القائمة الرئيسية

الصفحات


الشرنقة 2


***

كانت مباركة تبقى طويلا مع مراد تلاعبه وهو يلاعب دودته . وكانت كثيرا ما تسأله "مراد... أش عملتْ مع العذراء متاعك دخلت للشرنقة ؟ والا مازالت ؟

لم يكن مراد يفهم كثيرا عنها لكنّه قال لها " اسمها بوعبانه" فتضحك مباركة وتقول له "يعطك عبانة تي هي انثى مشي ذكر "

كان همّ الدّودة أن تلتهم أكثر مساحة من ورقة التّوت وتمرّ الى أخرى تختارها غضّة طريّة غير عابئة بما يدور حولها .

مباركة، الفتاة العفيّة التي لم تضحك لها الدّنيا ولم يبتسم لها الحظ يوما. بل كان ينسج حولها خيوط الخيبة. و طبع عمرها بأختام الفشل. ومازال يطبق على أنفاسها ويكبّل يديها الى الخلف. فهي لم تكمل دراستها لضيق ذات اليد ، ورفض الوزارة منحها فرصة أخرى حين رسبت أكثر من مرّة . كان والدها مصرا على تزويجها من ابن عمها . فقد كان كثيرا ما يردد على مسامعها "سترة الطفلة،زوازها إنت مسمية لولد عمّك" كان حلم والدها أن يراها عروسا. وكان حلمها أيضا فابن عمها لا تعايبه بنت وهو وسيم "عبروز يطير الفرنك، جلاب من سوق الى سوق"

وتعالت زغاريد النسوة تتحدى انغام الزكرة وقرع الطبل تتخلله طلقات رصاص بندقيه أحد العرّاسة لكنّ سريعا ما انقلب الزّفاف الى عويل وبكاء على اثر رصاصة طائشة اختارت ان تدخل قلب ابن عمّها قبل أن يدخل بها ويُدخل الفرحة إلى قلبها.

كانت مباركة تسترجع بعض أحداث حياتها. في حين أخذت دودة مراد تبحث عن برعم عود رقيق لتشبّث أول خيط حريري يخرج من فيها فيه بكل اقتدار ويسر. ثم تدلت معه قليلا و أخذت تلفّه حولها ... 
يتبع
نصر العماري
Reactions

تعليقات