القائمة الرئيسية

الصفحات

الشاعر د. احمد الخيال الجنابي : الشعر هوية الشعوب وناقل أمين لثقافاتهم وعقائدهم عبر الزمن - دنيا علي الحسني



الشاعر د. احمد الخيال الجنابي :
الشعر هوية الشعوب وناقل أمين لثقافاتهم وعقائدهم عبر الزمن.
حاوره / دنيا علي الحسني .


الشعر شجرة وارفة التواصل لثقافات وعقائد الشعوب عبر الزمن ويبقى رسول بين النفوس الشفافة والملاذ إلى جانب الفنون الاخرى، يغذي ويبعث في النفوس ما هو كامن معنا في السراء والضراء يصحبنا في الصحاري، وعلى الشطآن وفي الغابات، واللقاء بالشعراء محاولة للغوص في حنايا، ومسامات القصيدة، والتقرب من عالمهم يبعث الكثير من المشاعر التي غفت، وربما استكانت أمام اوجاعها .
( مجلة بويب الثقافية ) كان لها لقاء مع الشاعر( الجنابي) ووجهت له عدة أسئلة، في حوار شيق وممتع ورؤية بما قاله وبسطه بالإجابة، عن تكوينه ورؤيته وعلاقته بالأدب والمشهد الثقافي .

* تقول القصيدة ( صمت داوود ) :
أوجعت قلبك كم جرح ستقطبُه
وكم نهار فقير الضوء ترقبه
مروا على نخلك الموال ذاكرةً
من الأراجيح والأيام تحطبُه
أرى قصيدتك محملة بدلالات الصمت الذي ينطق عن خلجات الصدر التي تتوارد بها يا وطن النائيات ؟ ماذا يمثل إليك هذا الرأي .؟

- الصمت لغة الروح وملاذها في هذا العالم المتغير، فالشاعر محاصر بقوانين أرضية يصعب عليه تحملها لذا هو يصرخ بمليء فمه في عوالم قصائده، وهناك قلة من ينصت إلى روح الشاعر فكأنه يكلم نفسه فيرتد الصوت إلى داخله ، فدلالات الصمت هي منفذ الشاعر ليشيع الجمال مقابلا للقبح ، فكل ما حولنا لا يطمئن الشاعر ولا يحاكي رغباته الانسانية، فالشعر مهرب لذيذ يأخذ الشاعر بعيدا عن دراميكية الحياة وتعقيداتها.

* هل تؤمن بأن القصيدة الوطنية تمتلك جاذبية أكثر من أصناف الشعر الأخرى .؟- الشعر الوطني لا يختلف عن باقي أغراض الشعر الأخرى، فالقصيدة تكون مؤثرة في المتلقي إذا ما أثثت لحضورها بسمات الأبداع، والقصيدة الوطنية تكون مؤثرة لسببين، الأول: قدرة شاعرها على إبداعها على وفق مقاييس الإبداع المعاصرة لتكون قريبة من ذائقة المتلقي ومُحركة له، الثاني: المناسبة التي كتبت فيها القصيدة، وكلما كانت القضية الوطنية معاصرة وتعد هما قريبا من أغلب أبناء الوطن كان تأثير القصيدة أكبر لذا فجاذبية القصيدة الوطنية نسبية تعتمد على أمور كثيرة، مثلا الشعوب المرفهة السعيدة في أوطانها لا يحتاج الشعراء فيها للحديث عن الوطن كثيرا، والعكس صحيح.

* هناك إختلاف بين الشعراء والأدباء في نظرتهم إلى رسالة الشعر والأدب ما مدى رؤيتكم حول رسالة الشعر والأدب عموما.؟- رسالة الشعر خاصة والأدب عامة رسالة إنسانية جمالية، فالشاعر دائما ينادي ليكون الانسان في أعلى درجة من الإنسانية والسمو والتحرّر من قيد الجهل ، فما زال الشعراء يرسمون العوالم الحالمة لإنقاذ الناس من وهم الواقع، ويمكن تمثيله بحبّة (براستيمول) لتخفيف صداع الحياة والشعر يحمل بين طيّاتها رسائل مشفرة غير مقصودة من قبل الشعراء، فهو هوية الشعوب وناقل أمين لثقافاتهم وعقائدهم عبر الزمن ، فهو من هذا الجانب يمثّل وثيقة اجتماعية مهمة ودليل على تطور العقل ونضجه خلال العصور المتتابعة .

