امرأة تكتب من الضوء: حوار مع مجيدة محمدي
في كل مرة تفتح فيها مجيدة محمدي بابا من أبواب سيرتها، لا تفضي إلينا بحكاية خارقة، بل تقدم امرأة تشبه العالم حين يخلع ضوضاءه ويعود إلى جوهره. امرأة صيغت من صدق التفاصيل الصغيرة، من أم تمسح التعب عن وجوه صغارها، ومن طفلة كانت تصنع الحكاية من هواء، ومن قارئة وجدت في الكتاب ملامح أول وطن تحتضنه الروح.
لم تتكون مجيدة في فضاء استثنائي، بل في فضاء بسيط كان يتنفس الكتب كما تتنفس البيوت الهواء، وفي ظل أخت كالمشعل، تضع بين يديها طريقا من الصفحات المفتوحة. ومن تلك البدايات الهادئة خرج صوت لم يتعلم الشعر، بل اكتشف أن الكتابة قدر يطالعه كلما حاول الإفلات منه، وأن الحزن والفرح والأسئلة التي لا تهدأ ليست إلا أبوابا أخرى للقصيدة.
إنها ليست شاعرة وحسب؛ إنها ذات تتشكل من كل ما رآه قلبها، وتعيد ترتيبه بالكلمات كما ترتب الروح فوضاها. تكتب لا لتعلن نفسها، بل لتفسر إيقاع الداخل، وتكشف ما يلمع في الوجه الخفي للزمن. وفي كل ما تقول، يتجلى ذاك الإيمان القديم بأن العادي، حين يعاش بصدق، يصير معنى، وأن الكلمة، حين تكون من قلبها، تصبح طريقا لا ينتهي.___________________________________
1. بدايةً، من هي مجيدة محمّدي بعيداً عن المنابر والكتابة؟ كيف تعرّفين نفسك للقارئ؟
أنا مواطنةٌ عاديّةٌ جدًّا، لا أدّعي بطولةً ولا أبتغي صخبًا، لكنني أحمل في صدري ما يكفي من الحلم كي يصبح العالم أقلَّ قسوة.
فأنا ابنةٌ تشبه جذورها ، وأمٌّ تمسحُ تعبَ الأيام عن وجوه صغارها بيدٍ ترتجف من المحبة، وزوجةٌ توازن بين نبض القلب وواجبات الدرب، وأُجاهد، في داخلي قبل خارجي، لأكون صالحةً بقدر ما يسمح به هذا الزمن المتعَب.
وأنا موظّفةٌ تذهب كلَّ صباحٍ إلى عملها التزامًا بما يمليه عليها الضمير حين يصرُّ على أن يكون شاهدًا لا يساوم.
أعرف نفسي في كلّ هذه التفاصيل الصغيرة التي لا تُكتب في السِيَر، لكنّها تُصنع منها حياةٌ مستقيمةٌ كجدولٍ صافٍ، وتخرج منها امرأةٌ تقف بثباتٍ وسط كلّ ما يخدع ويضجّ، امرأةٌ تؤمن بأن العاديّ، حين يُعاش بصدق، يتحوّل إلى معنى عميقٍ لا يقدر عليه الاستعراض.
2. كيف كانت طفولتك والبيئة التي نشأتِ فيها؟ وهل لعبت الأسرة دوراً في تشكيل اهتمامك بالأدب؟
كانت طفولةً عاديّة، تسير على إيقاع الأيام الهادئة التي لا تربك الذاكرة في ظاهرها ، لكنّ خلف ذلك الهدوء كانت تنمو بذرةٌ خفيّة، تغذّيها بيئةٌ بسيطةٌ جدًا، بيئةٌ لا تتزيّن بالاستثناء، بل بالحبّ الصادق للكتاب وللقراءة، كأنّ الكتاب كان فردا إضافيا في العائلة، يتنفّس بيننا ويشاركنا المائدة والليل والدهشة.
وفي قلب تلك البيئة، كانت أختي الكبرى — الإعلاميةُ والشاعرةُ فضيلةُ مسعي — تقف كنبراسٍ مضيءٍ يلمع كلّما لمعت صفحةٌ جديدة. لقد لعبت دورًا جوهريًا في تشكيل اهتماماتي الأولى، تضع الكتب في طريقي كما تُوزّع الأمُّ الحنان، وتدلّني على أسماءٍ لا أعرفها، فتفتح لي بوّاباتٍ ممتدةً نحو عوالم لم يكن لي أن أبلغها وحدي. كانت كلماتها تشبه يدًا تُزيح الغبار عن مرآة،
فتجعلني أرى في الأدب شيئًا أكبر من المتعة،
شيئًا يشبه الوطن الداخلي الذي لا يُغلق بابه في وجهي. ومن خلالها تعلّمت أن الكتاب ليس مجرّد ورقٍ مُجلّد، بل كائنٌ حيّ يرافقك، ويُعيد تشكيل نظرتك إلى التفاصيل الصغيرة التي تعبر اليوم ثم تختفي.
