لويزا كاميري كويروز: سفيرة السلام رمز الثقافة والفن والأدب في العالم
شاعرة وفنانة بصرية ومربية بارزة تواصل تعزيز الثقافة والسلام على الصعيد الدولي
حاورتها: دنيا صاحب – العراق
لويزا كاميري كويروز، المعروفة أيضًا باسم لويزا ميليتيتش في الولايات المتحدة، هي شخصية ثقافية متعددة المواهب من بيرو تجمع بين الشعر والفن البصري والتعليم. وُلدت في ليما عام 1951 ونشأت في بيئة غنية بالتراث البيروفي والإيطالي والإسباني، ما غذّى شغفها بالأدب والفنون منذ الصغر.
بخبرة تزيد عن 30 عامًا في إدارة البرامج التعليمية للأطفال في بيرو والولايات المتحدة، وبتحقيقها للعديد من الجوائز الدولية، أصبحت لويزا رمزًا للعمل الثقافي والأدبي والإنساني ملتزمة بحقوق المرأة وحماية البيئة ونشر ثقافة السلام عالميًا.
في هذا الحوار الحصري، نستعرض رحلتها الشخصية والثقافية، وكيف دمجت شغفها بالأدب والفنون مع عملها التربوي والاجتماعي، ونلقي الضوء على خبراتها في إدارة المؤسسات التعليمية، وإسهاماتها في القضايا الإنسانية، وأبرز الجوائز التي نالتها، ورؤيتها الفنية والفكرية والرسائل التي تهدف إلى نقلها لإلهام الأجيال القادمة نحو مجتمع أكثر وعياً وإبداعًا.
---
1- سيدتي لويسا، نود أن نبدأ بالتعرف على هويتك الشخصية والثقافية. كيف شكّل نشأتك في ليما، بيرو، شغفك بالكتابة والفن والثقافة؟
• أنا فخورة جدًا بجذوري البيروفية والإيطالية والإسبانية. هذا المزيج من الثقافات المعروف بالتوليف الثقافي (Syncretism)، يمثل جوهر هويتي الفنية. أشعر أن حبي للفنون البصرية يأتي من أجدادي الإيطاليين، في حين أن شغفي بالأدب ينبع من تراثي البيروفي-الإسباني.
لقد كانت نشأتي في الريف البيروفي أساسية لتطوري الشعري. فقد سمحت لي أصوات وروائح تلك البيئة الطبيعية بامتصاص الجمال من خلال الملاحظة والفضول، كنت أمتص كالنحلة رحيق غذاء الفن في كل مكان هذا الاتصال بالطبيعة غذّى مشاعري ومكّنني من التعبير عن نفسي بحرية وهدف، مما ألهمني الشعر منذ سن مبكرة.
علاوة على ذلك، كانت والدتي مؤثرة بشكل كبير كونها مربية. فقد كانت زعيمة رؤيوية، وبعد أن أصبحت أرملة أسست مدرستها الخاصة. لقد أوجدت بيئة لم نكن فيها نتلقى التعليم الأكاديمي فقط، بل أيضًا التعلم الفني مع التركيز المبكر على الموسيقى والرقص والمسرح، حيث غمرت نفسي في جو الإبداع والتفكير النقدي. لقد تشكّلت مسيرتي الفنية في هذا المزيج الفريد من التراث الثقافي والبيئة الداعمة التي خلقتها والدتي.
---
2- لقد أدرت برامج تعليمية للأطفال في بيرو والولايات المتحدة لأكثر من 30 عامًا. كيف شكّلت هذه الخبرة التعليمية الواسعة رؤيتك للأدب والفن كأدوات لبناء مجتمع مثقف ثقافيًا وتربية أجيال واعية؟
• مسيرتي كمربية هي امتداد طبيعي لنشأتي، فأنا أنتمي لعائلة من المعلمين كانت والدتي، المعلمة المثقفة، مصدر إلهامي الأول. خلال سنوات تدريبي المبكرة في بيرو كمعلمة مدرسة ابتدائية، ركزت على تعزيز حب القراءة والشعر والفنون، إلى جانب التنمية الأكاديمية.
عندما انتقلت إلى الولايات المتحدة تطورت تركيزاتي نحو التعليم الشامل للطفولة المبكرة. علمتني خبرتي في هذا المجال أن أرى كل طفل ككيان متكامل متأثر بفلسفات بياجيه وفيغوتسكي ومونتيسوري. هذا المنظور الشامل أساسي بالنسبة لي؛ فالأدب والفن ليسا مجرد مواد تعليمية، بل أدوات أساسية تغذي الحساسية والإبداع والتفكير النقدي.
