القائمة الرئيسية

الصفحات

محمود أحمد جدوع"سفيربرس" منبرٌ ثقافيٌّ وحضاريّ حر يصدح في زمن التحوّلات والتغيير حاورته : دنيا صاحب - العراق

 


محمود أحمد جدوع"سفيربرس" منبرٌ ثقافيٌّ وحضاريّ حر يصدح في زمن التحوّلات والتغيير

حاورته : دنيا صاحب - العراق 



يشقّ الأستاذ محمود أحمد الجدوع طريقه بثبات في المشهد الثقافي والإعلامي العربي، في زمن تعصف فيه التحديات السياسية والفكرية، حاملاً راية الكلمة الحرة، ورسالة الثقافة العربية الإسلامية، ساعياً إلى الإصلاح والتغيير الحضاري.

يسطع صوته الإعلامي من سوريا، حيث يتناول الأحداث بوعيٍ نقدي، مجتهداً في ترميم واقعٍ متشظٍّ، وإعادة صياغته انطلاقًا من الحوار، وتبادل الرؤى، وتكريس الإعلام كجسر فاعل بين أفراد المجتمع، مستندًا إلى قلمٍ مسؤول، ورؤيةٍ تنموية فكرية تتطلع إلى حلول واقعية وسريعة.

ولا يقتصر حضوره على دوره الإعلامي كرئيس تحرير لصحيفة ووكالة سفير برس، بل يتجلّى أيضًا في كونه مفكرا وباحثا، ويكرّس جهده لترسيخ الهوية الثقافية العربية الإسلامية، مؤمنًا بأن النهضة تبدأ من وعي الإنسان، ومن انتماءٍ صادقٍ للوطن والأمة، لا من التبعية أو الارتهان السياسي، أو السقوط في فخِّ التخلف الحضاري.

يطرح الجدوع مشروعاً نهضوياً متكاملًا، يمزج بين الانتماء الثقافي والوعي الوطني، ويضع الإعلام في صميم التنمية الفكرية والبشرية، لا كمجرّد ناقل للخبر، بل كأداة لبناء الوعي الفردي والجمعي . وتنعكس رؤيته المتوازنة في امتداد حضوره بين التجارة والسياحة والإعلام، حيث يجسّد التلاقي بين الثقافات بروحٍ إنسانية عالية، ومصداقيةٍ راسخة.

إنه الإنسان الطموح، العملي، المتطلع إلى التغيير الإيجابي، وإعادة ترميم منظومة القيم المجتمعية والإنسانية، التي تصدّعت بفعل الصراعات والحروب. وفي هذا الحوار، نسلط الضوء  على محطاتٍ مهمة من مسيرته، ونستعرض رؤيته لدور الإعلام في ترميم النسيج الفكري والثقافي للمجتمعات ، خصوصاً في المراحل الحرجة التي عصفت 

بحياة الشعوب العربية، وهددت مقوماتها الحضارية والفكرية والثقافية.

* بدايةً، نود أن يتعرف القارئ أكثر إلى شخصيتك.  نبذة مختصرة عن سيرتكم الذاتية ومسيرتكم الإعلامية والثقافية؟"

محمود أحمد الجدوع باحث وإعلامي  ولدت في محافظة  الرقة السورية . أحمل إجازة في اللغة العربية، ودبلوم في التربية، وماجستير في الإدارة والإعلام. أعمل في مجال السياحة والتجارة وشغفي هو الإعلام ، قدمت بعض البرامج الثقافية والمسابقات الشعرية، ورئيس تحرير صحيفة سفيربرس الإلكترونية أحاول جاهدا  في تطوير الإعلام العربي من خلال الأبحاث والمقالات وتطوير المهارات في الإعلام والثقافة.

* كيف ترى تطور مسيرتك المهنية من حيث التحديات والفرص التي واجهتها ؟ 

منذ التخرج من الجامعة، وضعت لنفسي خطة واضحة لرسم خريطة مستقبلي، مستفيدًا من شغفي وإصراري على تحقيق الطموحات. تمحورت رؤيتي حول هدفين رئيسيين: الأول هو العمل الجاد والكسب المشروع من خلال تأسيس مجموعة تجارية متخصصة في مجال السياحة والتجارة، حيث نجحت بفضل الله في بناء قاعدة قوية تدعم تطلعاتي.

