القائمة الرئيسية

الصفحات

جماليُة العزلة - صالح سعيد


 جماليُة العزلة

فَي انْفِرَادِي
أَلْتَقِي كُلَّ العُصُورِ، أَذْرَعُ كُلَّ البِلاَدِ.
أَلْتَقِي جَدِّي وجَدِّي، كُلَّ أَتْرابِ الطُّفُولَة.
أَلْتَقِي كُلَّ الأَعَادِي.
أَلْتَقِي عَنْتَر وعُقْبَة وَكُسَيْلة باطِّرَادِ..
وَأُنَادِي، يَا فُؤَادِي:
هَذَا بَحْرِي تَاهَ فِي الكَوْنِ شَرِيدًا، رَامَ أَمْواجَ البِعَادِ..
فَيُلَبِّي وَيُنَادِي: ارْكَبِ البَحْرَ وَحِيدًا إِنَّهُ سِرُّ الرَّشَادِ...
فِي انْفِرَادِي، لِي عَصَايَ،
هِيَ مِفْتَاحُ مُنَايَ وَدَوَاتِي وَعَتَادِي..
لِي شُرُودِي وَجُنُونِي وَمُجُونِي وَعِنَادِي.
لِي شٌمُوسِي وَسَمَائِي وجِبَالِي وَمِهَادِي..
لِي إِلَهٌ لَمْ يَكُنْ يَوْمًا حَقُودًا
أَمَرَ الخَلْقَ بِعَدْلٍ يُزْرَعُ فِي كُلِّ وَادِ..
لِي عَصَايَ تَضْرِبُ البَحْرَ بِرِفْقٍ فَيُشَقُّ،
لأَرَى مُوسَى الكَلِيمَ يَمْخُرُ مَوْجَ العِبَادِ..
وَأَرَى أَعْدَى الأَعَادِي
وَأَرَى هَامَانَ يَشْدُو وَيُنَادِي
مَكْرَ فِرْعَوْنَ العَنِيدٍ ذِي الرَّفَاهِ، ذَي الأَوْتَادِ..
فِي اِنْفِرَادِي لِي بُحُورُ مِنْ نَخِيلٍ شَامِخَة،
وَصَحَارٍ مِنْ ذَهَبْ
وَجِنَانٌ مِنْ أَعَاصِيرِ البُرُوقِ،
وجِبَالٌ مِنْ عِنَبْ
وَخٌمُورٌ مِنْ سُلاَفَاتِ اللَّمَى، تُذْهِبُ عُهْرَ النُّخَبْ
وَخُدُودٌ مِنْ شُعَاعَات النُّجُومِ كَشُوَاظٍ مِن غَضَبْ
وَشُعُورٌ مِنْ أَعَاصِيرِ الشِّتَاءِ تُمْطِرُ القَلْبَ لَهَبْ
لِي إِلَهٌ يَعْرِفُ دَرْبِي الطَّوِيلْ
بَعْثَرَ الأَشْيَاءَ حَوْلِي وَتَوَلاَّنِي القَصِيدَة لِيَرَى لَيْلِي الأَثِيلْ
تُهْتُ فِي لَيْلِي الطَّويلْ
أَصْنَعُ وَحْدِي بِوَحْدِي أُشْبِعُ سِرِّي العَلِيلْ
أُطْفِئُ وَهْجَ التَّجَافِي بالتَّلاَقِي فِي " أَنَا" دُونَ دَلِيلْ.
فِي انْفِرَادِي، أَلْتَقِي ذَاتِي بِذَاتِي
وَأَذُوبُ قَطْرَةَ مَاءٍ بِبَحْرٍ فِي القَصِيدَة، أُنْصِتُ سِرَّ الوُجُود
وَأَرَانِي فِي انْتِشَائِي ذَوْبَ نُورٍ فِي الخُدُود
ذَوْبَ عِطْرٍ فِي تَبَارِيحِ الهَوَاءِ يَمْخُرُ كُلَّ الحُدُود..
صالح سعيد
Reactions

تعليقات