القائمة الرئيسية

الصفحات

هنا مات وطني (الفصل الخامس عشر) - مهند كريم التميمي



الفصل الخامس عشر من قصة / هنا مات وطني ..
يا أنتِ , لما الصمت ,,,,, مالذي جرى لكِ ,,,,, هل أصابكِ شيء ,,,,, أخبريني ,,,,, ولما هذا البكاء وهذا الكم من النحيب المفطور الممجوج بالآسى , المكتنف الحمرة الهاطل بالدموع دون توقف ,,,,, أجيبيني ,,,,, كان يتسائلُ و يتسائل دون توقف , و يغوص في زجاج أعيني المكتنف بالدموع بلا إنتهاء , و أنا تلك العليلة , المنكسرة , الغارقة , المبعثرة في مصيبتي , أشبهُ بقارباً خشبي صغير , الذي حاصرهُ ذلك الأعصار المميت , و رطمهُ حتى هشم كل لوحاً به ثم أجبره على الغرق متلاشياً فوق قاع البحر دون نجاة ,,,,, ما زال يتسألُ و أنا أعيش حرباً طاحنةً لا مفر منها , ما بين ماضاً كان سبباً لهلاكي شيء فشيءً , و ما بين حاضراً قد أسقطني في ضربتة القاضية , حتى جعلني غير قادرة على الوقوف من جديد ,,,,,, كأن الماضي الأليم يأخذني من هذا المكان مسافراً ليحقق مأربه الحقيرة , ثم يحملني و يحملني و يحملني آلى الأعلى حتى قبة السماء , يقبض على جدائل شعري , ثم يلوح بي ,,,, و يرميني آلى قاع الأرض , ثم يعود بحملي مجدداً , ثم يرميني من جديد , مراراً و تكرارً , حتى تحطمت أخر عظمةً من عظام جسدي النحيل , دون رحمةً أو شفقة , حتى أجبرني على رفع رايتي البيضاء مستسلمةً أمام هذا المحقق , دون عنف أو تهديد , سأخبره بكل ما جرى دون أخفاء أي شيء , عسى في إعترافي هذا يكون حكمي أقل بكثير من أخفاء الحقيقة أو السكوت عنها , حينها سأقضي بقية حياتي سجينة مدى الحياة ,,,,, أشعرُ بأنهيار و تهالكاً في داخلي , كمدينةً جرفتها سيول نيران تلك الحمم البركانية الحارقة , وطماها ذلك الرماد أسود اللون الذي ألتهم جميع معالمها .
لا أخشى شيء بعد الأن , حتى و أن كلفني الأمر , بالإعتراف على ذلك العجوز الذي أهلك الكثير من العالمين بسبب أفعاله الخسيسة و تجارته المبطنة , التي هدمت و بعثرت و أسفرت بهم آلى الوقوع بالإنهيار التام , و بإعترافي سأكون أنا صاحبة القرار و المصير , و ما بين أرث ذلك الماضي و بين صدمتي بالحقيقة , صحوتُ على هزة أرضية عميقة كانت تصفع و تزلزلُ بدني المتهالك بالألم و المرار , و أذا بالمحقق يمسكني , من أكتافي و يهزني بقوة ليعيدني آلى رشدي دون أن يلتفت ما يقوم به , صحوت فجأةً من ذلك الكابوس الرهيب الذي سلبه ما سلبه مني حتى فقدان الوعي , نظر ألي حينها قائلا عجبتُ على سفرك الطويل بعد سؤالي أليك و أنتِ تنظري ألي بصمت بالغ دون ردود , أجبته بحزن أنا لم أسافر آلى مكان ما , بل كنتُ أعيشُ لحظات صراعاً قاتل , ما بين الماضي الذي حطمني كلياً , ثم حملني على كتفة كدمية صغيرة حتى صعد بي آلى ذلك الجرف الشاهقة , ثم رماني آلى تلك الهاوية بصورة جنونية , ليجعلُ مني بقايا حطام متناثر , يعجزُ حينها على لملمتي من جديد , قام المحقق مفزوعاً يقذف بكرسيه الخشبي يستشيط غيظاً , لا أدري مما