أعود… أظل أعود
ولكن ما قال وهم مقال
فنحن الذين بنينا المدن
فمن ينكر تل القمر، أريحا، يبوس وغزة؟
وتلك قديمات، وإن مر عليها الزمن.
إليها أعود، أظل أعود
ولا العود عود الشجر سوى "قشره"
لهذا أعود، وقلت أعود ولن أنتظر…
أعود أعود، أظل أعود
يقول الفتى:
فقد مر بي موكب في الصبى
جميل النفائس، صوت الغناء
ويسرع في الخطو نحو الربى
كرف حمام، ويغزو الفضاء
ويُدهش يوم التقاء السماء
ليكتب للنور أحلى نشيد
كقيثارة لحنها من ضياء
تألق في كل يوم جديد.
أعود، أعود، أظل أعود
هذا الأمل كبير الأماني وحر الطموح
فتم خيالي، كذا واكتمل.
مفارز تأتي وأخرى تروح
لأبني على السحب أعلا الصروح
وأسكن فيها حتماً
حقائق نصري لعيني تلوح
فأهبط من شرفات السماء
وأمشي على الأرض، أرض العمل.
تعالوا لقاء حديث الأدب
أعدوا المحابر، هاتوا القلم
فإن الأديب يثير المشاعر ويُحمي الأمم.
تعالوا إلى القدس، شهر الصيام
وصلوا بمسجدها كالأكابر.
تعالوا، هي القدس أم المدائن
تصد الغزاة، وهي تكابر.
وأنا إذ أعود إليها حبيباً
أعود… هو الحظ، قولوا النصيب
هو الوحي، حظ الأديب، الأديب.
أظل أعود لحيفا، أعود
فحيفا سابحة في دمي من بعيد، بعيد
وميناء حيفا ينبت ورد، فقولوا: ورود
وعطر يفوح في رئتي
ويزداد فوحاً إذا اقتربت
أراني أشم كل الورود
لعل العطور إذا أصابت تصيب الوريد،
وحتى وريد الوريد.
حيفا، وقد غرقت بعشق أتاها
حتى الرموش عشقي أنا
أضم المدينة، كل المدينة
وقلبي يدق على صدرها
فكيف أعود لحيفا وأعود
وقد هام قلبي بها، بحيفا.
وحيفا انصهار الروح، نبض المكان
فلا جنة في الأرض إلا بها
فحيفا طريقي ودرب الجنان.
لحيفا أعود، إليها أعود
إني أعود، وحيفا تفيق على سرير قصيدتي،فلست أنام، ولا تنام،
ولكن ونبض الكلام تغفو قليلاً…تنام.
أظل أعود، سوف أعود
فابكِ السواحل يا أدمعي
"فشوفي" المياه، مياه القوافل
تركت فوق الموج، آه القصيد
إليك أعود، وهذا الحنين إليك بات
يهزني وحتى الموت، إذا ما فاض
فإني أراك يا حيفا، فأحيا بمرآك
عمراً مديداً بيوم جديد،
وإني سابعث حبي التلظى إليك"حيفاي" بصندوق بريد.
ليل فيك مدينتي، نوافذ تطل على المراكب والسفن
لا بحر غير ضفافها، وأنا أحبها
وكما أريد، وكما تريد.
حيفا اغرسيني زهرة على نوارس ساحل
لا للقنابل، لأنير ما بين الجدائل
شمعة في ليل عيد.
أظل أعود، أبقى أعود
باق أنا، وطني هنا
سأظل أعود إلى حيفا
وتظل لي أحلى وطن
ستظل لي أغلى وطن.
وأظل أعود، أقول أعود، إليك أعود
سأعود في ضوء القمر، غصن على شجر الشواطىء ،يا شجر…
والموت يملؤه جسد
لا وزن للجسد النحيل، لا وزن حتى للورود ولا النخيل
إنه ظل "الدخيل"، وزن لكل: رصاصة، "خرطوشة" ،لا وزن للجسد النحيل…
إنه ظل "الدخيل" والموت فجراً
هذي الدروب سالكات نحوه، هو الموت حق ،لا إثم فيه.
من أين، من حيثما وقف الخليل؟
بالله يا موسى العليل، أذكر غيابك عنهم
الليالي الأربعين، هم أعجبوا "بالعجل"
أصبحت هزء المغفرة
لم تأت يا موسى، وهم هموا أتوا في ذبحنا وقتلنا في كل يوم مجزرة، في كل وقت مجزرة
وتكاثر الشهداء، يا "موسى الكليم"
ألم تكن أنت "الرحيم"؟
يتكاثر الشهداء، يتساقطون سنابلاً
ذهبية الأعراف، ما عرفوا سوى جرح
تجلوا فيه فوق بحيرة حمراء من دمهم
فيا دمهم يوسع بين من سقطوا ولاذوا السلم "سلم الثرثرة" يتمدد الحزن الذي سبق الرصاص إلى الطفولة خمسون؟ أم سبعون؟ أم تسعون مما لا ترد الأرض
موتاً في سهولة، لا أرتقي الأعداد، سلسلة طويلة.
وأقول يا موسى هنا
هلا خلعت النعل في الواد المدنس والمقدس ،ثم تهوي فيه، في عجل، على تلك الرؤوس
رؤوس من ضلوا ومن ظلوا وكأنهم رهائن "قسورة"
ماذا على الأعقاب ينتظر القتيل؟
عذراً لزاوية الجروح على النواح المقبل
طعناً لحادثة الحوادث في المقام القابل للشك والتأويل والتحريف
قد يبدو انتحاراً في خريف العمر
بل قد تقرب الأقوال من أن القتيل هو اشتباه القاتل!
هل هذه مما علمت، فكذبوك فعالهم؟
أم هذه مما رأيت، فخطأوك مشاهداً كانت لهم؟
ولمن تركت نبالهم؟ فينا مغارزها تدور كأنها الليل الطويل.
وأقول يا موسى، كليم الله:
سجدنا أريقوا بين أيدي الله، ما قاموا لثرثرة الدليل.
وأضيف يا موسى، وموسى، حول دائرة الرقاب:
ماذا على الأعقاب ينتظر المقاتل والقتيل؟
الكل أسود، والسلام على سلام، يا كليم الله ليس يحترف البديل.
____________________
ماجده الريماوي
فلسطين
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع