القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية المستقبل ، رواية " 2160" للهادي جاء بالله - ليلى عوني






رواية المستقبل ...رواية 2160 ...

للهادي جاء بالله

بويب / ليلى عوني/ تونس





قرأت كتابا للناقد البشير الجلجلي يتحدث فيه عن علاقته بمحمود درويش حيث سأله عن الشعر والمستقبل فأجاب “الذاهب إلى المجهول هو الذي يبقى” . والمجهول هنا قد طرقه الروائي الهادي جاء بالله في روايته الثالثة “رواية 2160” حيث لامس موضوعا يتصل بالألفية الثالثة وخاصة ما تعلق بالبيئة والتغيرات المناخية.

الرواية عن دار عليسة للنشر 2023 من الحجم المتوسط وهي تقع في 150 صفحة وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام الأول كلمة وإهداء بقلم المؤلف والثاني الرواية والثالث تعقيب الدكتورة نور الهدى باديس.

ولسنا نبالغ إن قلنا إن الروائي جاء بالله قد قام بمغامرة بطرح هذا الموضوع فهي مختلفة عن السائد بعبارة باديس يحتار القارئ في تصنيفها على مستوى الجنس الأدبي لأنها تحتوي على فنون عديدة ومجالات كثيرة لعبور الرواية لهذه الأجناس كالشعر والقصة والإحصاء والتنجيم والطب وعلم المناخ والتعجيب.

يقسم الكاتب روايته إلى قسمين ماقبل الكارثة الكبرى وما بعدها وبين هذين الحدثين تنبجس الأحداث والأخبار ويطول الزمن فيكون في المطلق والمجهول الذي تحدث عنه درويش في بداية هذا المقال فتطول المغامرات وتدور الأحداث في مدينة “رودة” فتعيش الشخصيات الغرابة في السن والحياة فيمتد عمر الإنسان أكثر من قرن ونيف هو إنسان 2160

وحسب رأيي يمكن أن تكون هذه الرواية لليافعين لما يجدونه من تشويق ومتعة وتصلح كذلك للرجل العالم والمثقف الذي يبحث فيها عن ذاته وعن مستقبل أولاده بعد الكوارث الكبرى التي حلت بالأرض وانفتاح السماء وخاصة ثقب الأوزون.

عندما نتحدث عن شخصية خالد مثلا الذي يبلغ 170 سنة وقاصي وهو في سن المائة وجسمه متماسك وشخصيات أخرى كقيس وسوار الزوجة الثالثة لخالد التي نفرت من الزواج بعد سن المائة والخمسين.

لعب الكاتب لعبة الذاكرة بين الماضي والحاضر والمستقبل لذلك نجد أغلب الأحداث تقوم على هذا المعنى وقد تغيرت هيأة الإنسان فأصبح ضئيل الجسم وتقلص لحمه وعضمه وهو تغير عقب الكارثة الكبرى نتيجة التغير المناخي الذي أنتج مناخا هوائيا جديدا احتوت مادة جديدة هي مزيج “من الإيدروجين والأكسجين” قال عنها الكاتب “وهي المادة التي استنشقتها الكائنات التي بقيت على قيد الحياة، مادة كانت وراء تغيير كلي لجسم الإنسان وغرائزه ومذاقاته وجسر حياته المفترض”.

تحكمت في الرواية بنية زمنية مختلفة كان الاسترجاع فيها هو المهيمن عبر ثقوب الذاكرة.أما النهاية الفاجعة لخالد الذي بدأ يفقد شيئا فشيئا مكوناته فسقط الشعر وتحلل الجلد وانتهى الجد خالد إلى التحلل ولم يبق منه غير الذكرى والرأس الذي يرمز إلى الأصالة والهوية.

كان الروائي الهادي جاء بالله واعيا بأن الرواية عمل خيالي لذلك استعمل العجائبي وهو الكتاب الذي أخذت منه مقولة درويش الذي نقلها الجلجلي حيث يقول في كتابه “إن العجائبي هو سُلالة سردية تؤثر في بنية الرواية ودلالاتها” وهو ما بان واضحا في هذه الرواية التي اعتمدت هذا المنحى العجائبي في بناء الأحداث والشخصيات والعلاقات بينها حتى أنه استعمل تقنية الميتاروائي أو الرواية الواصفة باستعمال الرواية داخل الرواية وقد وجدنا في الصفحة 112 أن الجد خالد يكتب سيرته الذاتية يقول “لقد أصبح الجد خالد أكثر حرصا على مواصلة كتابة سيرته الذاتية وذلك بدافع التردد والهروب من أسئلة تتصارع في داخله وتدفعه للدخول في مغامرة تعامل مع المحفز الجديد “سال - سال”.

تنفتح الرواية عن ذاتها وتحدث عن مشروع كتابة الرواية وهو ما بان في عنوان هذا العمل الّذي صدره بمفهوم “رواية “ سماها 2160” وهو واع بأن هدف الكاتب هو تطوير أعماله الروائية فبعد رواية “الدراوس” سنة 2002 ورواية “موسم الرزاز” 2006 و2013 في طبعتين نجده يقدم على العمل الثالث ناقدا لصوص السياسة والثقافة والبحث والعلم الذين لا هدف لهم إلا المال وبقي الإنسان خارج دائرة الاهتمام وقد فضحهم جميعا فيروس الكورونا الذي حطم وهم الإنسان.

تونس / ليلى عوني

Reactions

تعليقات