* لكل شاعر طقوسه الخاصة يمارسها أثناء كتابة القصيدة
فما هي هذه الطقوس التي تمارسها .؟

-طقوسي بسيطة جدا، شاي و سجائر وعزلة وصوت أم كلثوم أختلي بنفسي إلى درجة الاحساس بالغربة عن هذا العالم، ثم أشرع في الكتابة بلا وعي.

* يتميز شعرك بالعمق والإيحاء والجمال ماهي مصادر إلهامك الشعري .؟
- قراءاتي متعددة ومتنوعة، أعطتني لغة خاصة وخزينا لغويا جيدا أستطيع من خلاله أن أحاور الحياة شعرا، فضلا عن الأحداث الكثيرة التي مرت على العراق جعلت الشعر العراقي يتميز بالحزن الشفيف بصورة عامة، ومن ثم الرغبة في العشق المثالي والبحث عن الحقيقة خارج ما هو مألوف، وأنا أؤمن أن الشعر يبدأ بجمرة عشق ومن ثمّ يتسع ويتوقّد إلى أن يشمل الحقائق كلّها ولا حدّ له.

* ما مدى محاكاة الشعر اليوم عن الواقع وهل يتطرق الى حلول لهذا الواقع .؟
- الشعر غير معني بوضع الحلول
لمشكلات الواقع سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أم غيرها نعم، هو يتناول كل هذا بتمويه جمالي مؤثر ليسهم في رفع مستوى الوعي لدى الناس، فالشعر الرسالي - أي الذي يحمل رسالة معينة مهما كان شكلها - ليس من وظائفه وضع الحلول بقدر ما يشير إليها من بعيد ليعزّز من قدرة المتلقي على فهم الواقع وحسب.

* ما رأيك بقصيدة النثر والى ماذا يشير اقبال الكثير من الشعراء على كتابة هذا النوع من الشعر. ؟
- قصيدة النثر هي مثال على نضج العقل الجمالي وعلى تطور الذائقة الشعرية للمتلقي المعاصر، لكن ما أساء إليها استسهال كتابتها من قبل الكثير دون أن يدركوا أنهم خارج أسوراها وقواعدها فهي بوصفها جنسا أدبيا أعقد من باقي الاجناس الشعرية وتحتاج إلى مقدرة فائقة من الشاعر ليستطيع كتابة قصيدة نثر حقيقة أما ما نقرأه الآن من نماذج فهو في أغلبه لا يتعدى حدود الخاطرة أو الرسائل الأدبية المكثفة وغير ممثل لقصيدة النثر.

* لماذا الغموض في القصيدة قد يؤدي الى ابتعاد القراء عنها وما اهميته في الشعر . ؟
- الغموض الفني مطلوب في القصيدة لتحقق ادهاشها المطلوب وإخفاء إيحاءاتها اللانهائية لتكون مصدر التخييل الذي يثير التلقي، أما الغموض النابع من التعقيد في الأسلوب أو الألفاظ فهو بعيد كل البعد عن حقيقة الشعر.

* الشعر موجود بكثافة اين النقد عن الساحة الثقافية .؟
- الحقيقة أن النقد بعيد جدا عن ما يجري من تطور في الساحة الشعرية وإن ظهر فإنه في أغلب الأحيان يكون نقداً مجاملا بعيدا عن النظرة الشمولية للحقيقة الشعرية المعاصرة إلا ما ندر، لكن هذا القليل من النقاد المخلصين غير قادرين على استيعاب الثورة الشعرية الهائلة، فهم في صدمة من تداخل أدوات التعبير وأشكالها فضلا عن غياب الرؤية النقدية السليمة التي لها القدرة على تفسير ما يجري لذا أقول أن النقد العراقي خاصة والعربي عامة ليس بخير.

