📁 أخر المشاركات

هرتلة في القاهرة فيلم العام ٢٠٢٥ - عواطف الزين

 


عواطف الزين
هرتلة في القاهرة فيلم العام ٢٠٢٥

يمكنني ان أطلق ببساطة على "فيلم هرتلة في القاهرة" فيلم العام
لانه في فترة وجيزة بعد نشره على اليوتيوب حقق مشاهدات عالية وصلت في شهره الأول إلى ما يقرب من ربع مليون مشاهدة وهذه ظاهرة تسجل لهذا الفيلم الوثائقي الروائي وهو الأسلوب الخاص الذي ابتدعته فرح الهاشم في جميع افلامها منذ البداية واستطاعت ان تخلق جمهورا كبيرا لهذا النوع من الافلام التي كان يقتصر عرضها في الماضي على بعض المهرجانات السينمائية او المناسبات ثم توضع في ادراج النسيان .
من بين عشرات المقالات النقدية ومئات الانطباعات وآلاف المشاهدين يعلن فيلم هرتلة في القاهرة لفرح الهاشم عن نفسه ويطل من بين تلك السطور الهائمة اعجابا وعشقا ليقول شكرا لكل هذا الحب الذي تدفق كالينابيع صدقا وتقديرا وتكريما فشكل رافدا اضافيا للمشاهد والمتابع والناقد ليتحسس موقعه أكثر فأكثر ويعرف ماذا يقول وعما يتحدث .
وماذا يشاهد ؟فكما تحول المخرجة فرح المدن الى كائنات حية نابضة بالحياة ناطقة بالأمل معبرة عن الواقع وشاهدة عليه يتحول الفيلم عندها إلى ناطق رسمي وشعبي بكل هواجسها وسحرها وغموضها الآسر الذي يسير على خطاها وهديها ليكمل مسيرة الألف ميل التي تبدأ بخطوة
ليجسد فكرة زرعتها فرح في اول افلامها الطويلة "ترويقة في بيروت عام ٢٠١٥" وهي ( الحب اعمى حتى مع المدن)
وهذا ما يحدث بالفعل في فيلمها الطويل السادس "هرتلة في القاهرة" الذي يُوقع في هواه كل من يشاهده اول مرة ليجد نفسه مسحورا بالتفاصيل ومسكونا بها فيكرر المشاهدة مرة او مرات ليصبح الفيلم جزء منه.
هذه الميزة التي تلازم كل افلام فرح القصيرة والطويلة منذ فيلمها القصير الاول "سبع ساعات" الذي حصل على جائزة افضل فيلم عربي في مهرجان السينما المستقلة في باريس عام ٢٠١٤ وثلاث جوائز اخرى من مهرجان المرأة للسينما المستقلة في سانتا مونيكا بأميركا في نفس العام . ومنذ ذلك التاريخ وحتى الان لا تكف فرح عن أخذنا معها في رحلة الشغف الآسرة بالسينما عبر كل افلامها مهما اختلفت مضامينها او تفاصيلها او المدن او الشخصيات التي تتحدث عنها. او الجوائز التي حصلت عليها .
اجمل ما يدفعك إلى مشاهدة افلام فرح الهاشم باستثناء الشغف الذي تخلقه حولها هو الحميمية التي تجعل منك صديقا وفيا لهذه النوعية المختلفة من الافلام التي يمكن القول ومن دون مبالغة انها مدرسة سينمائية خاصة بفرح تأكدت وتأصلت عبر مجموعة افلام قصيرة وطويلة على مدى اربعة عشر عاما بدأتها بفيلمين قصيرين هما فريز" فراولة "ومارلين مونرو في نيويورك ضمن مشروعات تخرجها من أكاديمية الفنون في نيويورك / لوس انجلوس عام ٢٠١٣.
بين فرح المخرجة والمصورة والمونتيرة وكاتبة السيناريو بشقيه المكتوب علىُ الورق والمرتجل وبطلة كل افلامها وبين المشاهد اياً كان هذا المشاهد علاقة جميلة جدلية محفزة وحميمية تجعله يتعامل مع افلامها من باب الحب والرغبة في الاكتشاف ولا يمكن لفرح الهاشم المتعددة الاهتمامات والمواهب والإنجازات ان تتخلى عن هذه العلاقة التي تجعل من فيلمها مساحة أمان عميقة التأثير قادرة على التحليق بحرية في سماء المدن التي تأسرها بسحرها وعمقها الإنساني الخاص او العام والذي تحتفي به حلوا ومرا كما في افلامها بيروت برهان ورصيف بيروت وهرتلة في القاهرة .
وهو ما يجعل تلك الرغبة في الاكتشاف التي تتعمق فيلما بعد آخر حاضرة عند كل عمل جديد .
فيلم هرتلة في القاهرة الذي تتلقفه الجماهير بحب كبير هذه الايام اكبر دليل على هذا الشعور الغامر بالأمان في عشق المدن وترجمة أحلامها الى وقائع اجمل من الخيال فاستحق ان نطلق عليه فيلم العام
الف مبروك لصانعة الفيلم ومخرجته وبطلته فرح الهاشم.

تعليقات