وهكذا، من طفولةٍ عاديّةٍ وبيتٍ عاديٍّ ، خرج شغفي بالكلمة وكأنّه طائرٌ صغيرٌ وجد نافذته الأولى يحمل أثر تلك اليد التي قادته إلى الضوء،ليواصل التحليق، شاكرا لكل صفحةٍ أولى بدأت من هناك.
3. متى كانت اللحظة الأولى التي شعرت فيها بأن الكتابة قدركِ ومساركِ الحقيقي؟
كانت تلك اللحظةُ التي شعرتُ فيها بأنّ الكتابة قدرٌ لا فكاك منه، لحظةً لا تُشبه أيّ منعطفٍ آخر ، لحظةً لجأتُ فيها إلى القلم كما يلجأ الجريحُ إلى ضمادةٍ، وكما يلجأ الغريقُ إلى خشبةٍ عالقةٍ بسطح الماء. في ساعات الألم، حين كانت الروحُ تتكسّر بصمت،
وفي لحظات الحزن، حين كانت الطرقاتُ تضيقُ بي حتى لا تتّسع لخطوة، وفي دهشة الحيرة التي تُربك الجهات،
وفي نبضات الفرح التي لا تجد من يحتويها— كنتُ أجد القلم واقفًا هناك، مشرطًا يشقُّ الغشاواتِ عن صدري، وبلسمًا يسكبُ في داخلي ما يخفّف الوجع.
ومن كثرة ما عدتُ إليه، صرتُ أعرف أنّ بيني وبين الورق عهدًا خفيًّا، عهدًا لا يُكتب بالكلمات بل بما تتركه الكلمات نفسها من أثر. فالكتابةُ لم تعد خيارًا أو هوايةً طارئة، بل أصبحت طريقًا تتقدّم نحوي كلما حاولتُ أن أبتعد عنها، وصوتًا يتردّد في داخلي كلما حاولتُ إسكاتَه.
وحين سلّمتُ قلبي للحقيقة، أدركتُ أنّ لا مفرّ ولا مناص، وأنّ قدرًا كهذا لا يُدفع بالإنكار، بل يُعاش بكلّ ما فيه.
هكذا قبلتُ أن أكون شاعرة، لأنّه الخلاصُ الوحيدُ لأعماقٍ دفينة ، ولأنّ الكتابةَ هي اليدُ التي انتشلتني، والنافذةُ التي أُطلُّ منها على نفسي كلّما أظلمَ العالم.
4. ما أول نص كتبته مجيدة محمّدي؟ وهل ما زلتِ تحتفظين به أو تتذكرين إحساس كتابته؟
لا أذكر أوّل نصٍّ خطّته يدي، لكنّي أذكر ذلك الولهَ القديم بالكتابة، ولهًا يشتعل في داخلي كجمرةٍ صغيرةٍ لا تنطفئ.
كنتُ أختلق القصص من هواءٍ رقيق، أصنع شخصيّاتها كما تُنحت الدمى من الخيال، وأختار لها مصائرها كما يختار القلبُ موسيقاه، ثم أفرض على زملائي في المدرسة أن يجسّدوا تلك الحكايات، كأنّ عالمي الداخلي كان أوسع من مقاعد الصفّ وأرحب من ساحةِ المدرسة الضيّقة.
حتى في الخصام، كانت الكلماتُ سلاحي ، فما كان يسلمُ خصمي مني إلا إذا هجيته بعباراتٍ قويةٍ موزونة، كأنّ طفلةً صغيرةً كانت تكتشف، دون أن تدري، سحرَ اللغة وسطوتها، وتتدرّب على الإيقاع كما يتدرّب العصفور على أولى نبرات صوته.
و كلّما أتذكر تلك المواقف، تعود إليّ براءةُ الطفولة في ثوبها الشفيف، وتعود معها دهشةُ ذلك الإحساس المبكر بالتمكّن من اللغة،
ذلك الشعور الذي كان يميّزني عن أقراني دون قصدٍ أو افتخار، بل لأنّ الكلمات كانت تجدني قبل أن أجدها، وتفتح لي أبوابًا صغيرةً في عالمٍ ما زلتُ إلى اليوم أسرح فيه كما تسـرح الطفلةُ الأولى في دهشة البدء.
5. كيف تشكلت بداياتك الأدبية؟ وهل واجهتِ صعوبات أو تحديات في طريقك نحو نشر أول عمل؟
تشكّلت بداياتي مع الكتابة كما تتشكّل قطرات الندى على سطح ورقةٍ خضراء
بالبداية كانت القراءة… ثم القراءة… ثم المزيد من القراءة، كأنّ الكتب كانت تفتح لي بابًا بعد باب، وتقودني برفقٍ إلى جوهرٍ لم أعرف أنّه يسكنني. ومن بين صفحاتها نشأت تلك الشرارة الأولى ، شرارةُ البحث عن صوتي، عن لغتي، عن الوجه الخفيّ الذي لا يراه أحد غيري حين أكتب.
