القائمة الرئيسية

الصفحات


 الدّخيلة...

حملتها إلى بيتنا فرصة فتح الباب ونسيانه
مفتوحا فدخلت بدون استئذان وانتبذت مكانا يصعب على غير الأطفال أن يجدها أحد. كان المكان حيث توجد لعبهم واشياؤهم الّتي يهرعون إليها في ساعات الفراغ. تكتّمت على وجودها في البيت وحتّى خروجها من ذلك المكان لبعض حاجاتها كان في كنف التّستّر والمخاتلة. تقضي ما شاءت و أين شاءت ثمّ تعود من حيث دلفت إلى بيتنا و تأخذ مكانها من دون علمنا فتنام وتستريح و تقيم كصاحب ملك مقيم في ملكه... و بما أنّ الأطفال منهمكون في مراجعاتهم وامتحاناتهم فلا رقيب ولا حسيب على الدّخيلة ولا علم لأهل الدّار بمقامها عندهم. تساءلنا عدّة مرّات عن غياب بعض الأشياء لكن لا إجابة ولا
علم لأحد بمكان الأشياء المفقودة، و مع أنّ تلك الأشياء لم تكن لها قيمة كبيرة لكنّنا افتقدناها لأنّنا نستعملها و لنا فيها بعض الحاجة. تواصلت تساؤلاتنا و عدم وجود أجوبة لها حتّى كدنا نشكّ في بعضنا البعض. هل هناك من يحبّ نفسه لهذه الدّرجة متناسيا أفراد العائلة وحاجتهم لتلك المفقودات؟ هل في العائلة من قسى قلبه إلى درجة أنّه يحرم بقيّة الأفراد من أشياء رأوها فاشتهوها ثمّ افتقدوها؟ ما تربّينا على هذا. و ما تعوّدنا أن نفقد أشياء من هذا النّوع. لم يأت إلينا غريب عن محيطنا قد يستراب حتّى نشكّ فيه و ما غبنا عن الدّار فنشكّ انّ بعض اللّصوص استحوذوا على أشيائنا. وحتّى إن دخل غريب سارق فلن يدخل بيتا من أجل أن يأخذ أشياء غير ثمينة يظفر منها بربح وفير، خاصة وانّ ما في ديارنا ليس ثمينا إلى درجة أن يكون مطمعا او مغنما في ظلّ ما تعانيه بلدنا من غلاء في الأسعار ههههه..يالا الحيرة و يالا الخسارة اليوميّة، عفوا الأسبوعيّة هههه..فنحن نفقد شيئا مرّة كلّ أسبوع
وليس كلّ يوم. كادت تجتاحنا فكرة أنّ بيتنا مسكون بجانّ أو أنّ أحد المشعوذين أراد بنا شرّا..ههههه..في الأمر سرّ وجب كشفه. انفضح أمرها ذات يوم لأحد أفراد العائلة بدون إرادتها فقد خرجت لتحمي صغارها و تلقّنهم تصرّفات أهل جنسها وحتّى يكبروا أمام عينيها. وعوض أن تكشف لنا ابنتي عمّا رأته وسمعته تعاقدت مع الدّخيلة على الصّداقة و الالتقاء يوميّا خاصّة في أوقات وجبات الأكل و لاحظنا أنّ ابنتي كانت تخرج كثيرا ومعها بعض أكلها و كلّ ما استطاعت الظّفر به من الثّلاجة. وينفضح أمر الاثنتين عندما كانت ابنتي عائدة إلينا من حيث كانت مع صديقتها فقد ارتفع صوت مواء في الحديقة، إنّها قطّة ومعها صغارها كانوا يتبعونها طمعا في بعض الأكل من جديد فربّما ما حملته لهم لم يكن ليسدّ رمقهم ...انفضح أمر الدّخيلة فهي وإن تخفّت في بداية الأمر فإنّها لم تستطع الحفاظ على سرّها فهي لا تخطّط لأيّ عمل تقوم به بحكم طبيعتها كحيوان تقوده جبلته وليس تخطيطا مسبقا " دبّر بليل " . وبالرّجوع لطبيعتنا نحن الانسانية فقد نقبل فعل هذا الحيوان حتّى إن كان مخطّطا له فنحن نرأف بالحيوان ونتعايش معه لنحميه لكنّى أتساءل لماذا قبلنا دخلاء وهم من النّاس ونحن نعرف أنّهم يسعون لتدميرنا ..قبلناهم ورحنا نفتّش عن صيغ نقنع بها أنفسنا كي نقبل أن يجثم الغريب على صدورنا ثمّ يشاركنا ملكناومن ثمّة يسلبنا إيّاه. اتساءل ، أين الكرامة وأين الشهامة الّتي بحّ صوت الأجداد وهم يلقّنون إيّاها؟ أين الغيرة على العرض والحرمات حين نفرش الأرض ورودا وبساطات ملكيّة أمام دخلاء نعرف أصلهم ونفقه تماما غاياتهم من تسرّبهم إلى خصوصيّاتنا؟ وتأخذ بعض النّاس " العزّة بالإثم " فيعلنون على الملإ أنّهم يستقبلون في خيمهم ودورهم دخلاء تلطّخت أيديهم بدماء أمّهاتنا وصغارنا وكلّ من رفض أن ترفع راية غريبة عنّا فوق سطوح ديارنا بل ويسمّون ذلك تحقيقا للسّلام وفرصة للازدهار..
رشدي الخميري/ جندوبة / تونس
Reactions

تعليقات