القائمة الرئيسية

الصفحات

غياب دفتر المناداة مطية لعدم حضور الدرس - طارق القلعي


غياب دفتر المناداة مطية لعدم حضور الدرس

يشكو مدرسو التعليم الثانوي والإعدادي هذه الأيام من غياب التلاميذ وعزوفهم عن الدرس وذلك بسبب غياب دفتر المناداة.. وبالتالي عدم تسجيلهم ضمن قائمة المتغيبين..
أمام هذه الوضعية وجدتني أمام أسئلة عديدة وكانت سهاما تنفذ إلى العقل والقلب معا..
وأكاد أسقط أمامها.. وجدتني أفسر لذاتي وعقلي ما معنى دفتر المناداة..
ولماذا هذا السجل اسمه دفتر المناداة..وليس دفتر الحضورات أو دفتر الغيابات...
إنه مجعول للنداء قبل البدء .. أي أن ينادي المربي الأستاذُ المدرسُ التلاميذَ اسما اسما..
وكأنه يقول لهم:
حيّ على الفلاح.. حيّ على طلب العلم.
أن ينادي الأستاذ تلاميذه..أو مريديه.. فهو يربط صلة بهم.. أي.. أنت أيها الحاضر في هذا المكان روحا وجسما وعقلا واسما.. ناديتك لأعلمك أننا معا..
ولكنّ الكثير منهم يظن أن هذا النداء قيد يحبسه في قاعة الدرس فيرضى بهذا النداء لأجل تسجيل الحضور خوفامن العقوبة وإعلام الولي...
و إذا ضاع دفتر المناداة أو غاب عن الأستاذ لأي سبب كان تكون الفرحة الكبرى.. ويصبح التلميذ غير معنّيّ بتلبية النداء ، فيقول:
ضاع دفتر المناداة.. إنها الحرية... وهكذا أغلب التلاميذ..
وعلينا أن نتساءل:
لم اعتبروا الدّرس سجنا، ونداءهم قيدا؟
ولم صارت المقاعد بلا جُلّاس في غياب الدفتر العجيب.؟
لأنّهم لم يصبحوا بعد جزءا من الدّرس،.. بل لم يفهموا أنهم ركن أساسي لنص جميل أو هم محور من محاوره
أو لحن بديع..
لأنّهم لم يجدوا في تنظيمه بعض رأيهم، وفي مفرداته بعض حاجتهم إلى التّعبير، وفي ألوانه ما يليق بطيفهم...
لو أصبحوا كذلك ماغابوا لحظة عن الدرس..
هؤلاء الذين لا يلبون النداء لم يفهموا بعد أنهم مسؤولون عن غدهم الذي بدؤوا يُعكّرونه بهذا الغياب....
فمن المسؤول ترى عن هذا الوضع؟ الوضع الذي يجعل من شاب في مقتبل العمر وهو في حاجة أكيدة لتعلم مهارات تخوله أن يخوض غمار الحياة يفر من الدرس والمدرس ليبقى حول جدران المدرسة حتى ينتهي الدوام ليعود إلى أهله خالي الوفاض الا من فكرة أتت بها رياح المراهقة والجهل..
وضعية حرجة مقلقة تجعلنا نعيد التفكير في دور العائلة.. بل تجعلنا نفكر في طريقة أخرى تجعل من التلميذ يقبل على الدرس دون خوف من دفتر المناداة .. فهل أن الحرف " غ" أو "A" هو المحدد للإقبال على الدرس..؟
أعيد... مسؤولية من يا ترى..؟
التلميذ هو الركن المعني في هذا المقال..أين الأسرة التي انبثق منها؟
أهي عاجزة عن تأطيره ؟
أهي عاجزة عن إقناعه؟
أم أن إيقاع الحياة جعلها تستقيل من مهمتها الأساسية؟
نعم.... . للعائلة نصيب.. ولكن لا يرقي هذا النصيب إلى خمس المسؤولية..
هناك المنظومة التربوية التي لم تساير تطلعات التلميذ الذي يعيش في عالم تكنولوجي ومعلوماتي بعيد كل البعد عن واقع رديء في عينيه...
في المنظومة أيضا أستاذ عجز عن جعل قسمه حديقة ينعم فيها الشاب بظلال المعرفة..
في المنظومة أيضا مسؤول لم يواكب موجات التغييرات التي هبت على التركيبة النفسية للشباب المراهق..
في المنظومة مدير لم يجعل من المؤسسة التي يديرها مكانا جاذبا يليق بعلم يقدمه رجال ونساء أفذاذ..
هل هناك إذاعات داخلية يشرف عليها التلاميذ..؟
هل هناك موسيقى مبثوثة أوقات الراحة؟
هل هناك ساحة تليق بطاقات الشباب..؟
لأجل هذا وبعضه صار دفتر المناداة هو الحاكم بأمره لدى الناشئة..
وهنا.. حري بنا أن نقول أيضا :
في زمن الكورونا والأفواج...وبعد هذا الإيقاع النفسي والبيداغوجي والاجتماعي هل يمكننا العودة إلى ما كنا عليه قبل الكورونا؟
أم أننا سنمر للسرعات الموالية ؟
طارق القلعي
Reactions

تعليقات