القائمة الرئيسية

الصفحات


"الفَانْتْوِيتْ"2
التفت جميع منتظري الحافلة الى اتجاهها الذي تأتي منه ظنا منهم أنها قدمت فاستعدوا حين سمعوا صرخة "وليد " فانتويت " ولم يدركو ا أنها كنية "رابح " وحين لم يجدوا الحافلة
أيقنوا أنها سخافة من سخافات بعض الرّكاب حين يملّون طول الانتظار .
ربّت "رابح "على كتف "وليد "وسأله عن صحّته وعن الأهل وعن الأصحاب وعن المدينة والمعهد دون ان ينتظر اجابة "وليد" الذي كان يكتفي بكلمة "لاباس" لاباس" أمام غزارة أسئلة "رابح " الذي لم يعطه فرصة للجواب ولم يقبل اعتذاره حين أراد أن يأخذه معه الى المقهى مرددا :
"لا لا توّه نمشاوه نعملو قهوة " ودفعه نحو سيارته البيضاء "فورد اسكورت" حاثا اياه
"اركب اركب" وجذب بابه وداس دواسة "الدبرياج "وحوّل عتلة السّرعة الى "الدّوزيام" وداس دواسة البنزين تزامنا مع فتح المكبح اليدوي فانطلقت السّيارة في
اتجاه مقهى "لافريكا" محدثة صواتا مزمجرا مع أزيز المكابح.
وعادت الذكريات ب"وليد " الى القاعة رقم ستة الى مقعده الأول بالصّف الأوسط الى استاذة الفرنسية وهي تقف أمام "رابح" بجسمها الضّخم الفارع وبوجهها المستدير وبملامحها الرّقيقة وبشعرها الحنّائي المشدود الى الخلف وبفستانها الرّمادي الموشى بوريقات سوداء وبصندلها ذي السّيور البيضاء الرّقيقة والكعب الدقيق العالى وقدميها التي تفيض منه .
"مدام جليلة" السيدة "البَلدية " التي تتكلّم" القالة" بلكنة حلوة على خلاف زوجها ابن البلد الطويل النّحيل الهادئ الطّبع ذو الشعر الأسود الطويل السّبط يدعى "سي جمال " وهو استاذ مثلها يساري الاتجاه يختلف مع زوجته في نطق حرف "آر" الفرنسي التي تصرّ "مدام جليلة "على نطقه "آغ "في حين لا يولي" سي جمال " لذلك اهتماما
وقفت "مدام جليلة " بجلالة قدرها قائلة "ا سمع ماعادش تحضرلي "رابح " إنت تدور من بقعة لبقعة و تجيني موخر "كالفانتويت "
فانفجر التلاميذ ضحكا مردّدين "مدام ... مدام هو رقمو في دفتر المناداة "فانتويت"
وضحك الجميع وغادر رابح الفصل غير آبه . فهو لم يكن التلميذ الحريص على دروسه لا في مادة الفرنسية ولا في غيرها ولم يحصّل من العلم شيئا غير لقب "الفانتويت"
فكثيرا ما تراه يجوب الأروقة ذهابا و إيابا أو أمام مكتب النّاظر او المدير على إثر شكاية احد المواطنين ضبطه داخل حديقة منزله يجني بعض غلالها قبل أن تنضج أو كنت تراه يوم الخميس ينتظر والده في السّاحة الى جانب "الريفكتوار" ليحصل على بعض
" المصروف" يأتي العم خميس من" الرّحامنة" على قدميه ومعه "علبة البسيسة "وقطع الخبز "المبسس " مصرورا في منديل كتاني في "فيلية" نيلون زرقاء
ويقدّمها إليه "قائلا "بعثتهم لك امك فزّت تحضر فيهم من الفجر قتلك اقرا على روحك ولدي واطلع راجل "
شاع أمر "رابح" وكنيته بين جميع التلاميذ و الاساتذة الذين يغضّون عنه الطرف إن حضر متأخرا إلا "مدام جليلة" فهي لا تقبل اعتذاراته و إلحاحه وترجّيه و تجهّيه بابنتها "أحلام " ورغم تنبيهه عليه بعدم ذكر اسمها إلا أنه يصرّ قائلا "يا مدام يعيشك براس أحلام " فتستشيط "مدام جليلة" غضبا قائلة "مارد" وتزداد اصرارا على أن لا تقبله في حصتها قائلة "أنا مانحبكش نكرهك ، حتي رقم فانتويت نكرهو ّ" صوغ او جفي ابلي لو دغكتاغ" أي غادر او سأحضر لك المدير باللغة الفرنسية فلا يفهمها فتدفعة بيدها من كتفه وتوصد باب قاعة الدرس .... 
يتبع 
نصر العماري
Reactions

تعليقات