القائمة الرئيسية

الصفحات


 نحن صامدون

ظلت على ما هي عليه منذ أن بنت أصلها وتواصل نسلها واستمرّ يثبّت جذوره في الزّمان والمكان. استقرّت وباتت تدرّ من خيرها على القريب والبعيد ولم تبخل حتّى على من نوى لها الشّرّ. لم تكن للتتأثّر بوخزات الغدر وطعنات من أراد النّيل منها طمعا فيها أو سخطا على ما حصلت عليه ولم يتمكّنوا منه. كانت على مدى الدّهر تواجه الضّربة توال الضّربة لكنّ الضّربات زادتها قوّة واصرارا على البقاء والمكوث بل وزادتها قناعة أنّ أصلها ثابت وأهلها مهما شغلتهم الدّنيا ومهما شغلتهم الاغراءات هم لها راجعون وهم لها سند وعزوة. قد يغيبون عنها، وقد يملّون من المقام تحت ظلّها لما نالهم من نصب ومخمصة لكنّهم لها عائدون وهم لا يبسون فضلها. فيزيدها ذلك قوّة وباسا فتستتأصّل وتتجذّر أكثر فأكثر. ثمّ تأتي الضّربات تلو الضّربات من جديد فتصمد هي وتتهاوى الأيادي المرتعشة الّتي أرادت اقتلاعها وانبتاتها. يجوع النّاس وتهزل أجسادهم وتتبدّل ملامحهم بفعل الغدر والضّربات أو بفعل الطّبيعة ولكن تبقى روحهم متعلّقة بها فتفيض عليهم بخيرها ومددهافيستفيقون من غفوتهم ويستحيل ضعفهم وهوانهم إلى بأس وشدّة وتصبح قوائمهم أعمدة وركيزة للّتي ولدتهم وربّتهم ويفيض حليبها في أوردتهم فيصير سلاحا يصدّ العدوّ والمغتصب ويجعل كلّ ضربة موجّهة إليها ضربة هشّة كأنّها دغدغة تجعلها وأهلها يستفيقون ويردّون الكيل كيلين والصّاع صاعين. تلك بلدي الّتي تجذّرت في التّاريخ وفي الجغرافيا وستبقى قائمة على مرّ السّنين وأهل بلدي لن ينسوا ما تربّوا عليه ولا ينسوا الحليب الّذي بنى أجسادهم. ستتحطّم على حصننا كلّ الضّربات الغادرة مهما قويت أو استقوت إذ هي منبتّة ونحن راسخون. ستسقط كلّ الأيادي مهما علت ومهما كثرت فنحن تاريخ مسجّل وهي هجينة لا أصل لها مهما افتعلت من سجلاّت ومهما استرقت من سواعد هي في الأصل هزيلة لم تغنم من حليب بلدنا المتأصّل. فليركب الغادرون مهما ركبوا وليستقوي كلّ من سوّلت له نفسه أن يبدّد راحتنا واستقرارنا بمن أراد ان يستقوي فجذورنا ممتدّة في الأعماق وقوائمهم مرتعشة ستربكها رياحنا القادمة من أصولنا.
Reactions

تعليقات