القائمة الرئيسية

الصفحات



وفي الركْنِ من شدّة البرْدِ
خشْخاشة يتنفّضُ،
أشْعلَ أرْشيفَه العاطفيّ
ومَا طالهُ الدفْءُ،
أشْعل ألْبُومَه العائليّ
ومَا طالهُ الدفءُ،
أشْعلَ سجّادَهُ الفارسيّ
ومَا طالهُ الدفْءُ،
أشْعلَ غرْبالَ حنْطةِ جدّته النّخلة الكاهنةْ
ومَا طالهُ الدفءُ،
أشْعَلَ ألْواحَ أسْتاذه الجامعيّ
عن النظم والوزْن والقَافيهْ
ومَا طاله الدفْءُ،
أشْعَلَ قافيةً منْ معلّقةِ امْرىء القيْسِ،
بيْتيْن منْ حِكم الزّمن الجَاهليّ الرّحيم
وفصْلاً من المثْنوي
ومَا طالهُ الدفْء،ُ
أشْعلَ مرْوحةَ السّعفِ الهشّ
أسْماله الرثّة المشْتراة من الروب فيكا
ومَا طالهُ الدفْءُ،
أشْعَلَ خارطةَ العالم المسْخ
رُوزْنامة القَشّ،
والعنْتريّاتِ من إرْثه العصبيّ،
ومَا طاله الدفْءُ،
أشْعَلَ فاتورة الماءِ والحلمِ والكهْرباء
وما طاله الدفْءُ،
أشْعَلَ جُوكيرَهُ الجِنرالَ،
وَكلُّ بيادق رقْعةِ شطرنْجه المرْتجَى
بعْدمَا دسَّ في جيْبه الملكةْ
وما طالهُ الدفْءُ،
أشْعَلَ رَفًّا من القهْقَهاتِ اللّقيطةِ
والصّور الملْصَقاتِ
لمادونةٍ مثلمَا قطةٌ تتسلّى بِعشّاقِها،
ثمَّ ترْمي بهمْ خلْفَهَا في الغَدير
ومَا طالهُ الدفْءُ،
أشْعلَ سيقانَ طاولةٍ والشّهادةَ،
في لُغة البدْو والمعْجزاتِ
وما طالَه الدفْءُ،
أشْعل آهِ الطواسين،
مخطوط هذي القصيدة مخضوبة بالرّعاف
وما طاله الدفءُ،
همَّ بإشْعالِ كاملِ غرْفته جسْمِهِ
عَثرتْ رَاحَتاهُ
على العلَم الوطنيّ المفدّى
تدثّرهُ،
بيْنما البرْدُ برْدانُ...
خَرّ علَى ركْبتيه أسًى
يطلبُ المغْفره
هكذا في أشدّ الهنيهات رعْبًا وصمْتًا
تيقّنَ كيْفَ إذنْ:
كيْف يدْرأ عنْهُ صقيعَ الشّتاء
شتاء الحكاية
..............
..............
.............

لكنّ طفْلَ السّباسبِ
هذا الشقيُّ الكُحوليّ
يقْتله الاشْتباهُ
بمنْ ترّكُوهُ،
ومَا ترَكوهُ،
ليدْركَه الانْتبَاهُ
ومَا ترَكُوهُ،
ليصْرخَ آهٍ،
وما تَرَكُوهُ،
لينْهضَ إلاَّ وقدْ سلّموهُ
إلَى سيْكَلوبِ الفرنْجةِ
كيْ يجْهزُوا مثْل شَاةٍ عليْهِ
وكيْ يدْفنُوا مَا تبقّى
من العظم منْهُ،
بختْمٍ من الباي
صوْنًا لعرْضِ الحَضَارةِ
والكائنِ البشريّ


من كتاب إبليس يعلن توبته

الشاعر صابر العبسي
متابعة : سهام بن حمودة
Reactions

تعليقات