القائمة الرئيسية

الصفحات


 نحو المستقبل

ضربة البداية هي شبه خطوات متعثّرة لا توازن فيها، على سجّاد محاط بوسادات، وفوق السّجاد لعب تنوّعت، واختلفت في جنسها وقيمتها. بعد محاولات وسقطات كثيرة وقفت على ساقيّ وبدأت أدرك التّوازن وأتحسّس الخطوات لأتنقّل حيث تأخذني قدماي ولست محدّدا هههههه. ثمّ صرت أحدّد وجهتي عندما بدأ أبي يضع أمامي لعبة يعرف مسبّقا أنّني أنجذب إليها. ويمرّ الوقت ونحن في غرفة، على سجّاد وقد أزيحت كلّ العراقيل من كراسي وأثاث حتّى لا أتأذّى. صبر أبي كثيرا وهو يرافقني ويدرّبني على المشي، ويعمل جاهدا كي لا أسقط. وإن حدث وسقطت، فإنّه يشجّعني ويغمرني بالتّصفيق وكلاما لم أكن أفهمه آنذاك كي لا أبكي وكي أتجاوز الألم. اشتدّ عودي وصرت أحدّد خطواتي ووجهتي بنفسي، ومع ذلك لم يملّ أبي من توجيهي ومساعدتي كي أستطيع التّمييز بين الوجهات رغم أنّه لا يتدخّل في البداية حتّى يترك لي حريّة الاختيار. وتمرّ السّنين وأبي يواصل مرافقتي وتوجيهي ونصحي لأفوز اجتماعيّا وعائليّا وحتّى لا يراني في وضعيّات يكرهها. هذه صورة الأب وهو يتعهّد ابنه منذ نعومة أظفاره حتّى يكبر ويشتدّ عوده وربّما إلى ما بعد ذلك. فالأب قائد، ودعم، وحصن، وهو أساس من أسس بناء الأولاد معنويّا وماديّا. فهل وفّينا آبنا حقوقهم وانتبهنا إلى الجانب الخفيّ من تلك المجهودات الّتي بذلوها لكي نكون على الصّورة الّتي نحن عليها؟

رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
Reactions

تعليقات