القائمة الرئيسية

الصفحات

الحروف المتمردة (الجزء الثالث) - عزالدين الزريويل


الحروف المتمردة[الجزء الثالث]

قرر الكاتب أن يبحث في الأمر، رأى نفسه يعود إلى المنزل، ويتجه مباشرة إلى مكتبه حيث وضع أخر مرة نصه الجديد[...]، أخذ الأوراق وشرع في قراءتها بصوت يكاد يكون همساً، تعجب مرة أخرى من عبثية الحروف وخروجها من سياقاتها السابقة، عاين فوضى في المعنى وترتيب الحروف.
كانت الحروف تمشي مسرعة لتختفي من جديد. فجأة وجد الكاتب نفسه داخل النص، يبحث داخله عن أفكاره التي عبر عنها بالأمس، يحاول أن يقاوم البياض الذي خلفه رحيل الحروف بعد تمردها.
وهو يمشي داخل نصه، سمع الكاتب همهمات وأصوات تتعالى من داخل غرفة سوداء، فإتجه نحوها ليجد حروفه داخلها تتابع خطاب المخبر، وهو يحذرها من مغبة الإنصياع لرغبة الكاتب في كتابة نصه، وبين الفينة والأخرى كان المخبر يلوح لها بأوراق، ويشير إلى مواد في القانون تعاقب كل شخص حاول أن يكتب نصاً خارج إرادة حاكم المدينة.
كانت الحروف تتابع خطاب المخبر بإهتمام كبير، وقد تزاحمت داخل القاعة السوداء في فوضى، وبعضها يحاول أن يتقدم إلى الأمام في مشهد من التدافع والصراع العبثي.
نجح الكاتب في التقدم نحو المنصة، حيث كان المخبر يلقي خطابه التحريضي، يدعو فيه الحروف إلى التمرد على الكاتب، والخروج من سياق نصه مهدداً إياها بالسجن[...] لم تهتم الحروف لدخول كاتبها، واستمرت في متابعة تعليمات المخبر.
صعد الكاتب إلى المنصة، ودفع المخبر وأمر حروفه بالهدوء، فذكرها بكرامتها وحريتها وأن اللغة هي وعاء الحرية وطريق الخلاص من المستبدين[...]
تشجعت بعض الحروف، فهتفت بحياة كاتبها، فتبعتها البقية، وعادت إلى نصها السابق مشكلة فقراته ومحافظة على معاناه الأصلي[...] قبل أن يفر المخبر خارج النص وهو يتأبط خيبته.
كان الكاتب مسروراً قبل أن يستيقظ على وقع ضجة قرب مكتبه،
عندما وجد مديره وعناصر من شرطة الفكر، والمدير  يشير إليه قائلاً: إنه صاحب المقال.
توجه الشرطي إلى الكاتب فصفده، وحمله إلى سيارة سوداء نقلته إلى وجهة مجهولة برفقة نصه.

عزالدين الزريويل
Reactions

تعليقات