كما منحني دوري كمديرة ومشرفة مدارس السلطة لضمان وصول كل طفل إلى الموارد المناسبة، مع تعزيز الشمولية ومعالجة احتياجاتهم واهتماماتهم الفردية. لقد عززت هذه الخبرة إيماني بأن البيئة التعليمية الغنية، التي تعطي الأولوية للتعبير الفني والأدبي، هي المفتاح لتشكيل أجيال واعية وتربية مجتمع مثقف ثقافيًا يمكنه التعبير عن إبداعه في جميع مجالات الفن والأدب.
---
3- أنت ناشطة بارزة في مجالات حقوق المرأة وحماية البيئة. كيف توفقين بين عملك الأدبي والنشاط الاجتماعي، وما الرسالة الأساسية التي ترغبين في إيصالها من خلال أعمالك؟
• بصفتي شاعرة ومروجة ثقافية، أعتقد أننا نتشكل بفعل زماننا ومكاننا نحن نمتص العالم من حولنا، وبالنسبة لي، هذا يعني الرد على القضايا المستشرية مثل الظلم الاجتماعي وتدهور البيئة.
يعد عملي الأدبي منصة لنشاطي الاجتماعي. على الرغم من أننا في القرن الحادي والعشرين، إلا أن النساء لا زلن يعانين من العنف والإساءة والظلم المدفوع بالأنظمة الأبوية المتجذرة. تمنح مجموعتي الشعرية 'المشوهات بألف طريقة' صوتًا لدعوة النساء للتحرر والتمكين والحصول على مكانة عادلة في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية
أرى شعري كأداة للنشاط الاجتماعي من خلال دوري كسفيرة ثقافية لـ Utopia Poética Mater ورئيسة CIESART في الولايات المتحدة، أنظم وأشارك في فعاليات ثقافية تدافع عن حقوق المرأة وترفع الوعي
كما يدعو عملي أيضًا لحماية البيئة أساهم في المجلدات والمبادرات الثقافية التي تعزز الالتزام الاجتماعي تجاه بيئتنا، رافعة أصواتنا ضد التدهور الناجم عن الحرب وتأثير الاحتباس الحراري ونقص القيادة المدفوعة بالمصالح الاقتصادية
في النهاية، الرسالة الأساسية التي أرغب في إيصالها هي تعزيز ثقافة السلام، حيث تُحترم المرأة والبيئة كأمر حتمي. نحن نستحق العيش في عالم خالٍ من العنف وفي وئام مسترشدين بقيم العدالة والاحترام لجميع الكائنات الحية.
---
4- ما الجوائز والشهادات الدولية التي حصلت عليها وأيها يحمل أهمية خاصة بالنسبة لك ويُمثل قمة الإنجاز في مسيرتك الإبداعية؟
• بالنسبة للفنانة والمروجة الثقافية فإن التقدير يعد محفزًا قويًا. عملي مدفوع بروح الإيثار، وهذه الجوائز والشهادات شهادة على المثابرة والنزاهة والالتزام الذي أقدمه في مهمتي لخدمة الآخرين من خلال الأدب والفن.