ثم جاءت النوادي المدرسية، مساحاتٌ صغيرةٌ لكنها واسعةٌ بما يكفي لتحتضن أحلامَ طفلةٍ تكتشف إيقاع الكلمات ثم النوادي الأدبية التي أنضجت في داخلي يقظةً أعمق،
ووسّعت رؤيتي، وسمحت لي بأن أنخرط شيئًا فشيئًا، في سياقٍ أدبيٍّ حقيقي،
أبني فيه زادي المعرفي وأسلوبي الخاص،
وأتعرّف على ذاتي كما لو أنّني أتعرّف على كاتبةٍ أخرى تسكنني.
ومع ذلك، لم يكن الطريقُ مُعبدًا ولا سهلًا،
فحين عزمتُ على نشر أعمالي واجهتُ تحدياتٍ تُشبه الحجارة الثقيلة التي يضعها الواقعُ في يد كلّ مبدع. ارتفاع تكلفة الكتاب في تونس، تلك المشكلة التي تُجبر الكاتبَ على الاكتفاء بمئاتٍ قليلةٍ من النسخ،
فتضيق مساحة الوصول، وتبقى الأعمال محصورةً بين أيدي عددٍ محدودٍ من القرّاء،
وكأنّ الكتابة، رغم شفافيّتها، تحتاج دائمًا إلى أن تشقَّ طريقها بين جدرانٍ صلبةٍ من التكلفة والحدود.
ومع هذا كلّه، بقيتُ مؤمنةً بأنّ الكلمة إذا كانت صادقةً بما يكفي ستجد طريقها ولو خرجت في نسخةٍ واحدة. فما يُكتب من القلب يصل، وإن طال به السفر.
6. من هم الشعراء أو الكتّاب الذين أثروا في ذائقتك الأدبية، تونسياً وعربياً وعالمياً؟
كانت بداياتي مع الأدب العربي بداياتِ مريدٍ يدخلُ الهيكلَ للمرة الأولى، عيناه معلّقتان بتلك الأصوات التي سبقت خطواته،
وتظلّل روحه ظلالُ أسماءٍ تركت في الوجدان العربي أثرًا لا يزول. قرأتُ للعقّاد، ذلك العقل المتوثّب الذي يجعل الفكر نهرًا لا ينضب،
ولتوفيق الحكيم الذي كان يحوّل الفلسفة إلى حوارٍ عام ، ولحَنّا مينة الذي تعلّمتُ منه أن البحرَ ليس مجازًا بل حياة،
ولجبران ونُعيمة اللذين فتحا لي أبواب الروح،
ولمحمود درويش الذي جعل من الوطن قصيدةً تتنفّس، وللمسعدي الذي صاغ من العربية سلّمًا نحو الأعالي، ولأبي القاسم الشابي الذي جعل الحلمَ ميثاقًا، ولعبد الحميد خريف وجعفر ماجد وغيرهم من الأصوات التي تنحت اليوميَّ بعمق الإنسان. وبعد ذلك، انتقلتُ إلى الأدب الروسي، إلى عوالم مكسيم غوركي وتولستوي وتشيخوف وبوشكين،
ثم إلى ذلك الكوكب المتواتر بين الظلمة و الضياء ، ديستويفسكي، حيث لا تنطفئ الأسئلة، وحيث الإنسانُ واقفٌ دائمًا على حافة جرحه.
ومن هناك، انفتحتُ أكثر على الأدب الغربي،
أقرأ لبودلير شاعرِ الظلّ والعطر، ولفيكتور هوغو الذي يصوغ العدالةَ من صلابة الحكاية،
ولكامو الذي يضع العبث في كفٍّ، والحرية في الأخرى، ولسارتر الذي يعلّمك أن الوجود عبءٌ واختيار، ولماركس الذي يجعل العالم ساحةَ فهمٍ لا ساحةَ اندهاش فقط.
لهذا، لم أتأثّر بكاتبٍ واحدٍ أو شاعرٍ واحد،
بل كنتُ —وما زلت— خلاصةَ كلّ ما قرأت،
صوتًا تشكّل من أصواتٍ كثيرة،
ومشعلًا حمل جمرةً من كلّ نارٍ مررتُ بها.
وهكذا، صرتُ أشبه مكتبةً تتحرّك، يتجاور في رفوفها البعيدُ والقريب، وتلتقي فيها الأرواحُ المتباعدة صوتًا واحدًا…صوتي.