* من هم الشعراء كان لهم التأثير عليك وعلى نهجك في مسيرتك الشعرية؟- بداية كان التأثير الأول لأخي المرحوم الشاعر ماجد جاسم مسلم فهو من أخذ بيدي وعلّمني أصول كتابة الشعر ، ومن ثمّ أثّر في الشاعر العراقي وسام هاشم في ديوانه الأول (سهول في قفص)، ومن ثم شعراء قصيدة الشعر هذه الجماعة التي تأسست في بغداد / الرصافة عام 1997، وخاصة الشاعر المرحوم رشيد الدليمي وكانت للرسائل الخطية التي تصل إليّ منه أثر كبير فيّ ولا أنسى فضل زملائي الشعراء حسين الجار الله ومسلم القاسمي وناصر أبو الورد وعمار الصلف.

* كلمة أخيرة ممكن إن تقولها ؟- في الختام يطيب لي أن أقدم وافر الشكر والتقدير والمحبة للإعلامية والشاعرة دنيا علي الحسني، لطبيعة أسئلتها الواعية وحرصها واهتمامها لتسليط الضوء على الشعراء ومحاورتهم فلها منّي ولقراء ( مجلة بويب الثقافية ) كل التحايا .

السيرة الذاتية :
أ. م . د. أحمد جاسم آل مسيلم الخيّال الجنابي ، ولد في مدينة القاسم/ حي القديمة عام 1968 وأكمل الابتدائية في مدرسة موسى ابن النصير عام 1974، والاعدادية في ثانوية القاسم، اكمل بكالوريوس / لغة عربية في كلية الآداب جامعة بغداد في عام 1992، ثم الماجستير من كلية الآداب جامعة القادسية عام 2008 والدكتوراه في عام 2013 من كلية التربية جامعة بابل.
كتب الشعر منذ الصغر ونشرت له اول قصيدة في جريدة عام 1986 وكان حينها في الرابع الاعدادي، وايضا كتب القصة القصيرة ونشرت له اربع قصص في مجلة الطليعة الادبية قبل 3003.

- عضو إتحاد أدباء العراق
- عضو جمعية الراواد الثقافية/ المركز العام بابل
- رئيس المنتدى الأدبي في مدينة القاسم
- رئيس الهيئة الاستشارية للبيت الثقافي في مدينة القاسم
- دكتوراه في البلاغة العربية وعلم النص
- استاذ في الكلية التربوية المفتوحة/ مركز بابل
- استاذ في كلية المعارف الاسلامية في كربلاء
- رئيس تحرير مجلة المحقق العلمية المحكمة التي تصدر في الحلة/ سابقا
- حائز على المركز الثاني لمسابقة القصة القصيرة التي أقامتها كلية الآداب/ جامعة بغداد، عام 1993 عن قصة (الحلم) ونُشرت القصة في مجلة الطليعة الأدبية عام 1999م.
-حائز على المركز الأول في مسابقة الجود العالمية الخامسة للشعر التي أقامتها العتبة العباسية المقدسة عن قصيدة (سجدةٌ...على أرض الجود) 2014م
- حائز على جائزة سيد الأوصياء للشعر عن قصيدة (تأويل نبوءة العشب) التي أقامتها أمانة مسجد الكوفة المقدس، لمناسبة مرور أربعة عشر قرنا على دخول الإمام علي عليه السلام مدينة الكوفة، 2016م.
- حائز على المركز الثالث في مسابقة (بهم انتصرنا) لنصرة الحشد الشعبي التي اقامتها العتبة الحسينية عن قصيدة (العاشق السماوي) 2016.
- حائز على جائزة كركوك للقصة القصيرة عام 2017
- الفائز بجائزة شاعر الحسين ع في البحرين 2018
- مشاركة واسعة في المؤتمرات البحثية العلمية داخل العراق، فضلا عن نشر أبحاث علمية محمكة في أكثر من مجلة علمية تهتم بهذا الشأن، وتبلغ الأبحاث المنشورة خمسة عشر بحثاً.