كل جائزة لها مكانة خاصة في قلبي، وتترك أثرًا لا يُمحى. أنا ممتنة جدًا لكل واحدة منها، لأنها تكرّم عملًا محددًا أو مسعى إيثاريًا. يسرني أن أشارك بعضًا من جوائزي وتقديراتي:
Estrella del Sur de Uruguay al mundo (2023)
Medalla Vargas Llosa AEADO 2023
أفضل منسقة، Panorama 2024 من Writes Capital Foundation
الكتاب الذهبي 2024 عن Cargaditos de amor / إصدار Writer Capital
Premio La Pluma de Oro من ALFA Monsefu، بيرو يونيو 2024
دكتوراه فخرية Honoris Causa من AEDO Universidad César Vallejo 2023
Premio Manuel Equihua Estrella 2024
Premio Cristal 2024 Palacio de Medinaceli، إسبانيا، ديسمبر 2024، CIESART
جائزة ويليام شكسبير الدولية في فئة الإيثار (إسبانيا، بيرو، سويسرا) Palacio de Medinaceli، إسبانيا، CIESART 2024
الجائزة الأدبية الدولية “Patricio Vivanco Williams” CIESART 2024
دكتوراه فخرية Honoris Causa من CIESART، منحها Palacio de Medinaceli، Soria، إسبانيا، ليلي بايلون، الرئيسة العالمية
Premio Palma del Mar للمروجة الثقافية، CIESART باريس، فرنسا 2024
ميدالية CCI Utopía Poética Universal / Michoacán، المكسيك، Manuel Equihua Estrella
---
5- بصفتك عضوًا في مؤسسات ثقافية دولية مثل PEN وCIESART، وفي Writers Capital Foundation ومهرجان Panorama الدولي للفنون، كيف ترين دور المؤسسات الثقافية في دعم الأدب والفنون في العالم المعاصر؟
• أعتقد أن كل مؤسسة أنا عضو فيها لها تأثير قوي على تطوير الأدب والفنون وتعزيزهما في العالم المعاصر. اسمحي لي أن أشرح رؤية ورسالة كل واحدة منها، ليس لتقليل أهميتها، بل لتسليط الضوء على مساهماتها الكبيرة في الأدب والفنون:
لجنة نساء الكتاب في PEN International بيرو: تأسست وتقودها الشاعرة والكاتبة والمروجة الثقافية الشهيرة ماريتا ترويانو. الوظيفة الرئيسية لهذه اللجنة هي تعزيز ونشر أعمال النساء البيروفيات وتنظيم الأنشطة التي تشجع على الكتابة والقراءة، وإنشاء أنظمة تواصل ومعلومات تربط جميع الكاتبات البيروفيات بفعالية.
CIESART (الغرفة الدولية للكتاب والفنانين): هي منظمة قانونية تأسست في إسبانيا وبيرو، وقريبًا في سويسرا، منذ عام 2010، وتعمل بشفافية كاملة. الرئيسة العالمية هي ليلي بايلون. لديها مجالس إدارة رسمية ونشطة في أكثر من 120 دولة. الهدف الرئيسي هو الدفاع عن الفن والثقافة ونشرها لخدمة الإنسانية، والتربية من أجل السلام، وتمثيل أكبر عدد من الكتاب والفنانين والمديرين الثقافيين عالميًا.
Writers Capital Foundation: مؤسسة دولية غير ربحية وغير سياسية وغير دينية، تهدف إلى جمع الكتاب والمبدعين تحت مظلة واحدة لتبادل الخبرات والإلهام، وتوفير منصة قوية للتعبير الفني للأدباء والفنانين.
مهرجان Panorama الدولي للأدب والفنون 2025: موضوعه "Jalam: قطرة الحياة"، الذي يستكشف أهمية الماء كعنصر حيوي للحياة ورمز للمرونة والتجدد.
6- حدّثينا عن الأفكار الرئيسية المقدمة في كتابك الجديد "غزالة في نقش فضي"، المقرر صدوره في 23 سبتمبر.
• "'غزالة في نقش فضي' ليس مجرد مجموعة شعرية؛ إنه رحلة روحية وفنية، مكتوبة أيضًا بأسلوب النثر. يشير العنوان إلى فكرتين رئيسيتين:
أولاً، تمثل "الغزالة" الجمال والرشاقة وزوال الحياة والمشاعر. إنها الجوهر الروحي للإنسانية في عالم غالبًا ما يبدو فوضويًا.
أما "النقش الفضي" فيرمز إلى العمل الدقيق والمعقد للحرفي. هذا هو دوري ككاتبة؛ أستخدم الكلمات لنسج مواضيع معقدة وحميمية، مثلما يصنع الحرفي قطعة مجوهرات أنيقة.
الكتاب عبارة عن تقديم تكريمي للرحلة المقدسة لحياة المرأة ودعوة للتغيير الروحي والإنساني في العالم يستكشف التزاوج بين الغموض، والوجداني، والوجودي، ويجمع بين الشعر والنثر. في النهاية، هو كتاب عن الحب، واحترام الأرض، والاحتفال بالكون، والشوق العميق للسلام والمصالحة.
---
7- ما التحضيرات والترتيبات التي تقومين بها لضمان تقديم الكتاب بنجاح؟
• أنا في طور تنظيم الأمور اللوجستية للعرض، وإرسال الدعوات والتحضيرات اللازمة لضمان نجاح الحدث.