أما الهدف الثاني، فهو شغفي العميق بالإعلام، حيث سعيت لإسماع رأيي وإيصال أفكاري عبر إعداد برامج تلفزيونية لمحطات فضائية عربية، إلى جانب تأسيس صحيفة "سفير برس". توليتي لمنصب رئيس التحرير كان بمثابة منصة لي لأثراء الساحة الإعلامية، وبتعاون فريق عمل متفاني، حققنا نجاحات متميزة، وطموحات كبيرة.

هذه الرحلة تعلمت فيها أهمية التوازن بين العمل التجاري والشغف بالإعلام، وأكدت أن الإصرار والمثابرة هما مفتاح النجاح في كل مسار أسلكه.

* كيف تقيّم حال الصحافة العربية والإعلام في الوقت الحالي؟ وهل ترى أن هناك تحولًا في طريقة تناول المواضيع الفكرية والثقافية؟

تطوّر الصحافة والإعلام العربي في الوقت الحالي يشهد مزيجًا من التحديات والفرص. من جهة، يواجه الإعلام العربي ضغوطًا متمثلة في القيود السياسية، والنقص في حرية التعبير، والانقسامات الرقمية، ومشاكل التمويل في بعض الدول. من جهة أخرى، تتجه وسائل الإعلام نحو التحول الرقمي، حيث أُدخلت تقنيات الذكاء الاصطناعي، والمنصات الاجتماعية، والبث المباشر، مما أتاح فرصًا جديدة لنشر المحتوى بسرعة وبتفاعل أكبر.

أما عن تناول المواضيع الفكرية والثقافية، فهناك نوع من التحول، حيث أصبحت هذه المواضيع أكثر تفاعلية ومرونة، مع اعتماد أساليب سرد حديثة، والابتعاد عن الركاكة، مع محاولة جذب جيل الشباب بأساليب أقرب إلى أسلوبهم، عبر الفيديوهات، والبودكاست، والمحتوى القصير. إلا أن هناك قسم  من الإعلام الذي يظل محافظًا أو تقليديًا، ويواجه صعوبة في مواكبة هذا التحول.

بشكل عام، يمكن القول أن الإعلام العربي يتجه نحو مزيد من التفاعل والتحديث، ولكن يحتاج إلى دعم أكبر من الجهات المعنية لضمان حرية التعبير، وتعزيز المحتوى الفكري والثقافي بطريقة قوية وموثوقة.

* هل هناك مشاريع جديدة تسعى إلى تنفيذها في المستقبل القريب، سواء على صعيد وكالة "سفير برس" أو في مسيرتك المهنية؟

بالطبع الطموح موجود ومشروع في كل وقت وزمان. وأنا من الأشخاص الطموحين والمتفائلين دائما بالمستقبل. لذلك دائما أسعى إلى تطوير أعمالي ووضع خطط إستراتيجية من أجل تطويرها وإبتكار ما هو جديد ومن أهم المرتكزات والأهداف التي اطمح إليها :

تأسيس منصة إعلامية رقمية متعددة الوسائط: تجمع بين النصوص، الفيديو، والبودكاست، تركز على قضايا الفكر والثقافة بشكل عميق ورفيع المستوى، مما يعزز من قدرات "سفير برس" كمصدر موثوق وداعم للحوار الثقافي.

إطلاق مشروع محتوى تفاعلي أو ورش عمل ودورات تدريبية: لتمكين الشباب والمهتمين بالإعلام والثقافة، واستثمار خبرتك في تدريب الجيل الجديد وتعزيز قدراته.

التوسع في الإعلام الموجه للمنطقة العربية أو الأمتين العربية والإسلامية: باستخدام اللغة والعناوين التي تلامس قضايا العرب، مع تعزيز التعاون مع مؤسسات إعلامية محلية ودولية.