7. كيف تصفين أسلوبك الشعري؟ وما الخصائص التي تميز لغتك أو رؤيتك الأدبية؟
أسلوبي الشعري ، يبدو كما لو أنّه يأخذ بيد القارئ إلى تخومٍ لا تُرى، حدودٍ تتمازج فيها العتمةُ بالضوء، ويصعد فيها المعنى من أعماقٍ بعيدةٍ كأنه كان ينتظر ولادتَه منذ زمن.
إنّه أسلوبٌ يقوم على الإصغاء إلى ما وراء الكلمة، كأنّ اللغة لدي ليست أداةً، بل كائنًا ينهض من بين الأصابع، يتنفّس، ويختار بنفسه إيقاعه الذي لا يشبه أحداً.
لغتي تتّسم بطاقةٍ رمزيةٍ هادئةٍ حينًا، جارفةٍ حينًا آخر، تُشيّد المعنى من ظلالٍ وإشارات،
وتجعل من التفاصيل البسيطة ممرّاتٍ إلى أسئلةٍ كبرى عن الوجود، والوجع، وارتعاشة الإنسان أمام مصيره. إنها لغةٌ تعرف أن تلمس دون أن تجرح، او تترك أثرًا مرئيًا،
لأن ما تقوله يَسكن في عمق القارئ لا على سطحه.
أما رؤيتي الأدبية، فهي رؤية تُوازن بين الحسّ الجمالي والرؤية الفلسفية،بين البساطة الخادعة التي تُخفي تعقيدًا داخليًا،
وبين صدق العاطفة التي لا تتورّط في المباشرة، بل تبحث عن طرق ملتوية، غير مألوفة، لتصل إلى القلب من طرقٍ لم يتخيّلها.
ربما يتجلّى تميّزي في ، قوة الصورة التي تُبنى من نسيمٍ، لا من صخر، صفاء العبارة التي تبدو كأنّها جاءت دفعةً واحدة من نبعٍ لا يتعثّر، وحدة النبرة التي تجعل القارئ يعرف أنّ هذا صوتي حتى لو غاب توقيعي، والقدرة على تحويل التجربة الخاصّة إلى سؤالٍ إنسانيٍّ شامل.
فأسلوبي ببساطةٍ ممزوجةٍ بالعمق يمنح القصيدة روحًا تُشبهني ، هادئةً من الخارج، مضطربةً من الداخل،شامخةً رغم هشاشتها، ومؤمنةً بأنّ الشعر ليس ما يُقال،
بل ما يتخلّف في القلب بعد أن يُقال.
8. ما هي أبرز إصداراتك الأدبية؟ وهل من أعمال جديدة في طريقها إلى القراء؟
لي ديوانٌ شعريٌّ بعنوان «أنا وأُخرياتي»،
و مخطوطُ كتابِ مقالاتٍ باسم «العين الثالثة»،
ولديّ أيضًا مخطوطُ ديوانٍ آخر بعنوان «نصّ خارج النص»،
هذه الأعمال ليست مجرّد عناوين، بل محطّاتٌ في طريقٍ تتّسع كلّما تقدّمتُ فيه،
طريقٌ يكتبه القلم، ويعيد تشكيله القلب، وتمنحه الروحُ تلك الشرارةَ التي تجعل النصّ
أكبر من الكتابة… وأقرب إلى الكشف.
9. هل تفضلين جنساً أدبياً معيّناً — الشعر، القصة، أم النصوص المفتوحة؟ وما السبب؟
لا أُنكر أنّ ميولي تنحازُ إلى الشعر، كأنّ في نبضه شيئاً من خلاصي، وفي إيقاعه ما يشبه خطوةً أعرفها منذ زمنٍ بعيد. غير أنّ الفكرة، تلك الكائن الخفيّ الذي يتشكّل في الروح قبل أن يولد على الورق، لا تسألني عن ثيابي المفضّلة ولا عن مزاجي لحظة الكتابة ، هي وحدها من تفتح خزانتها السرّية وتختار ما يليق بها.مرّةً ترتدي فستان الوزن والقافية، فتغدو بيتاً يشبه تنهيدةً طويلة. ومرّةً تكتفي بثوبٍ. بسيط، فتخرج على هيئة مقالٍ يلتقط التفاصيل كما تلتقط اليدُ خيطَ الضوء. ومرّةً تتمرّد تماماً، تتدلّى من حافة اللغة، فتصيرُ قصّةً قصيرة لا تشبه سوى نفسها، كأنها طائرٌ رفض القفص وطار.
إنها الفكرة، لا أنا. هي التي تهندم شكلها بمهارة عجيبة، وتُقنعني أن كل قالبٍ يمكن أن يكون بيتها إن أرادت، وأن كل نصٍّ لا يصبح حيّاً إلا حين ترتديه الروح المناسبة. ولذا، كلما جلستُ لأكتب، أتركُ الباب مفتوحاً لها ، إن شاءت شعراً كنت لها شاعرة، وإن رغبت نثراً كنت ظِلّ قلمها، وإن اختارت الحكاية، تبعتُها كما يتبع الطفلُ ضوء اليراعة في آخر الليل.