---
8- بصفتك رئيسة CIESART في الولايات المتحدة ومديرة أمريكا اللاتينية لمهرجان Panorama الدولي للفنون 2025، كيف توازنين بين المسؤوليات الإدارية والتنظيمية وإبداعك الأدبي؟
• لطالما كانت لدي طموحات عالية وعقلية الفوز. أعتبر نفسي متعددة الجوانب، وأحقق أهدافي دائمًا لأنني أعمل بجد وأثابر للوصول إليها. كما قالت إلينور روزفلت: "المستقبل لمن يؤمنون بجمال أحلامهم". أنا حالمة أبدية.
تدفعني الالتزام والتفاني نحو نفسي لتحقيق توازن فعال في الوقت، مع إعطاء الأولوية للأنشطة الشخصية والثقافية لإنجاز جميع المواعيد النهائية. غالبًا ما "أسرق وقتًا من الوقت"، آخذه من ساعات نومي للكتابة وخلق الشعر. أنا عاشقة للسهر؛ يعمل ذهني بسرعة فائقة عندما يكون الجميع نائمين. غياب المقاطعات يسمح لي بأن أكون أكثر إنتاجية في هذه الساعات.
أعتبر حب عائلتي الأهم، لذا أخصص أيامي لهم، أما الليل فهو لي، وتتدفق الأبيات بنفسها. العزلة والهدوء هما حليفيّ، وتدخل الملهمات، ولا أستطيع الهروب منهن؛ يحتجزنني. هذا هو الوقت الذي أنسج فيه أفكاري بأقصى دقة، ويبدأ الطقس الطقوسي — ذلك الفعل المقدس، الاتصال بفن الكتابة. أشعر كأن الله يلمس صدغي وأطرافي أثناء الكتابة. كل شيء يتدفق بتناغم وتوافق مع روحي وجسدي.
---
9- بما أن هذه المقابلة ستكون فرصة للتبادل الثقافي، كيف ترين دور وسائل الإعلام والمقابلات الصحفية في دعم الثقافة والأدب والفنون عالميًا؟
• في عالم وحدتنا التكنولوجيا والافتراضية دون حواجز أو حدود، بل وربطنا عالميًا، أعتقد أن الإعلام والمقابلات مثل هذه غنية للغاية. إنها منصات حيوية للقادة والشعراء والمعلمين والفنانين لتكون أعمالهم مرئية ومؤثرة في هذا العالم المعولم متعدد اللغات والثقافات.
لهذا السبب، أود أن أشكرك، دنيا صاحب، على اهتمامك بي وبعملي الثقافي وإسهاماتي في الأدب والفنون. أنا ممتنة للغاية لهذه الفرصة الرائعة التي منحتني إيّاها لتقديم عملي وإدارتي الثقافية للعالم.
---
10- وسط جدولك المزدحم بين الكتابة والإدارة الثقافية، ما النصيحة التي تقدميها للشباب المبدعين الذين يطمحون لدمج الفن بالمسؤولية الاجتماعية والثقافية؟
• أشجعكم على إيجاد شغفكم في الأدب والفنون. يمكن أن تكون هذه أدوات قوية لمساعدتكم على مواجهة التحديات العاطفية. من خلال الأدب، يمكنكم الاتصال بواقع مختلف ورؤية أنفسكم كأبطال لقصصكم الخاصة
ستكتشفون جمال خلق أعمالكم الخاصة، سواء كانت شعرًا أو نثرًا أو مسرحًا. من خلال الكتابة، يمكنكم التعبير عن مشاعركم وتجاربكم بأسلوب شعري وفني. في المستقبل سيساعدكم هذا على تطوير مهاراتكم ومواهبكم لتصبحوا كتابًا عظامًا أو فنانين مشهورين.
الأدب أداة قوية للنمو العاطفي والاجتماعي والفكري للشباب والمراهقين. في هذه المرحلة الحيوية من الحياة، توفر الكتب مساحة آمنة للتأمل في المشاعر واستكشاف وجهات نظر مختلفة، وفهم العالم من حولكم. من خلال صفحات الكتاب يمكنكم التواصل مع شخصيات وقصص تعكس تجاربكم الخاصة. الأدب الموجه للشباب يتناول مواضيع مهمة لحياتهم ويساعدهم على بناء هويتهم واتخاذ قرارات واعية عند مواجهة تحديات الحياة اليومية
آمل أن تجدوا فرحة وحبًا عميقًا للأدب. لنكن نور العالم، وأتمنى أن نتمكن جميعًا من إشعال شعلة حب لثقافة السلام العالمية، باستخدام أصواتنا لتحويل المجتمع أكاديميًا وفنيًا بقوة الكلمات.
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع