةَ جسدي
مقابل سمك مشوي وزجاجات الشردونيه.
و أنا على يقين أنني سأمطر خجلاً لأن الرب لا يراقبني إلا يوم الجمعة
سبع زجاجات.. ماؤها أسود وغلافها أسود ..
ما هذا يا ماجري ؟!
كأن شجر الخروب قد تواطأ مع أولئك المستهزئين بالنشوة ، صائدي مال المثمولين والسكارى
وهل يليق بنا معشرَ الشعراء ماءُ البرك والمستنقعات ؟!
سأتصل لك بالسيد " أبو بكر " على ما أظن أنه بصدد خلع معطف(إنا اعطيناك الكوثر)
مابين صلاة وصلاة هي المآذن تغلق شبابيكها أيضا بأمر دولةٍ علمانية

رمى بوجهه خارج السبع زجاجات،سبع يقفز فوق جثة لئلا يلعق العفن أرجله
سحب وسائد النبيذ بأكملها
غدا تستيقظ مقهى باريس
فصديقه جمعة النادل الذي يفتخر دوما بإجازة الجمعة سيدقُّ أجراس البلور على طاولة الخيزران ..
لا عليك إنا فتحنا لك نبيذاً منسياً في الذاكره فاشرب نخب خطوتك و أنشدْ :
باريس لم تكن شارعاً في جسدي
ولم أكن جسداً في شوارعها
هي ماترك الراحلون ، مقهى ساحليّ على امتداد الشاطئ
نحن سرب محارٍ تثاءبَ في حلمنا قمر نغني كما غنى العابرون الى حتفهم ...غداً تسكن الروح أعشاش الماء.

بتريشيا...هل أعجبك بنٌ الأستانة ؟؟
نعم...
للخطوة حذاء وجرس في الرماد

ربما سأكتفي بما قاله النادل لي ...
كأسُك ، دون أن تشير الي ،ْ امتلأ صدفة ..
عمرُك ، دون أن تشير اليه ، تجاوز عمرَه صدفة..
إلا شِعرك ، هذا الكائن الحي، لا يعترف بالصدفة ...

إني أراك الآن قصيدةً على هودج كأسِك المئة ..

يا.. أيها المحارب الشرس ساعة احتسائِك للغيمة البكرِ ...كم أنت جميلٌ في حضرة العنب..
قل لتلك الوجوه التي تمارس سكرها أنك الفاتح باب النبيذ .......
.......
......
وأنك الداخل الفرد ، المتفرد ، الجمع لخمارات الأرض ومزارع العنب ..
.....
...
ارفع يدك نخبَ يدِك وقل : اكتبي الآن ما أستطيع وما لا أستطيع
فأنت الوحيد الجريء القادر على استرجاع خيط ماءٍ تجاوز مساحة الممكن

سأكتفي الآن بتلك الرسوم المتحركة :
رأس سمكة مشوية
بقايا حسك
قطةٌ صديقةٌ تنتظر زكاة السكارى ...
وجها لوجه أفتش في تلك الخانة المتيقظة تلك التي لا يطالها الخمر عن سبب مقنع لوحشيتي...
لماذا أكلت هذه السمكة ؟!
أحاول أن أترجم ما قاله النادل ، أضع بقايا رأسها في هذا الكأس الذي امتلأ صدفة ، عودي إلى سيرتك الاولى، هو سعرك خمسون سنتاً ولي في الجيب ما يكفي لأعلو بذاكرتي الى سدرة وعي جميل ..
هذه أصابعي تمد لك تلك الصلصة الحمراء كأنني أطعمك دمي
ها أنا ايضا اطعم وجهَ النبيذ ملح الاصابع لأستنبت لك البحرَ من أول حانةٍ الى آخر حانة ..
خمسون متراً تكفي كي أُغرِق ذنبي في الملح ..
خمسون سنتاً لا تكفي سمكةً مقتولةً على الفحم ..
ها أنا أقاطع تلك القطة ..وأقاطع خطوتي التي اعتادت على الشاطئ
انظري كم أنا جميلٌ وطيب
أطعمك الصلصة كأنني أطعمك دمي ، أطعمك رسما للبحر ورائحة فمي...عودي الى سيرتك الأولى
لم يهزمني الموت قط ولم اكن قِطاً ..لكنني
سأكتفي بما لم يقله النادل لي : بيني وبين الحياة لعبةُ الماتادور
ليت الصياد لم يرم شبكة
ليت صاحب الحانة لم يوقد لي فحماً
ليت الموجة لم تخن ولم ترم لنا سمكة
الآن أيضا سأكتفي بما أعرفه ولا يعرفه النادل...
لست السيف
ولست الدم
لست قطا......
ولست الجمر
ولست ذاك الثور
أنا القصيدة...
أنا الحياة...
أنا المدينة...
فقط...ليتني كنت شاعرًا عاشباً ...

بتريشيا هل أعجبك بنٌ الأستانة ؟؟
يا علي...
للخطوة حذاء وجرس في الرماد
نعم..
وطني طفل..وأنا طفل..
ذاك البحر...يومي الأزرقْ
جاء لا يشبهني..
يشبه وجه البحر...
قال:
ساعلمك أسماء الوطن الحسنى...
خلعت جدار البيت وقلت:نعم
خذ نصف الذاكرة كي لا تتعقب كل الذاكرة
خذ قلبك قطعة خبز
ويدك أسفل يدك
لئلا...
يذهب جلدك قفازات لنساء القصر..
أو غطاء مرحاض ملكي..
مددت له نصف الخبز وقلت:نعم...الوطن الوطن وقلت:نعم

خذ دمك بين أصابعك واكتب...خلعت أظافري ايضا وكتبت: نعم
الوطن..الوطن وقلت: نعم..

ربك القصر...وأمك الأرض..
أخرجت الصوت من حنجرتي وقلت وقلت.......وقلت: نعم

أنا هذا الطفل المسكين معي ثقب في الذاكرة
سأراقب حنجرتي كي لا تخطئ..
سأردد أسماء الوطن الحسنى ومعي ظلي كي لا أخطئ

ثمة من ينبش خاصرة الوطن من جهة البحر..
أنا لا أعرف عن البحر إلا ذاك اللون الأزرق
مذ سيجني إله الفقر وأنا أحتفظ بقطعة طبشور أزرق...
ويومي الأزرق..ولوح مدرسة أزرق

جهزت صهيل نشيدي ورحلت..
قلت: سيدخلني الرب جنات القصر الخلد.
ستمنحني الأرض مدرسة..
ترابا بنيا كحبات اللوز... وبيتا تسكنه عاشقتي.. وأطفال برائحة الزهر..

سأشرب من البحر حتى يغتسل دمي من ذاك اللون المشبوه الأزرق..

ها قد عدت من الحرب ومعي كلب لا أعرفه..معي علب سردين لعبا لأطفال الحي برائحة البحر الأزرق

ها قد عدت ومعي ظلي يتبعني،، كاد الكلب أن يقتلني
حين نبش الظل وجه اللغم..

ها قد عدت مشيا على الأقدام...
بيدي نصف حذاء حين أتعبه السير، مددت له لحمي الأزرق..

إله الفقر لماذا يرافقني ذاك اللون الأزرق.....
وطني طفل وأنا طفل
حنجرتي تتقيأ تلك الأسماء الحسنى

...ها قد عدت والكلب يبتسم.....كل ما كان يشغلني متى أبتسم..؟؟

الشجر الأعرج قال: سأحمل نصف خطوتك ياطفلي..
الحجر الكلسي قال: سأدفئ جرحك يا طفلي..حتى المطر العاقر منذ مطر مخصي قال:ساغسل وجهك يا طفلي
وطني طفل...وأنا طفل

هل....
هل عدت حقا مهزوما..؟؟
هل حقا عدت...منتصرا..؟؟
نشيدي وطني طفلي يغرق في الوحل
وأنا أغرق كأمنية في ثقب ذاكرتي
لا قطط هنا تتبعني
لا أطفال هنا أفاجئهم بعلب سردين زرقاء كرائحة البحر.
الوطن طفل...وأنا طفل
إله الحرب...الكلب أكل حنجرتي...ذاك الكلب كان يتبعني
البحر...أزرق
اللوح...أزرق
وأنا يا وطني هذا الطفل الأزرق...

ها قد عدت والأرض تعزفها إمرأة عزباء..تنتظر وطنا..تنتظر طفلا..لا يشبه ذاك اللون الأزرق
طفل يقفز فوق البحر
يرسم في الأزرق إله ذاك اللون الابيضْ

بتريشيا هل اعجبك بنٌ الأستانة ؟؟
إني أتنفس حبرا يا علي

نعم...
للخطوة حذاء
وجرس في الرماد

# آل عمار.
متابعة : سهام بن حمودة
Reactions

تعليقات