غبي ......
حين يخطئ الرجل في قراءة المرأة
في حياة كل رجل امرأة صنعت فرقًا. امرأة شاركته لحظات العُسر قبل اليُسر، وبذلت من روحها ووقتها وصبرها ما يكفي لبناء بيت وحياة واستقرار. ومع ذلك، يخطئ بعض الرجال في قراءة هذه المرأة، فيسيئون تقدير قوتها، ويسيئون فهم صمتها، ويعتبرون احتمالها ضعفًا، ووفاءها استسلامًا.
يخطئ الرجل حين يتخيّل أن المرأة التي تقبل أن تكون زوجة ثانية فعلت ذلك لأنها رأت فيه تفردًا لا يُضاهى، أو لأن الحياة لم تمنحها بديلاً يليق بها. الحقيقة أكثر ألمًا وعمقًا: هي ربما وصلت إلى لحظة شعرت فيها أن الخيارات تضيق، وأن الزمن يضغط، فاختارت ما ظنته ملاذًا أخيرًا، لا لأنه معجزة، بل لأنها لم تعد تملك رفاهية التردد.
ويخطئ الرجل حين يتوقع من زوجته — تلك التي وقفت بجواره يومًا بعد يوم، وبنت معه بيتًا وسمعةً وحياة — أن تصمت حين يلوّح بفكرة الزواج بأخرى. فالمرأة التي تبني… تعرف جيدًا كيف تدافع عمّا بنت، وكيف تحمي تعبها وكرامتها وحقّها. ليست نقمة، بل شعور عادل بأن حياتها ليست ورقة يمكن تمزيقها عند أول نزوة.
كما يخطئ الرجل حين يتخيّل أنه يعيش مع امرأة من زمن الحكايات القديمة، سترافقه لتخطب له أخرى، وستبارك خياره وكأن قلبها لا ينبض. فالمرأة التي تُحب بصدق، حين تُجرح، تنقلب إلى قوة لا تُستهان بها، قوة تصون نفسها قبل أي شيء، قوة توقظ من الظلم امرأة أخرى كانت نائمة في الأعماق.
ويتمادى الرجل في خطئه حين يظن أن الزمن مرّ عليها وحدها. يبحث عن فتاة أصغر ليعيد عبرها شبابه، متناسيًا أن زوجته أيضًا تستطيع — إن أرادت — أن تفتح في حياتها بابًا جديدًا ينعش قلبها، ويمنحها ما سلبته السنوات من اهتمام ورعاية.
ثم يخطئ حين يعلّق جمال المرأة الأخرى على شماعة المقارنة، وينسى أن زوجته كانت تستطيع أن تكون أجمل، وأرقّ، وأكثر حضورًا… لو أنها وجدت منه ما يعطيه لغيرها: كلمة طيبة، اهتمامًا صادقًا، دعمًا ماليًا بسيطًا، شيئًا من الحب الذي يُحيي الأنثى ولا يخمدها.
وفي النهاية، يبقى أكبر الأخطاء حين ينسى الرجل أنه لم يعد يعيش وحده. فهناك زوجة لها حق، وأبناء لهم مستقبل، وبيت يحتاج إلى عقل لا تحكمه نزوة، بل مسؤولية.
إنها ليست حربًا بين الرجل والمرأة، بل تذكيرٌ بأن احترام الشريك ليس خيارًا، بل أساسًا لا يُبنى بيت بدونه. وأن المرأة، مهما صمتت، لا تفقد حقها في الكرامة، ومهما ضحّت، لا تضع قلبها تحت رحمة رغبة عابرة.
فلْيتذكّر الرجل دائمًا…
أن المرأة ليست ظلًا لحياته، بل ركنًا من أركانها.
وأن خسارتها ليست سهلة… ولا مجانية… ولا تُعوَّض.
الشاعرة سالى النجار
تعليقات