كمشة حكي/كيمياء الامتنان
ايها الأحبة إنّ ثقافة الشكر هي دِرايةُ الرّوح وذَكاءُ القلب.
هي الدليلُ الأعمقُ على أنّنا ما زِلنا نُبجّلُ العقلَ ونُقدّرُ الجُهدَ ونرى الإنسان خلفَ الفعل.
ف كلمة "شكراً" حين تُقالُ تصبح في النفس طاقةً تُشبه نسمةَ فَجرٍ تُعيدُ ترتيبَ الفوضى الداخلية.
إذ تسكُبُ في الروحِ يقيناً: "أنتَ مرئيّ... جُهدكَ مُقدَّر... ومرورُكَ لم يكنْ عادي". .
هذا الاعترافُ بالجميلِ هو اعترافٌ بـ "قيمةِ الوجودِ المُشترك".
في المُقابل ما أثقلَ الوَهَنَ الذي يُخلّفه التهميش.
كأن نبذُلَ العطاءَ بمحبّةٍ عميقة ومَنّ ثم نجدَ أنفسنا في مساحةٍ رَماديةٍ لا يُبصِرُنا فيها أحد وكأنّ عطاءَنا قد تحوّل إلى واجبٍ لا يمتلكُ حقَّ الارتواء بكلمةِ امتنان.
أما هَشاشةَ الإنسان في الواقع تظهرُ حين يشعرُ أنّ جُهدَه صارَ تحصيلَ حاصلٍ، وأنّ ما يُقدّمه أصبحَ أمراً طبيعياً لدرجةٍ تسقُطُ معها كلُّ قيمةٍ مضافة.
وهذا السقوطُ يجرُّ خلفَه شعوراً بالغربةِ عن الذاتِ وعن الآخر.
فيا أيها الأحبة الإناءُ الذي نملؤهُ بعُصارةِ الروحِ والحُبّ، ولا يأتينا منهُ في المقابل سوى النُكران، يوشِكُ، مع توالي الأيام أن يفيضَ من الفراغ.
فما لا يُروى بماءِ الشكرِ يجف
وما لا يُعطى حقَّهُ من الاحتفاءِ يضمحِلّ.
لهذا، يبقى الشكرُ فعلاً صغيراً في مبناه، لكنّه فِعلُ إنقاذٍ كبيرٌ في معناه. إنهُ يُنقذُ الكثيرَ داخلَ الآخرين ويُنقذُنا نحن من أن نتحوّلَ إلى كائناتٍ قاسيةٍ، عاجزةٍ عن رؤيةِ الجمالِ وتقديرِ الأثرِ الإنساني.

اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع