القائمة الرئيسية

الصفحات


 الليل في البادية  (#أنس تتخلله معاناة )

     ومما أتذكره يا صديقي في أيام الطفولة ، ليالي البادية ؛ كان إذا أسدل الليل أستاره على دنيانا البدوية ، وعم الظلام جنبات القرية ، بدأ نقيق الضفادع من برك الماء وبساتين الفلاحين ، ومما يثير إعجابي ذلك التناغم في إصدار تلك الأصوات ؛ وكأنها في جدال ساخن ، أو في حرب أشد حرارة...
وفي زاوية من زوايا القرية أسمع نباح الكلاب تتعالى أصواتها..كنهيق الحمار عندما يكون في أقصى درجات الجوع والعطش ، وليس ببعيد عن المنزل يقض مضجعك بين الفينة والأخرى ، صياح الديك والشاة من نعاج، وخراف ، وكذا مواء القطط .. ناهيك عن نهيق الحمار وما أدراك ما نهيق الحمار!! فلا تتعب الكلاب من نباحها من مطلع الشمس حتى غروبها..ولا تهدأ الضفادع من نقيقها حتى شروق هذه الأخيرة ، ثم لا تنتهي الشياه من صياحها حتى تساق إلى الزريبة ، و لا تخرس الحمير من نهيقها حتى تحمل على ظهرها الأثقال ...
      أما الطيور المطربات أوتارا ، الباحثات الساعيات عن رزقها ولقمة عيش فراخها ، وفي وكناتها جو حميمي هادئ مع صغارها ،بعيدة عن ضجيج البشرية والإنسانية  فهي تتعب من أجلهم إذ ينتظرها يوم  شاق لسد حاجيات فراخها ، فهي تحيا لحياتهم وتموت لموتهم...
ويمكن القول إن الليل في البادية أشبه وأمثل بكتاب متشعب المواضيع ، عميم الفائدة يسلي النفس، ويوسع المعارف لا يمل ولا يكل قارئه من قراءته وزيارة صفحاته...
بقلم العباسي عمر
Reactions

تعليقات