* بعد الصراعات السياسية التي تعيشها بعض البلدان العربية ومنها سوريا ، كيف ترى  يمكن إعادة بناء النسيج الفكري والثقافي  للمجتمعات؟

من وجهة نظري  وخبرتي في الشأن العام ولإعادة بناء النسيج الفكري والثقافي في سوريا، يُمكن إرساء استراتيجيات محددة، منها:

إحياء التراث والثقافة السورية: دعم مبادرات الحفاظ على التراث الحضاري، سواء عبر الموسيقى، الفنون، الأدب، أو الحرف اليدوية، كمصدر للهوية الوطنية وتعزيز الوحدة.

تعزيز التعليم والتربية على قيم السلام والتسامح: إصلاح الأنظمة التعليمية وتحقيق محتوى يركز على التاريخ الإنساني، التسامح، والتناغم بين مكونات المجتمع السوري.

تشجيع الحوار الوطني والثقافي: إقامة منتديات وورش عمل تركز على تجسير الفجوات بين مختلف مكونات المجتمع، وتوفير منصة لمناقشة مستقبل سوريا بعيدًا عن التوتر والانقسام.

دعم الإعلام الوطني المستقل: تشجيع الإعلام على إنتاج محتوى يُبرز قصص النجاح، البطولات، وأصالة الشعب السوري، ويعمل على تصحيح الصورة السلبية وتعزيز الهوية الجامعة.

تعزيز المبادرات المدنية والمتطوعية: دعم المبادرات التي تجمع السوريين حول مشاريع خيرية، تنموية، ثقافية، وتطوعية، تسهم في ترميم النسيج الاجتماعي.

الاستفادة من التكنولوجيا والثورة الرقمية: إنشاء منصات إلكترونية تعنى بالمحتوى الثقافي والتعليمي، وتوفر مساحة للمبادرات الشبابية والنسائية، بهدف نشر الوعي وإشراك شرائح واسعة في عملية البناء.

هذه خطوات عملية وأساسية لإعادة توحيد وتعزيز روح الشعب السوري، خاصة من خلال ترسيخ مبادئ الوحدة، السلام، والتعايش، والعمل على إعادة بناء سوريا الحديثة بقيمها وتراثها العريق.

* كيف تقيّم دور المثقفين والمبدعين في مرحلة ما بعد الصراع؟ وهل يمكن للمشهد الثقافي أن يسهم بفاعلية في تحقيق نهضة حضارية وفكرية وتنموية تعيد للأمة العربية الإسلامية أمجادها؟

دور المثقفين والمبدعين في مرحلة ما بعد الصراع أساسي ومحوري، لأنهم الركيزة التي يمكن أن تسهم بشكل كبير في إعادة بناء الوعي، وتعزيز الهوية الوطنية، وتحفيز عملية الإصلاح والتنمية. هم المسؤولون عن تقديم مشاريع فكرية جديدة، ودفع المجتمع نحو التعايش والتسامح، ونقد الحالة الراهنة بطريقة بناءة تلهم التغيير.

أما عن المشهد الثقافي، فهو عنصر فاعل وقوي في تحقيق النهضة الحضارية والفكرية والتنموية. إذا تم دعم المبادرات الثقافية، وتمكين المبدعين من التعبير الحر والهادئ، فإن ذلك يسهم في استعادة أوج الأمة العربية والإسلامية. يمكن للمشهد الثقافي أن يكون جسرًا للمصالحة، ولتحقيق تنمية فكرية واقتصادية، من خلال العمل على إحياء التراث، ودعم الابتكار، وتعزيز التعليم المستنير، والتمسك بالمبادئ الإنسانية والحوارات الفكرية الراسخة.

باختصار، المثقفون والمبدعون هم القوة الدافعة لمستقبل أكثر توازنًا، وتحقيق النهضة يحتاج دعم بيئة ثقافية حرة ومزدهرة تؤمن بقيم الوحدة، والتجديد، والإبداع.

* كيف ترون تأثير الحروب والصراعات على البنية القيمية والاجتماعية في المجتمعات العربية؟ وما الحلول المقترحة لمعالجة هذه الآثار  ؟

الحروب والصراعات تدمّر البنية القيمية والاجتماعية، فتصنع انقسامات، وتفاقم فقدان الثقة، وتضعف الروح المجتمعية.