10. ما المواضيع أو الهواجس التي تظهر بشكل متكرر في كتاباتك؟ وهل هناك قضايا تعتبرينها محور رسالتك الأدبية؟
ربّما لا تحتاج الإجابة إلى سردٍ مدرسيّ بقدر ما تحتاج إلى إنصاتٍ طويل، فهواجس الكاتب لا تُرى في جملةٍ منفردة، بل تَتسرّب من بين السطور كما يتسرّب الضوء من نافذةٍ نصف مفتوحة.
تعود في نصوصي أسئلةُ الذات، تلك الأسئلة القديمة التي لا تملّ من العودة في كلّ نص ، من نكون حين نُطفئ ضوضاء العالم؟ وأيّ ظلّ يرافقنا حين نجرؤ على النظر إلى داخلنا؟ ثمّ هناك هاجس الزمن، يلوّح دائماً كحبرٍ لا يجفّ، كأنّي اخشى أن يمضي العمر قبل أن اقول كلّ ما لم يُقل بعد.
وتظهر أيضاً في كتاباتي علاقة الإنسان بالعزلة، لا باعتبارها هروباً، بل بوصفها فضاءً تتكوّن فيه الكلمات وتتشكل الأرواح. في كتابتي ميلٌ دائم إلى تفكيك ما نُخفيه خلف ابتساماتنا اليومية، وإعادة ترتيب شتات المشاعر التي نؤجّل مواجهتها طويلاً.
وفي ثنايا النصوص، يلمع هاجس الحرية ، حرية المرأة في صَوغ خطابها، وحرية الروح في اختيار مسارها، وحرية الكلمة في أن لا تُملَى عليها حدودٌ جاهزة. كأنّي أكتب لأثبت أن الصوت الأنثوي ليس صدى، بل مصدر ضوء.
أما رسالتي الأدبية، فلا تبدو محصورة في قضيةٍ واحدة، بل تشبه خيطاً ممتداً يجمع بين أشياء عديدة ، كشف هشاشة الإنسان من دون أن تنطفئ قدرته على المقاومة، منح التفاصيل المهمّشة صوتاً، وإعادة الاعتبار للحياة الداخلية التي كثيراً ما تُهملها سرعة العصر. رسالتي أقرب إلى محاولة لصنع معنى، أو على الأقل لملاحقة ذلك المعنى الذي يتوارى كلّما اقتربت منه الأقلام.
وهكذا، مهما اختلف شكل النص شعر، مقالة، أو حكاية تبقى تلك الهواجس كالبصمة الخفية ، لا تُعلن نفسها مباشرة، لكنها حاضرة، تضيء الكتابة من الداخل كما يضيء جمرٌ صغير غرفةً مظلمة.
11. إلى أي مدى تستوحين من حياتك الشخصية وتجاربك الخاصة في النص؟
الأديبُ، في جوهره، ليس اسماً يُعلَّق على غلاف، بل كائنٌ يتكوّن من طبقاتٍ متداخلة، كأنّ الزمن نفسه قد صاغه بيدٍ خفيّة. هو ابنُ محيطه بقدر ما هو ابنُ روحه ، يتغذّى من هواء المكان، من ضجيجه وصمته، من جغرافيا الطفولة التي لا تزال تلمع في الذاكرة كلما خطّ سطراً جديداً. في داخله يسكن صدى الأزقّة التي عبرها، والأصوات التي سمعها، والوجوه التي مرّت في حياته وتركَت ظلّها عليه.
مع ان البيئة وحدها لا تصنع أديباً، فالتجربة هي اليد الأخرى التي تعلّمه الكتابة. ما عاشه، وما خسره، وما رآه ينكسر أو ينهض أمامه، كلّها تتحوّل إلى مادةٍ خام، يعجنها بقلبه قبل قلمه. التجربة لا تأتي دائماً على هيئة حدثٍ صاخب ، أحياناً تكون لحظةً عابرة، كلمة قالها غريب، أو حتى حزنٌ صغير ظلّ عالقاً في صدره لسنوات. كلّ ذلك يتحوّل في النهاية إلى نصٍّ يخرج محمّلاً برائحة ما عاشه الإنسان الحقيقي خلف الأديب.
ولأنّ الأدب ليس مجرد زخرفة لغوية، فإن الكاتب، مهما حاول التخفّي، يُفضَح في كل حرف. فالنص هو خلاصة الذات الداخليّة حين تتعامل مع العالم، حين تتصارع مع أسئلتها، حين تسعى إلى فهم ما لا يُفهم. هو محاولة لصوغ الفوضى في شكلٍ يمكن حمله، ومحاولة لالتقاط نبض الوجود في لحظةٍ واحدة. لذلك يبدو الأديب أحياناً كأنه يعيش حياتين في وقتٍ واحد ، حياةً يشارك فيها الآخرين، وأخرى سرّيّة، يكتب منها وإليها.
وهكذا، حين نقول إن الأديب ابنُ محيطه وابنُ تجاربه، فنحن نقول في الحقيقة إنه ابنُ كلّ ما ترك أثراً فيه، مهما كان صغيراً. هو خلاصة لقاءٍ دائم بين داخله والخارج، بين رهافة القلب وخشونة الواقع، بين ما أراد أن يكونه وما اضطرّ أن يصبحه. ومن هذا التوتر يولد الأدب، ليس بوصفه ترفاً، بل ضرورةً ، محاولةً لتفسير العالم، أو على الأقل للاحتماء منه بالكلمات.
12. شاركتِ في العديد من الندوات والملتقيات الثقافية داخل تونس؛ ما أبرز هذه المحطات؟
حقيقةً، أنا مُقِلّةٌ جداً في تلبية الدعوات الكريمة التي تصلني من مختلف الملتقيات والمهرجانات الأدبية، وليس في الأمر ترفّع ولا عزوف، بل دوافع شخصية ومهنية بحتة تفرض عليّ أحياناً ما لا أرغب به. وإن كنتُ أفوّت هذه الفرص الثمينة للّقاء بالأدباء والاحتفاء بالكلمة، فذلك اضطرارٌ لا اختيار، وظرفٌ لا موقف. ومع ذلك، يبقى الامتنان قائماً لكل يدٍ تمتدّ بالدعوة، ولكل قلبٍ يظنّ بي خيراً، ولعلّ الأيام تُتيح لي ما يحول دونه الوقت الآن.
13. وماذا عن مشاركاتك خارج تونس؟ في أي دول أو ملتقيات عربية أو دولية حملتِ نصوصك إلى الجمهور؟
نعم، بكلّ حبّ وتقدير تلقيتُ دعواتٍ لمُلتقياتٍ خارج تونس، ودائماً ما أُكبر في أصحابها هذا التشريف الجميل، وأحمل لهم امتناناً صادقاً لا يخفى. غير أنّني، وبحكم الأسباب الآنفة الذكر—من ظروفٍ أسريةٍ ومهنيةٍ لا تسمح لي بالحضور—أجد نفسي مضطرةً لرفض هذه الدعوات رغم قيمتها ورغم رغبتي الصادقة في المشاركة. فهو اعتذارٌ يُمليه الظرف، لا موقفٌ من أحد، واحترامٌ لالتزاماتٍ لا أستطيع تجاوزها، على أمل أن تتاح الفرصة في وقتٍ تكون فيه الطرق أوسع والوقت أكثر رحابة.
14. هل هناك تجربة ثقافية أو مشاركة معيّنة تركت فيك أثراً خاصاً أو غيّرت نظرتك للأدب؟
حقيقةً، أثّرت فيّ تجربة عبد الرحمن منيف تأثيراً لا يُشبه أثراً عابراً، فهو صاحب الرواية السياسيّة الكبرى، ذلك الذي لم يكتب من موقع المتفرّج، بل من قلب المعترك، كأنّ كلماته كانت تحفر في الصخر كي تُحضر الحقيقة إلى السطح.
فتح منيف شهية القارئ العربي على روايةٍ مختلفة، روايةٍ لا تكتفي بتتبع مصائر الأبطال، بل تذهب إلى البُنى العميقة للسلطة، وإلى المناطق التي يحاول التاريخ الرسمي إخفاءها. معه لم تعد الرواية مجرد حكاية تُروى للتسلية، بل صارت أداةً للفهم، مفتاحاً يُقرأ به العالم، ومرآةً يرى فيها القارئ ما يُخفيه الصمت وتخشى الأنظمة الاعتراف به.
لقد منح الرواية العربية جرأةً جديدة ، جرأة على مساءلة الواقع، وعلى كشف الطبقات المتراكمة من الخوف والقمع والتغييب. ومعه أصبح القارئ يدرك أن الأدب قادر، وحده أحياناً، على قول ما تعجز السياسات عن التصريح به.
منيف لم يكتب روايات فحسب، بل كتب وعياً كاملاً، وربّى جيلاً من القرّاء على أن الأدب مساحةٌ للحرية، وأن الحقيقة مهما تعقّدت، يبقى بالإمكان اقتناصها عبر السرد… شرط أن يكون الكاتب شجاعاً بما يكفي ليواجهها.