صدر له : -
- المباحث البلاغية في المطبوع من تفسير مواهب الرحمن، دار الضياء ، النجف الأشرف، 2011م.
- المثال الالهي علي بن ابي طالب عليه السلام، مؤسسة البلاغ بيروت - لبنان، 2014م.
- ديوان شعري (أضرحة الماء)2015م.. دار الضياء.
- ديوان شعري ( يقظة النعناع) عن دار الفرات للثقافة 2015م
- الأشكال البديعية في القران الكريم: دراسة في ضوء مفاهيم علم النص، الشركة العربية المتحدة، القاهرة- مصر: 2017م.
- نهاراتٌ شطبتها التقاويم ، مجموعة شعرية، مصر- دار النخبة، 2018م.
- المباحث البلاغية في المطبوع من تفسير مواهب الرحمن، طبعة ثانية 2018م، بيروت
- الامام الحسين عليه السلام.. شخصيته وسماته الروحية ، دار الصادق، بابل، 2020.
- مجموعة قصصية مخطوطة (مشاعر بدائية)، نشرت أغلب قصصها قبل عام 2003م في المجلات العراقية ، منها اربع قصص في مجلة الطليعة الأدبية.
-(حين يرسم الناي)..مجموعة شعرية مخطوطة.
- دراسات بلاغية وثقافية (كتاب مخطوط)
- تحقيق ديوان احمد السبعي
(ت: 860هـ)، تحت الطبع.

ونشرت له أيضا بحوث محكمة كثيرة في مختلف المجلات العراقية فضلا عن مشاركات كثيرة في المهرجانات الشعرية والعلمية.
اتحفنا بقصائدة الرائعة :
القصيدة:
(صمت داوود)
أوجعْتَ قلبَك كم جرحٍ ستقطبُهُ
وكم نهارٍ فقيرٍ الضوء ترقبهُ
مرّوا على نخلِك الموّالِ ذاكرةً
من الأراجيحِ والأيامُ تحطبُهُ
مسافرٌ موجهُ البريُّ أغنيةٌ
وساحلُ القبلةِ الأولى تعذّبُه
يا أيها الماءُ صلّى وحيُ غربتِنا
فارتابَ من دمنا الظمآنِ حوأبُه
كنّا سُلالاتِ بردٍ مَن يُدفئنا ؟!!
وثلجُ أسمائنا لا صيفَ يقربُه
بين الفراتينِ خمرُ العطرِ يسكرُنا
وضاعَ بين الفراتيينَ مشربُه
الله يا وطنَ النايات كم تعبتْ
أيّامُنا ومنايانا تهذّبهُ
منفى مراياك عذرُ الطين أسئلتي
ووجهُ دمعك قرب النهرِ نشطبُه
وصمتُ داوود مزمارٌ يكلّمنا
وحولنا غلظةُ الأسماعِ تصلبُه

(أسرعْ)
أسرعْ ...
هناك سؤالٌ يعدو خلفك
وسؤالٌ يمطر أمامك
وأسئلةٌ كثيرةٌ تنتظر لتنمو كالعشب تحت أقدامك
وسؤالٌ مجهولٌ بلا لسانٍ
ينتظر اللغة الأخيرةَ ليضيءَ الظلَّ لها
الحربُ بلا فمٍ إلى الآن
والصياحُ اللعين هو شهوةُ الرصاصة قبل الموت
أيها العشبُ
البلادُ القليلة تنامُ بلا ضفائرها
النوم يسرع إليها
وأنتِ هناكَ...
في مجرّة الكحل تتسلقين نهدَ الخلاص
الطريقُ خاليةٌ إليكِ
والبلادُ خاليةٌ منّي
والمدفعُ الغبي
ليس سوى ثقب كبيرٍ في تلويحةِ السوسن
أسرعْ...
فالأنهارُ جزءٌ من المؤامرة
حين يبتلُّ الماءُ بابتسامتها
والبلادُ..
كملامحها تختفي في المرأة ..
Reactions

تعليقات