القائمة الرئيسية

الصفحات

رسالة رجل دولة "سلام نانا" - نادية نواصر


رسالة رجل دولة
سلام نانا

اعرف انك ستقرئين رسالتي وستكتفين بالصمت..اكتب اليك من بلدة بعيدة لا استطيع ان احدد لك موقعي الجغرافي ولا ان اذكر لك اسم هذه البلاد التي تحتضن رجلا قويا في نفوذه ومهزوما في عواطفه..
لا زلت اذكر ذلك اليوم الذي دخلت فيه مكتبي..ذلك اليوم الرائع المشمس....حيث رائحة الملح تنبعث من البحر وتخترق منافذ مكتبي ..اول شيء شدني اليك وانا اصافحك عيناك يانانا...
حين جلست بكل رزانة على الكرسي المقابل وددت لو تبقين لساعات وساعات وانت امامي..حتى اتملاك لمدة اطول..
لقد جئت لاجل مشروعك وكنت تحدثينني عنه بكل جدية وبكل براءة..اما انا اصدقك القول انني كنت اود تعطيلك . لقد كانت لي فيك مارب اخرى..
نانا لا تفهمي قصدي فهما خاطئا كنت اعرف مقامك جيدا وكنت بين الجنة والنار بين اعجابي وجنوني وبين التزامي بما عاهدت عليه الله ابان قيامي بمناسك الحج..
فرايت فيك الهرم المبهر الذي يشع بالاغراء. اشياء كثيرة زعزعها حضورك . ولكن ..اجل انت ذلك الهرم الذي لا تستطيع لمسه وفي نفس الوقت لا تستطيع ان تفرط فيه
وددت فقط ان اقول لك شكرا لذلك السياسي الذي ارسلك الي...ان من تمرين عليه يا نانا لا يستطيع نسيانك ايتها الانثى الاستثنائية...لقد تعرفت في حياتي الى عدد لا يحصى ولا يعد من النساء...كلهن مررن بحياتي كورقة حملتها الرياح الى اماكن النسيان اما انت ...وحدك من نحت صورتك على جدار الروح...وحدك من بقيت عالقة بالذكرى..
لا ادري يا نانا من اول لقاء عملي حكيت لك عن زواجي الاول والثاني تجربتين فاشلتين...وثقت بك لاول وهلة مع ان لقاءنا كان عمليا...ولا ادري كيف صارحتك بمهمتي السرية
حين سالتني هل انت من حزب معين ؟
فاجبتك دون ان اشعر بالرغبة في التستر عن مهمتي. دع الامر بيننا انا من المخابرات...مخابرات يانانا. ثلاث سنوات وانا هنا وحيدا اتجنب الناس والزحام لدرجة ان رغبة في البكاء تنتابني رغم قوتي..اين كنت يا نانا خلال ذلك الزمن الموحش. ؟ لماذا لم تبحثي عني.. ؟
ما اجملك نانا بكل مقاييس الجمال ..هل تذكرين انني تجرات وغازلتك ولمحت الخجل يكسو محياك وسالتك عن نوع عطرك واثنيت على الوان ملابسك..وطرحت عليك سؤالا محرجا..لماذا لم تتزوجي بعد وفاة زوجك. انت جميلة والف من يتمناك..؟ اعذريني نانا حين سالتك ادمعت عيناك العسليتان الجميلتان ولاح بريقهما الزجاجي. اعذريني..
نعم تجرات ووثقت وصارحتك : انا من المخابرات.. وكان ردك لا تخف سرك في بير..عليك امان الله.
نانا بعض الاشخاص نلتقي بهم في حياتنا فلا نستطيع ان نلغي صورهم من الذاكرة ولعله هذا هو الدافع الذي دفعني الى الكتابة اليك الان.. ليس المهم ان اتلقى منك ردا المهم ان تدركي من كنت بالنسبة الي..
اذكر انك قلت لي دعنا في الحديث عن المشروع الذي جئتك من اجله..لان الحكمة تقول لي لا تعشقي رجل الاعمال والسياسي...كنت كلك حكمة ورزانة وكنت اعرف انك شيئا نبيلا مقدسا يجب الحفاظ على طهارته...لذلك لم اتجرا لالمسك او اقترب منك مع انها كانت رغبتي التي تحرق كوامني وتدفعني الى ذلك..ومع ذلك سمحت لنفسي بان اتدخل في حياتك حين قلت لك : ( ابقاي عاقلة نانا ليس من السهل في هذا المجتمع ان تكوني ارملة وجميلة ) كنت اشعر بالغيرة عليك رغم ان الظرف كان يقول انك لست لي.
ما اصعب هذا الشعور يا نانا..! انه يشبه الوقوف بين الجنة والنار فلا انا كنت استطيع الحصول عليك ولا الاحتفاظ بك ولا انا كنت استطيع ان اتخيلك مع غيري . موجع حد الموت هذا الشعور يانانا...لقد التقيت بك في زمن ليس لنا. قلت لك ان البلاد ليست على ما يرام...وان الامور ليست بخير والله اعلم بالنتائج وما ستقودنا اليه ثورة هذا الشعب. وليس من المستبعد ان اتلقى رصاصة تنهي حياتي يا نانا..
نانا الجميلة...انني اقرا اشعارك التي تفتت الصخر وتهز الجبال...مجنون ومعتوه من لا يعشقك حد الجنون. ولا يحافظ عليك في شغاف روحه.. انني اقرا اشعارك من بعيد ففيها من الدفء ما يخرجني من قسوة السياسة ومخاوف الاتي..ذلك الاتي الذي احمله في قدري...ذلك الاتي الذي ينام ويستيقظ معي بكل طلاسمه..
نعم يا نانا اقرا لك واغوص في كل حرف انا اعشق الشعر واعرض اشعارك على اصدقائي في السلك الدبلوماسي وفي الامن وهم يكنون لك كل الاعجاب وفيهم من يتمنى ان يلتقي بك ولو لدقيقة
لا تتوقفي عن كتابة الشعر يا امراة من بلور..
دعينا نقرا لك ونغتسل في بحيرة مائك لننسى من نحن..
نانا يا امرة نادرة..لا تتكرر..من مكاني المجهول.. ومن روحي التي لا زلت تقيمين فيها..اكتب اليك.
كوني سعيدة....العمر واحد.. قد اكتب اليك لاحقا...وقد اختفي نهائيا انا رجل لست ملكا لروحي اما انت فملك لهذه الروح التي عجزت عن نسيانك
هذه رسالتي لا ادري ال.. كم. واعرف انك ستقرئين وستلتزمين الصمت.
الامضاء (.... )
من بلدة (.... )
Reactions

تعليقات