15. كيف ترين المشهد الشعري في تونس اليوم؟ وهل ترين أن الأصوات الجديدة تجد فرصتها بالقدر الكافي؟
دائماً ما كان المشهد التونسي زاخرًا بالأقلام الجادّة والجيدة، كأنّ هذه الأرض اعتادت أن تنبت كتّاباً يحملون همّ الكلمة بصلابةٍ لا تَلين. وعلى امتداد تاريخ الأدب العربي، ظلّ الصوت التونسي جزءً من هذا النبض، يضيف إليه خصوصيته وحساسيته ورؤيته للعالم. والأمر نفسه يتجدّد في الحقبة الحالية ، هناك طفرة نوعيّة وكمّيّة هائلة، جيلٌ يكتب بكثافة، ويغامر، ويختبر أشكالاً جديدة للسرد والشعر.
لكنّ المشهد لا يخلو من التعقيدات التي أثقلت الهمّ الثقافي عبر سنوات ، مشاكل النشر، وتقلّبات سوق الكتاب، وذاك المرض القديم الذي يسمّونه في السرّ “المحسوبية” وفي العلن “مجاملة الأصدقاء”، وما يتبعه من إقصاء غير معلن لأصوات تستحقُّ أن تُسمَع. إضافةً إلى ذلك، تتكدّس المنابر الإعلامية أحياناً بمنطق العلاقات، لا بمنطق القيمة، فيضيع الكثير من الضوء في زحمة الظلال.
ورغم كلّ ذلك، تظلّ فضاءات التواصل الاجتماعي متنفساً حقيقياً، مساحةً حرّة تمنح شيئاً من العدالة الأدبية ، منصّة يُمكن للقارئ فيها أن يلتقي بكاتبه بلا وسيط، وأن يصل النصّ إلى من يحتاجه دون انتظار موافقة أحد. كأنّ هذه الفضاءات استعادت شيئاً من الحقّ المسلوب ، أن يكون الأدب للجمهور، وأن تُمنح الكلمة مساحتها الطبيعية كي تعبر وتُسمع.
وفي هذا الزمن المتسارع، ربما تصبح هذه المساحات الرقمية جزءً من مستقبل الأدب ذاته، امتداداً لرحلته القديمة نحو قارئٍ يبحث عن صوته بين الأصوات.
16. كيف تتعاملين مع النقد الأدبي؟ وهل حدث أن أثّر نقد معيّن في طريقة كتابتك أو اختيار موضوعاتك؟
أنا أتعامل مع النقد الأدبي بوصفه امتداداً للنص، أو تلك العين الثالثة القادرة على رؤية ما قد يغيب عن الكاتب وهو في ذروة الانشغال بخطّ عباراته . فالنقد—حين يكون صادقاً ونزيهاً لا يجيء ليهدم النصّ أو ليضيّق مساحته، بل ليمنحه منظوراً آخر، وليفتح نوافذ إضافية يمكن للكاتب أن يتنفّس منها.
ولأن الكاتب جزء من نصه، ويجاوره حدّ الاندماج، فإن الرؤية النقدية الخارجية تصبح ضرورية، كمرآةٍ تكشف ما يتوارى خلف الزخارف أو ما يتكثّف أكثر مما ينبغي. لذلك كان لتلك القراءات تأثير حقيقي على كتاباتي، فقد تعلّمتُ منها ألا أُوغِل في الغموض، وألا أُثقِل على القارئ بما يجعل النصّ مغلقاً على نفسه. أصبحتُ أترك مساراً حواريّاً مفتوحاً بين النص وقرّائه، مساحةً يمكن للمعنى أن يتخلّق فيها بحرّية، وأن يلتقي فيها خيال الكاتب بتأويلات المتلقّي.
وهذه النصيحة بالذات أثمرت في ما تلاها من نصوص، كأنها أعادت ترتيب علاقتي بالأدب، وذكّرتني بأن الجمال ليس في التعقيد، بل في العمق الذي يصل دون عناء، وفي اللغة التي تمنح القارئ فرصة ليُكمل ما لم أقله أنا.
17. ما رأيك في دور وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار الأدب؟ وهل ترينها مساحة للتعبير أم مجرد منصات عابرة؟
لا يمكن إنكار أنّ وسائل التواصل الاجتماعي باتت تُشكّل اليوم جناحاً واسعاً للأدب، جناحاً قد لا يحلّ تماماً محلّ الوسائل التقليدية، لكنه يقوم ولو جزئياً بالأدوار التي كانت الكتب والجرائد والمجلات والمنابر التلفزيونية تتكفّل بها لسنوات. لقد تحوّلت هذه المنصّات إلى فضاءات مفتوحة، لا تُقصي صوتاً ولا تنتظر موافقة جهةٍ ما كي تمنح الكاتب حقّ الظهور.
ومع التحوّل الرقمي الشامل الذي يطال كلّ المجالات، تبدو هذه المنصّات مرشّحة لأن تصبح أكثر ثباتاً وقوّة، بل وربما أكثر ديمقراطية في توزيع الضوء. إنّها تُقرّب النصّ من قارئه دون وسائط كثيرة، وتمنح الأدب فرصة أن يصل في لحظته، بلا انتظار، وبلا أبوابٍ موصدة. وهكذا يجد المبدع نفسه أمام جمهورٍ متنوّع، يتفاعل ويرى ويشارك، فيخلق ذلك حواراً جديداً بين النصّ والعالم.
