📁 أخر المشاركات

هاجر سعيد… حين يتكلّم اللون وتنهض الخشبة بحكاية امرأة لا تنطفئ - حاورها سعدون التميمي

 هاجر سعيد… حين يتكلّم اللون وتنهض الخشبة بحكاية امرأة لا تنطفئ


في كل رحلة فنية هناك شعلة أولى تضيء الطريق، وتترك أثرها في الروح قبل أن يراها الآخرون على الخشبة أو في ألوان لوحة. ومع الفنانة التونسية هاجر سعيد تتضاعف هذه الشعلة، فتمتزج حكايات الطفولة برائحة البحر والنخيل، ويتعانق المسرح مع الريشة، ليولد فن صادق ينطق بالحياة.
هاجر ليست مجرد فنانة.

 إنها ذاكرة تمشي، تحمل طفلتها الداخلية على كتف القلب، وتفتح باب الضوء لكل من يقترب من عالمها. ولأن القصص التي تقال بصدق تشبه نوافذ الأمل، نفتح اليوم في مجلة بويب الثقافية صفحة جديدة من دفاتر الإبداع لنقترب أكثر من روحها ومسيرتها، ونستمع إلى صوتها كما هو… دافئا، نقيا، ومشبعا بالجمال.

___________________________________


 مجلة بويب الثقافية

حوار خاص مع الفنانة التونسية "هاجر سعيد"

حاوره | سعدون التميمي

✹ بداية، كيف تعرّف هاجر سعيد نفسها للقارئ بعيداً عن الألقاب والمسميات الفنية؟
○ هاجر سعيد هي إنسانة قبل كل شيء ،حساسة، طيبة ، معطاءة ، حنونة ، تحب الاطفال جداً و هم كل حياتها.


✹ كيف كانت طفولتكِ في ولاية قابس؟ وهل كانت البيئة المحيطة عاملاً في تشكيل ميولاتك الفنية؟

○ أفضل فترة عشتها هي فترة الطفولة كنت اطالع كل يوم أحد في المكتبة العمومية بوذرف و في سائر الأيام ألعب كرة القدم مع أطفال الجيران. كما أنني كنت اشارك بموهبتي في التمثيل في حفلات آخر السنة الدراسية. من هنا كبر حبي وشغفي بالتمثيل واللعب الدرامي. بعد أن انتقلت من الابتدائية إلي الاعدادية دخلت إلي جمعية مسرحية حيث سقلت موهبتي وشاركت في مسرحية كاملة للاطفال تحت عنوان سندرلا. اشرت وانطلقنا في عرض العروض المدعمومة في كامل تراب الجمهورية.

✹ متى اكتشفتِ حبكِ للألوان والرسم؟ وهل كان هناك موقف محدد غير مسار حياتك نحو الفن؟
○ بعد التجربة الاولي في الجمعية المسرحية في دور سندرلا... نلت شرف أداء دور ثاني ألا و هو إحساس وهي فتاة رسامة وفنانة تشكيلية ، لم أكن أعرف كيف أمسك الفرشات لكن بالمسرح تعلمت الرسم.
حاولت أن أرسم مشهد طبيعي فنجت ومتذ ذالك الوقت وأنا أرسم.اي نعم اكتشفت حبي للرسم و أنا ألعب في دور رسامة وفنانة تشكيلية ثم وفقت في الرسم حتي علي جدار منزلنا والا حد اللحظة أرسم على جدار دار الثقافة وذرف. ومنذ تلك التجربة و أنا فنانة مسرحية وتشكيلية.

✹ ما أهم المحطات العائلية أو الشخصية التي دعمت شغفكِ، أو ربما أعاقت مسارك في مرحلة ما؟
○ الحمد لله أني من عائلة مرموقة حيث أني وجدت الدعم من والدتي و أختي. فوالدتي هيا من كانت تسهر حتي أنام أنا واستيقض مبكرا حتي اذهب لعرض مسرحياتي. واختي هي التي كانت تذهب معي إلي التدريبات. وعمي العزيز هو من كان يمول الجمعية حتي يتوفر لنا كل شيء الطعام المسكن التنقل لنقدم عرضنا على أحسن وجه.

✹ كيف توفقين اليوم بين حياتك المهنية، وحياتك الأسرية والشخصية، ومسارك كفنانة؟
○ أنا الآن وحيدة ابواي اقضي اليوم تارتا في شؤن المنزل و تارتا في الرسم أو أعزف على الكمان. وفي نهاية الأسبوع اشتغل في دار الثقافة.

✹ إلى أي مدرسة تشكيلية تعتبرين نفسكِ الأقرب؟ وهل يمكن القول إن أعمالك تنتمي إلى تيار فني محدّد؟
○ أعتبر نفسي أقرب في الرسم إلي المدرسة الرمزية حيث اطلق العنان لمخيلتي و في آخر اللوحة اصل إلي شيء أحيانا لا اتوقعه. بل ارمي به المعاني إلي أن يصل صوتي وابلغ المعني المراد وصوله.

✹ ما الثيمات والرموز الأكثر حضوراً في لوحاتك؟ وما مصدرها؟
○ الثيمات الاكثر حضورا في لوحاتي هي البحر و النخلة ومصدرها أني ابنت الواحة والبحر الملوث والطبيعة الميتة من البحارة.

✹ هل ترين أن الفنان التشكيلي بحاجة إلى تكوين أكاديمي، أم أن الموهبة وحدها تكفي؟
○ بالنسبة للفن التشكيلي في نظري الموهبة وحدها تكفي فهذا الفن ليس كسائر الفنون. المسرح ضروري أن تتكون و الموسيقي أيضاً إن لم تجد قراءة النوتة فلا تستطيع العزف ابدا.

✹ هل أقمتِ معارض فردية أو جماعية؟ وما أهم التجارب التي تركت أثراً فيكِ؟
○ عندما رسمت على جدار دار الثقافة فرحت كثيرا خاصة و أن اللوحة نالت اعجاب الجميع. وعندما نجحت شعرت بكمية الحب و السعادة مع زملائي. ثم اقمت معرضا ونال الاستحسان من الجميع.

✹ هل شاركتِ في مسابقات أو ملتقيات فنية؟ وما أبرز الجوائز أو التتويجات إن وجدت؟
○ شاركت منذ الطفولة في عشر مسرحيات كهاوية قبل أن أدرس المسرح في المعهد العالي للفن المسرحي بتونس. سنة 2005 جائزة افضل ممثلة عن مسرحية الكنز الخالد في مهرجان الاسمنت بقابس . سنة 2005 جائزة افضل ممثلة عن مسرحية الكنز الخالد في مهرجان الدولي بطنجة.
سنة 2006 جائزة افضل ممثلة عن مسرحية صراخ في الغاب في مهرجان الاسمنت بقابس. سنة 2006 جائزة افضل ممثلة عن مسرحية صراخ في الغاب في مهرجان الصورة بوذرف. نفس السنة جائزة افضل ممثلة عن مسرحية صراخ في الغاب في مهرجان فريانة الدولي.
سنة 2007 جائزة افضل ممثلة عن مسرحية من انتاج المبيت الجامعي باب الخضراء.
سنة 2017 جائزة افضل ممثلة عن مسرحية شاردة انتاج مركز الفنون الدرامية بمدنين في المهرجان الدولي بفاس المغرب.

✹ كيف تتعاملين مع اللون؟ وما تأثير المكان والذاكرة على لمستك الفنية؟
○ عندما أمسك الألوان فأنا أجد متعة كبيرة في مزجها كما أن حالتي الاجتماعية تجعلني أبدع دائما يعني أنني أعيش في بيئة هادئة مبهجة تجعل لمساتي جميلة.

✹ هل تعتبرين الفن التشكيلي وسيلة للتعبير أم للعلاج أم للبوح الداخلي؟
○ نعم هو كذلك فالفن التشكيلي هو وسيلة للعلاج والتعبير و البوح الداخلي أيضا.

✹ من أي مدرسة أو تيار مسرحي تستمدين رؤيتكِ الفنية؟ الواقعية؟ التجريبية؟ مسرح الصورة؟
○ استمد رؤيتي الفنية من المدرسة الرمزية.

✹ هل كتبتِ نصوصاً مسرحية؟ وإن كان نعم، كيف جاءت تجربتك الأولى في الكتابة؟
○ نعم كتبت العديد من النصوص المسرحية. أول تجربة في الكتابة كانت رائعة كلها خيال واثارة ومتعة وتمرد عن الواقع.

✹ هل خضت تجربة الإخراج المسرحي؟ وكيف تقيّمينها مقارنة بالأداء أو التدريس؟
○ نعم خضت تجربت الاخراج المسرحي. الاخراج أفضل بكثير من التدريس و الاداء فالمخرج يتحول في هذه العملية إلي ناحت رسام مايسترو ، فبحكمي مهنتي كمنشطة اتحول كل آخر السنة إلي مخرجة قصد إخراج عمل مسرحي.

✹ هل سبق لكِ التمثيل فوق الخشبة؟ وما أول عرض مسرحي شاركت فيه؟
○ نعم مثلت علي الخشبة ففي رصيدي 21 مسرحية تراوحت بين مسرح الطفل و مسرح الكهول و العرائس و حتي الرقص المعاصر. أول تجربة لي كانت في مسقط رأسي وذرف في جمعية هاوية في دور سندرلا.

✹ باعتباركِ أستاذة تربية مسرح، كيف ترين علاقة الجيل الجديد بالمسرح اليوم؟
○ المسرح عاش تغيرات وتحولات من بداية نشأته حتي يومنا هذا. فعلاقة الجيل الجديد بالمسرح هي علاقة معاصرة ومتطورة بتطور مناهج المسرح.

✹ هل شاركتِ في مهرجانات مسرحية أو مسابقات طلابية أو شبابية؟ وكيف كانت النتائج؟
○ نعم منذ سنة 1999 كان أول صعود لي في مهرجان المرڨوم بوذرف بملحمة في افتتاح هذا المهرجان. وتواصل صعودي على خشبة المسرح في المهرجانات إلي حد الساعة وكلها ناجحة والحمد لله فقد تحصلت في مهرجان طنجة المغرب بجائزة أفضل ممثل و مهرجان فاس المغرب أيضا بجائزة أفضل ممثل.

✹ ما نوعية الكتب التي تميلين لقراءتها في العادة؟
○ اميل في العادة إلي قراءة الكتب الفلسفية كفريد و أبن خلدون....

✹ هل تؤثر الرواية أو الشعر على تشكيل رؤيتك الفنية، سواء في الرسم أو المسرح؟
○ نعم تأثير فهي مجموعة من الأفكار تترجم أما نص مسرحي أو لوحة فنية.

من هم الكتاب أو الشعراء الذين تركوا بصمة خاصة في ذائقتكِ؟
○ المخرج و الاستاذ العظيم ستانيسلافسكي.

✹ هل جربتِ الكتابة الأدبية خارج مجال المسرح كالشعر أو الخاطرة؟
○ نعم جربت الكتابة الشعرية و الخاطرة أيضاً.

✹ كيف توحدين بين شغفكِ بالمسرح والفن التشكيلي؟ هل يتغذى أحدهما من الآخر؟
○ كليهما فن ، فهما يتغذيان من بعضهما بضرورة. فقد مثلت سنة 2002 مسرحية فيها العب دور رسامة وفنانة تشكيلية. فبالمسرح نوصل رسالة و بالرسم نوصل أيضا رسالة.

✹ إلى أي مدى يسهم الفن في صياغة شخصية الإنسان، خاصة في سن المراهقة التي تدرسين فيها المسرح؟
○ هو يسقل الموهبة والشخصية في نفس الوقت. فالمسرح باساليبه و تقنياته و مناهجه و طرقه يساهم في التوعية و التربية وجعل ذات المراهق واعية حتي يستطيع العيش و التصرف بتوازن.

✹ كيف تنظرين إلى المشهد الفني في تونس اليوم؟ وما الذي ينقص الفنان التونسي برأيك؟
○ انظر إلي المشهد الفني بتونس اليوم ،، وبصراحة بعدم الرضا خاصتا و أنني استقررت بوذرف أي أني ابتعدت عن العاصمة بالتالي حتي فرص العمل قلّت. أما عن الفنان التونسي ما ينقصه اليوم هو المادة. فبنقص المدخول الشهري أو الخلاص عن العروض يحد من التقدم و الابداع.

✹ ما الدور الذي تلعبه المرأة التونسية في الساحة الفنية مقارنة بالماضي؟
○ تلعب المرأة التونسية في الساحة الفنية اليوم دورا مهما و اساسيا و اولي في المسرح اليوم ، فبالمقارنة بدورها في الماضي والان أفضل واكثر ورئيسي فبتقدم العصر و المناهج و المدارس تتطور هيا أيضا.

✹ ما العمل الفني لوحة أو عرض مسرحي الذي يمثل نقطة تحول حقيقية في مساركِ؟
○ بالنسبة للرسم مثلت رسمتي على جدار دار الثقافة نقلة نوعية فالكل اصبح يشهد بموهبتي أما عن الأعمال المسرحية فكلها تقريبا ساهمت في نقطة تحول حقيقية في مساري.

✹ ما مشروعك الفني الأقرب إليكِ حالياً، وما الذي تشتغلين عليه في المرحلة القادمة؟
○ لديا مسرحية كشمار من اخراجي وادائي و نصي. اشتغل عليها وكم اتمني أن تأشر لي لاواصل حلمي نحو العالمية.

✹ أخيراً، ماذا تقول هاجر سعيد للجيل الصاعد من الفنانين؟ وما رسالتك عبر مجلة بويب الثقافية؟
○ هاجر سعيد تقول للجيل الصاعد لاخوف من هواية مع الدراسة. فأنا كنت ادرس وامارس جميع هواياتي حتي العزف على آلة الكمنجة. دعو الموهبة حلم تحققه عند انتهاء الحياة الدراسية.
أريد أن اشكر مجلة بويب الثقافية التي اكتشفتني و اولتني اهتنانها و شجعتني و اعطتني فرصة لتعريف بذاتي فأنا كل سنة اشارك في ملاحم المهرجانات الصيفية هذا مالم اذكره في حديثي. أريد أمنية منكم ارجو أن يقرا حواري معكم مخرج سنمائي حتي اخوض تجربة سنمائية أو تلفزية بالرغم أنه لديا تجربة وحيدة في التلفاز و هو مسلسل اقفاص بلا طيور إخراج عز الدين حرباوي انتاج سلمي بكار. وفيلم وحيد إخراج معز كمون.
وفي الأخير أود شكركم. فشكرا من القلب مجلة بويب الثقافية.

_________________________________

هكذا تمضي هاجر سعيد، بخطا ثابتة تشبه وقع ريشة تصغي للون، أو نبض ممثلة تعرف أنها خلقت لتكون على الخشبة. في كل إجابة قدّمتها كانت هناك حقيقة فنية تتنفس، وتجربة إنسانية تكبر معها وتكبر بها. ومن خلال هذا الحوار، لم نر فنانة فقط، بل رأينا امرأة تعلّمنا أن الشغف لا يتعب، وأن الحلم حين يُعانق الإصرار يصبح طريقًا لا ينطفئ.

وفي نهاية هذا اللقاء، تتوجّه مجلة بويب الثقافية ببالغ الامتنان إلى الفنانة هاجر سعيد على صدقها ودفئها، وعلى هذا الحضور الذي يترك أثرا من نور. نتمنى أن تصل رسالتها إلى كل قارئ، وإلى كل مخرج يبحث عن روح مختلفة لتضيء عمله القادم.
بلغة الفن والمحبة نقول لها:
شكراً هاجر… وشكراً للفن الذي يجعلكِ أقرب إلى كل القلوب.

سعدون التميمي















تعليقات