📁 أخر المشاركات

إنحراف الأبناء - محمد عبدالله عبدالله أبكر

 


إنحراف الأبناء:

الروائي/ محمد عبدالله عبدالله أبكر 


إنحراف الأبناء يعود للآباء، لأن الابن اليوم يعيش محرومًا من متع الحياة وضروراتها بسبب تقاعس الآباء، أو يحصل على كل حاجياته الجسمانية، ولكنه محروم من العاطفة الأسرية الجياشة، إما لانشغال الوالدين في جمع المال أو اللهو أو لعدم وعي أي من الوالدين بأهمية دوره التربوي وأثر ذلك في حياة أبنائه.

يجب أن يدرك كل الآباء أن الصرامة والشدة والقسوة المستمرة لها مضاعفات خطيرة على الأبناء في حال تم إستخدام هذه الأساليب بكثرة، فالحزم مطلوب في بعض المواقف التي تستلزم ذلك، أما العنف والصرامة فيزيدان المشكلة تعقيدًا، وكما أن هذا الأسلوب مرفوض تربويًا فإن أسلوب التدليل الزائد والتسامح في التعامل مع الأبناء مرفوض أيضا، لأنه يجعل الطفل ينشأ وهو يعتقد أن كل شيء مباح له حتى ولو كان الاعتداء على الآباء بالقول والفعل.

إن المؤسسات التربوية والتثقيفية ومنها وسائل الإعلام عليها أن تلعب دورها لتصحيح العلاقة بين الأجيال المتعاقبة من آباء وأبناء، ويجب تضمين المناهج التربوية كيفية علاج المشكلات التي تتسبب في وجود الفجوات بين أفراد الأسرة بعضهم بعضاً.

يجب أن تعتمد تلك المناهج التربوية على القيم والاخلاق، المتمثلة في البر بالوالدين، وفضل ذلك، والصبر والتسامح والتواضع ولين الجانب، ذلك كله يساهم دون شك في التخفيف من حدة النفور بين الآباء والأبناء وهو ما يولد الجحود والعقوق.

أسباب إنحراف الأبناء هو التدليل الزائد وضعف الرقابة والمتابعة، وهو ما يخلق لدينا أبناء ليس لديهم إستعداد للتفاهم، وتسيطر عليهم الأنانية، وفي أغلب الأحيان فإن الابن المنحرف يكون شخصية غير سوية ومهزوزًا نفسيًا.

حتى يستطيع الأهل علاج إنحراف أحد الأبناء عليهم أن يغيروا من سلوكياتهم السلبية تجاه الأبناء، ويجب عليهم دراسة أي سلوك سلبي يظهر على شخصية الابن من البداية وبأقصى سرعة، حتى لا يتحول هذا السلوك غير المحمود إلى جزء من شخصيته، وهو ما يحوله إلى نمط سلبي في التعامل مع والديه.

بعض الآباء لا يعرف إلا معاني القسوة والغلظة في معاملته مع أبناءه، فإذا دخل بيته، قام الجالس وإعتدل القاعد وإستيقظ النائم وسكت الضاحك وقطب الباسم، ولا يعرف غير العصا لغة للتفاهم، مثل هذا لا ينتظر من أولاده سوى الجفاء، ومثل هؤلاء إذا سألته عن متى ضممتهم بين أحضانك؟. يرد قائلاً: لا أتذكر.

كذلك غياب الأب حيث اللامبالاة من رب الأسرة تجاه أسرته وغيابه معظم الأوقات خارج منزله وإنشغاله بجمع المال لدرجة قد تصل إلى عدم معرفة أسماء المدارس التي يدرس بها أبناؤه أو الصفوف الدراسية التي وصلوا إليها أو التقديرات والدرجات التي يحصلون عليها.

الآباء ينبذون أطفالهم ويهملونهم ويتركونهم دون رعاية أو متابعة أو تشجيع ودون غرس للقيم والمبادئ ومن صور الإهمال عدم الاهتمام بنظافة الطفل أو نظامه الغذائي وإهمال حالته الصحية وعدم مدحه أو إثابته عندما ينجز عملاً ما والسخرية منه ومن أعماله مما يقتل داخله روح المبادأة والابتكار والتنوع.

لذلك المجتمعات بحاجة إلى نموذج الأب البعيد عن التفريط والتسلط في علاقته بأبنائه، لأن موقف الأبناء من الأب المتسلط أو المفرط يكون دائمًا إما العناد والتحجر وإما الانفلات الصارخ، وفي كلتا الحالتين نجد أنفسنا أمام سلوكيات تحتاج لمعالجة وتصحيح، وقد لا نكتشف ذلك إلا بعد فوات الأوان.

يجب أن يتوقف بعض الآباء عن الغياب عن أبنائهم حتى ولو كانوا يقيمون بالقرب منهم، فالآباء الغائبين هم في الحقيقة أفراد غير واثقين بأنفسهم، ومترددون وينقصهم النضج والتوازن، وللأسف فإن دور المسنين تمتلئ بمثل هؤلاء الذين أهملوا في تربية أبنائهم لينتهي بهم الحال في الإنحراف والفساد.

أخيرًا إن أطفالنا نبتات طرية، فإذا تركت دون ركائز مالت وأعوجت، وما ينشأ عليه الطفل من صغره يصبح ملازماً و راسخاً معه في كبره، ولكي يحترمك أولادك لابد أن تكون قدوة لهم في جميع التصرفات، فلا يصح أن تنهاهم عن الكذب وتكذب أمامهم.


أرائكم عبر البريد الالكتروني: moh66m10@gmail.com 


تعليقات