به , منادياً على الحارس قائلاً , أيها الحارس أدخل على عجل , دخل الحارس علينا بسرعةً و هو يمزقني بنظراته المخيفة بسبب غضب المحقق كأنه متحمس لفعل أي شيء بي , كان يظنُ بأنني سبب بغضب المحقق , أو ربما فعلتُ شيءً حتى بعثهُ على الجنون , حينها طلب منه ملفي الشخصي على عجلة للإطلاع عليه , حينها خرج الحارس مهرولاً , شعرتُ بإرتعاش بدني من قمت رأسي حتى أخمص قدمي , مذهولةً و خائفةً و واجفة من رد فعل ذلك المحقق , الذي تقمصة الجنون فجأة أسأل نفسي , مالذي فعلتهُ كي يتحول من شخص عاقل آلى مجنون , هل أنا السبب , بما جرى له , يا ألهي أطلبك منك و أرجوك أن تُهدئ هذا الشخص كي لا يفعل شيءً بي , فأنا محطمةً كلياً ولن أتحمل أي شيء منه أبداً , كان يدور طيلة الوقت من حولي و حول مكتبه , أشبهُ بأعصار النار الذي يدور و يدور بقوة هائلة حول مدينةً قبل أن يستبيحها و يدمرها حتى جعل منها أشلاء رماداً متناثرة تطف على المكان , و كنتُ أرتجف خوفاً أن يصيبني شيءً من هذا الأعصار الذي كان يحفني كل لحظة و أخرى من حولي بالصمت الذي يسبق العاصفة , و بعد برهةً من الوقت , طرق الحارس باب المكتب , مستأذناً بالدخول , أجابه بصوت متحجرش هلما أدخل بسرعة , ثم دخل بيده ملفاً أحمر اللون , فسحبه من يده ثم قال له لا أود رؤية أحد أو دخول أحد علي , حينها خرج الحارس , و كان متوتراً جداً , و هو يتفرس ما كان يحتويه ذلك الملف الأحمر , و بعد مرور وقت قصير , رفع عيناه من ذلك الملف و كانت عيناه حمراوان تقدح شرراً , و توجه لي بالسؤال قائلاً أخبريني عن كل شيء و عن أدق التفاصيل و لا تخفي عني لا شاردة و لا واردة سيكون هو الكفيل ببقائك هنا مدى الدهر , أو خروجكِ من هنا بفترة وجيزة , أجبتهُ قائلة أقسم بالله سأخبرك بكل شيء دون أخفاء الحقيقة , في بداية فترة زواجي من ذلك العجوز كان يتردد عليه الكثير من الشخصيات المرموقة بالدولة , و كان يمنعني من الخروج من غرفتي , كل ما كان يزوره أحداً منهم , كنتُ أظن بأنهُ رجل سياسي بعد تلك الزيارات الكثيرة و تردد تلك الشخصيات التي يرافقهم الكثير من الحماية الشخصية تلك و السيارات المُفيمة , و ذات يوم خرج أحدهم غاضبا مذعورا بشدة من باب مكتبه داخل المنزل قائلاً بصوت عالي يرتجف , أن لم تعيدهم لي سأبرحك ضرباً حتى الأنهاء عليك , ثم رطم باب المنزل بأنزعاج ورحل , و أمضى زوجي وقته بالمكتب كالعادة , و دخل غرفة نومنا فجراً رامياً بسترته على السرير و هو يجلس لخلع حذائه , سألتهُ ما به هذا الرجل الذي خرج من باب مكتبك مذعورا , أجاب قائلاً و هو يضحك مأخوذا بنشوته , هولائك الأغبياء الأثرياء لا يعلمون من واقعهم شيء , ثم خرج من الغرفة يضحك بشكل هستيري دون سبب , و باليوم التالي إتصلت به على مكتبه لأخبره بأني سأخرج آلى أحد الأسواق لأشتري بعض إحتياجاتي الخاصة , فطلب مني أن أعتني بنفسي و العودة بعد الإنتهاء من التسوق ..
بقلم الكاتب / مهند كريم التميمي !!
Reactions

تعليقات