وسائل التواصل ليست بديلاً كاملاً، لكنها باتت جزءاً لا يتجزّأ من المشهد الثقافي، ومساحة تُعيد إلى الأدب قدرته على أن يتنفّس بحرّية، وينتشر خارج حدود الورق، ويجد طرقاً جديدة ليبلغ من يستحقّه.
18. كيف تنظرين إلى حضور الكاتبة التونسية في الساحة الأدبية العربية؟ وما الذي تحتاجه لتفرض صوتها بقوة أكبر؟
يبدو حضور الكاتبة والشاعرة التونسية في الساحة الأدبية العربية حضورًا لافتًا ومتصاعدًا، فقد استطاعت أسماء عديدة أن تشق طريقها بجدارة نحو المشهد الثقافي العربي، مؤكدة ثراء التجربة التونسية وتنوع أصواتها. فقد برزت مبدعات مثل آمال موسى، جميلة الماجري، فضيلة الجبالي، حياة الرايس، رجاء بن سلامة، فضيلة مسعي، آمنة الرميلي، راضية الشهايبي، آمال بوحرب… وغيرهن كثير ممن يشكلن اليوم خارطة أدبية ناضجة ومؤثرة.
إن ما يميز المبدعة التونسية ليس فقط قدرتها على إنتاج نصوص ذات عمق فكري وجمالي، بل أيضًا انفتاحها على الأسئلة العربية الكبرى وتفاعلها مع قضايا الإنسان والمرأة والهوية. ومع ذلك، تبقى الحاجة قائمة إلى آليات دعم ومساندة أوسع من نشر وترجمة وترويج وحضور في الفعاليات كي تتسع رقعة حضور هذه الأصوات المبدعة وتجد صداها الطبيعي في الفضاء الأدبي العربي.
فالمبدعة التونسية، مثل نظيراتها العربيات، لا ينقصها الإبداع، بل تحتاج فقط إلى بيئة ثقافية تقدّر منجزها وتفتح أمامه مسارات أرحب ليبلغ كامل إمكاناته.
19. ما المشاريع الأدبية التي تعملين عليها حالياً؟ وهل هناك إصدار قريب ينتظره جمهورك؟
أنا الآن بصدد تدقيق ديوان "نص خارج النص"، إضافة إلى العمل على كتاب مقالات بعنوان "العين الثالثة". إنها مرحلة تتطلب الكثير من التركيز والصبر، لكنني أشعر بمتعة خاصة في ملامسة النصوص من جديد والبحث عن أدق التفاصيل التي تضمن نضجها قبل أن ترى النور.
أتمنى حقًا أن يصدرا قريبًا، وأن يجدا طريقهما إلى القرّاء بالشكل الذي يليق بالجهد المبذول في صياغتهما ورؤيتهما الفكرية والجمالية.
20. أخيراً، ما رسالتك للشباب الذين يخطون خطواتهم الأولى في عالم الكتابة والشعر؟
وأخيرًا، فإن رسالتي إلى الشباب الذين يخطون خطواتهم الأولى في عالم الكتابة والشعر هي أن يبدأوا بالقراءة… ثم القراءة… ثم المزيد من القراءة. فالكاتب لا يتكوّن من فراغ، بل من رصيد معرفي ولغوي يثري خياله ويهذب أدواته ويصقل رؤيته للعالم. اقرأوا في كل المجالات: الأدب، الفلسفة، العلوم، التاريخ، الفن… فكل معرفة تضيف لبنة جديدة في بناء الكاتب.
وتذكّروا دائمًا أن المبدع يظلّ طالب معرفة مهما بلغ من النضج، وأن رحلته مع القلم لا تنتهي ما دام قلبه مفتوحًا للتعلّم واكتشاف الجديد. فالإبداع مسارٌ طويل يتغذّى على الفضول، وعلى شغف لا يخبو بالحياة وبالكلمة.
___________________________________
وربما لهذا تبدو نصوصها كأنها ممرات نحو داخل أبعد من الكلام، نحو تلك المنطقة التي لا يدخلها إلا من يجرؤ على الإصغاء لنبضه. تكتب لتفهم الحياة، لا لتتزين بها، وتقرأ العالم بعين ثالثة تحفر في الغيم كما تحفر في الأرض.
وفي الختام، تمضي مجيدة كما جاءت: هادئة كجذورها، ثابتة كحلم اختار ألا يشيخ، مؤمنة بأن الكتابة ليست مهارة، بل نجاة يهبها الله لمن يعرف أن يرتب وجعه على هيئة كلمات. وما بين أول حرف وآخر صدى طويل سيظل يرافق القارئ حتى بعد أن يغلق الصفحة.

اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع