القائمة الرئيسية

الصفحات


 الحقيقة.

لبست من الحقيقة لبّها وحفظت من لفظ اللّسان أوضحه وبتّ على عرشي حقيقة عارية لا شائبة فيها. لم أتشدّق أبدا بغنى أو جمالا ولم أكن طويل اللّسان . تعلّمت أن أكون كما أنا بوجه واحد وقرار واحد حتّى إذا ما تموقعت هنا أو هناك فإنّي أحافظ على صورتي الّتي عرفت بها. سأظهر كلّ تفاصيلي وأغيظ بها كلّ من أبدى زينة للنّاس ثمّ يختفي وراء السّتار عندما تنكشف الخبايا. لست أفسد ذوقا أو أخالف ناموسا إنّما أنزع لباس العار والأناقة المشبوهة وأناشد الحقيقة العارية. وهذا عرشي صلب بنيته على أصول عرفها كلّ النّاس ورأوني أشيّده يوما بعد يوم حتّى يشهدوا على فعلي ولا يتّهموني أو يشكّك أحد في أصلي. تشييدي متين لأنّي بنيته على أرضي وبأحجار من بلدي شهد لي بها كلّ من رآني و عرفني. عرشي يتوق إليه كل من احترم نفسه وأصله وأراد لنفسه العزّة والكرامة. ولفظي ورثته عن أجدادي وتعلّمته من منشدي الحياة وأحبّوا النّاس. ما لفظته وأنا بين أحضان أمّي وأبي ألفظه الآن وأولادي بين يديّ ولم أغيّر منه شيئا حتّى يكون أولادي على دربي. وسأظلّ على عهدي أنشد ما تعلّمته وما يحكي عنّي أفراحي وأتراحي فالنّاس من حولي هكذا عرفوني وهكذا هم يعيشون في الأصل. قد لا تروق صورتي لبعض الأعين لكنّ ذلك أهون عليّ من أن أتزيّن وأتأنّق ثمّ حين البأس أغمس رأسي حيث لا أرى ولا أسمع. لن أبيع حقيقتي ولن أبيع لفظي كما فعل غيري فأضاعوا أصولهم وعادوا لا يعرفون للحقيقة معنى وصاروا يتخبّطون كمن به هستيريا ألمّت به . اعتنقوا ما يبدّلون به جنسهم ويسترون به عيوبهم فعصفت به ريح أتلفته فباتوا عراة حفاة أمام الحقيقة .
رشدي الخميري / جندوبة / تونس
Reactions

تعليقات