الحلول تشمل: تعزيز المصالحة الوطنية، وإعادة تأهيل المؤسسات التعليمية والثقافية، وتشجيع الحوار والتسامح، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبناء منظمات المجتمع المدني لاستعادة الوحدة والقيم الإنسانية.

* كيف تعمل وكالة "سفير برس" في عالم مليء بالتحديات السياسية والفكرية؟ وما هو دور الوكالة في تحفيز الحراك الثقافي والفكري من خلال الحوارات  والنقاش وتبادل الآراء ؟

صحيفة "سفير برس" تعمل كمنبر مستقل وموثوق يعبر عن صوت المجتمع، وشعارنا أن تكون محايدة وملتزمة بنشر المعلومات والتحليلات التي تساهم في رفع الوعي وتوجيه النقاشات الثقافية والفكرية. في عالم مليء بالتحديات السياسية، كما نحاول المساهمة في تحفيز الحراك الفكري من خلال أجراء حوارات،  ونشرمقالات رأي، ونقاشات بناءة، تشجع على تبادل الآراء الحرة، وتساند الحوار البناء حول قضايا المجتمع، ما يعزز الوعي ويحفز على التغيير الإيجابي.

* في ظل تحولات العصر، كيف يسهم المجال الثقافي والفني والأدبي من خلال وسائل الإعلام المختلفة في إحياء التراث الشعبي السوري وتراث العربي الاسلامي ، وتجسيد ملامحه الحية في وجدان الأجيال الجديدة ؟

المجال الثقافي والفني والأدبي، عبر وسائل الإعلام الحديثة، يلعب دورًا حيويًا في إحياء التراث السوري والعربي الإسلامي، من خلال تقديم المحتوى الغني والتفاعلي الذي يجسد ملامح التراث بشكل حي وملموس. يمكن تحقيق ذلك عبر استغلال المنصات الرقمية، البرامج التلفزيونية، والأفلام الوثائقية، والمكتبات الرقمية لنشر القصص، الموسيقى، الحرف اليدوية، والفنون التراثية. الهدف هو ترسيخ الهوية، وتنمية الفخر بالتراث، وتحفيز الأجيال الجديدة على اكتشاف جذورهم الثقافية والتاريخية، مما يعزز إحساس الانتماء ويبقيه حيًا في وجدانهم.

* ما هو دور التوثيق الرقمي في الحفاظ على التراث الثقافي العربي ، وكيف يمكن للمكتبات الوطنية والمؤسسات المعنية تعزيز الهوية الرقمية لهذه الكنوز الثقافية في العصر الرقمي ؟

من خلال المؤتمرات التي شاركت بها والأبحاث التي قدمتها اعتبر أن التوثيق الرقمي يُعد أداة حيوية للحفاظ على التراث الثقافي العربي، حيث يتيح أرشفة ونشر التراث بشكل شامل، يسهل الوصول إليه من مختلف أنحاء العالم، ويحفظه من التآكل والاندثار مع الزمن.

أما دور المكتبات الوطنية والمؤسسات المعنية، فهو تطوير الأرشيفات الرقمية، وتوفير منصات موثوقة، وتعزيز التوعية بأهمية التراث، بجانب تدريب الكوادر على التقنيات الحديثة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز الهوية الرقمية من خلال نشر المحتوى التراثي بشكل تفاعلي، وتحفيز المشاريع الترويجية، وتنمية الوعي بأهمية الحفاظ على الموروث الثقافي ليظل حيًا ومتفاعلًا مع العصر الرقمي.

* مع نهاية هذا الحوار،الشيق معك  ما الكلمة التي تحب أن توجّهها إلى أبناء العالم العربي وإلى شعوب العالم كافة؟

سررت بالحوار معك أستاذة دنيا  وأختم بأن أقول لأبناء العالم العربي ولكل شعوب العالم: لتكن قيم الوحدة، السلام، والتسامح، نورًا لدروبكم وأهدافكم في هذه المرحلة العصيبة. لنتحد على حب الخير، ونبني مستقبلًا يقوم على المعرفة والثقافة، ونتذكر دائمًا أن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل، من روح الأمل والإصرار على بناء مستقبل أفضل يعمّه السلام والعدالة.


Reactions

تعليقات