القائمة الرئيسية

الصفحات


عبور..

رأيتني أوزع المدى محطة محطة
قبل العبور إليّ. .
كان الجسر قماشة بيضاء في مرسم بيكاسو
غرست في جرحها ڨرنيكا
سعيدة..
لا أشلاء مبعثرة
لا امرأةً محترقة
لا عباءات ظلام فضفاضة
يتامى الحرب...لم يقذفوا فوانيس المدينة
بدموعهم..
لم يرسلوا نحيبهم
يقاضي تجار الموت...

رأيتني أعبر الأجيال..
أقطع الأميال
على ظهر جسر معلق
يمد يمناه ليقطف ثمرة نضجت
ويقدح عود ثقاب..
واحد لا غير ..ليشعل شمعة المسيرة
كم كان العبور مشتهى!
السفر عبر التلفريك قفزة بهلوانية من سطح الزمن
إلى جوف المحن..

يحك ثور مدريد ما تبقى في عرفه من شعيرات
يسقط الخوار نتفا حمراء
لتنطلق رقصة الموت
رقصة لم تسجل في قاموس زوربا
يتعالى نواح التروبادور في حفل تأبين المومياء
طواحين الهواء تزغرد في
أذن الوهم..
تنفخ الرمال في جوف الرمال
تمتد الصحراء محالا في وجه الخيال
تنفث الريح في ثقب المزامير عقد الحسد
ولا مدد..لا مدد
و خلف أسوار المدينة
تتوالد الأطلال
يتبارز السؤال مع السؤال..
يرفع الانتصار
راية الانكسار...
تتناثر الشظايا والغبار
يسقط الجدار
على أنف حصان طروادة...يعطس
ترتج الأمنيات
يسقط جدار برلين حمما ونارْ
تتفجر الحجارة احتجاجا
وأسى..
يذوب الجدار شوقا
يعزف للوداع ترنيمة جنائزية .

حلبة الصراع
قماشة ممتدة بين الألوان والإطار
وللألوان أطياف
وأشجانٌ..
تساؤلات..تتشابك
تتنامى إبرًا
كرؤوس الشياطين
الشخوص دمى..
تحركها الريح على رقعة شطرنج
بلا معالم
بلا حدود
كل المربعات ..
مفتوحة على كل الاحتمالات
لا الملك يموت إذا تناهى إلى مسمعه
صدى"كش"
ولا الفرس مازال يتقن المراوغة
النفوذ للبيادق..
فلا عبور إلا منها وإليها...
والملكة بيعت في سوق الجواري..
ولا عزاء للتاج
والصولجان....

فاطمة محمود سعدالله/تونس22/5/2020


 

Reactions

تعليقات