القائمة الرئيسية

الصفحات


الآن تمزق صوتي
جاسم العبيدي
في البصرة
نحن ننام على وجع الخوف
المذبوحون على وجه التاريخ
المسكونون بماء الشط المالح
والزهري وأحواض الكوليرا والقيح
المبتورون من الضلع الأكبر
من تاريخ الحشرات المنسية
المنسوفون من الأعضاء البشرية
يسكننا رعب اللحظة
يملا أعيننا قيح المتشظين
من الأفواه السكرى بالاقداح
نحن المغمورون بماء العذرة
تبتلع الظلمة أحشاء طفولتنا
والصمت المسكون بنار الخوف
تبرأ منا الله وقال لنا :
كونوا القُمّل والدم
صيرنا الرب قرودا وخنازير
كَورنا أنفسنا في تربة ادم
كي لا نبقى مغدورين تلاحقنا اللعنة
نأكل بعضا جيفا
نتغذى بهتافات البعد الخامس
من عصر البلهاء
نفض الخوف ملاءته فوق جماجمنا
وانجَر الحزن إلى الشارع يحمل بودقة النار
عمر ضيعه الزمن المتبقي
المتمدد فينا
مابين حقائبنا ودموع الأطفال
يلتمُ صدى الأصوات
دبقا فوق محاجرنا
لم تبق لنا الريح سوى الخيبة والخذلان
والسمك النافق من عرض البحر
والحيوانات المسلوخة من وجه الملح
لم يبق سوى للبصرة
وجه الحزن
ووجه الخيبة
وبقايانا نحن المنثورون
على شجر الموت
وفي قعر التابوت بلا صوت
نتساءل
ثمة ماذا يسكننا
حين يلامس أوجهنا الجوع
ثملون نغادر
ينكرنا الزمن المر
في عنق الشهوة نتشخص
وفي عنق الكذب الممزوج بماء العشق
تأتينا عبر الإيقونات المزروعة في أبواق الفيس بوك
مزامير قبور تتلاشى فيها أصوات الصبر
أخفقنا بالأوراق الممزوجة بالدبق السري
السائل من أبراج الظهر
خطايانا
أصوات تنفلق كبالونات هواء فارغة
من صوت النطق
نطف نحن نحاول زرع البسمة في أوجهنا
والخوف يواجهنا
يشخر بين أظافرنا
هلع ينصُبُ قيعان شقاء الدهر
حين تمرين
يسألني هذا المتزحلق من قمة راسي
لينام على سعف نخيلك
لايبحر في التيار
يجر ضفائرك الشقراء إلى عرض البحر
الآن تمزق صوتي بين مداخل مدن مجهولة
قابلت هنالك وجهي
اخرج من فمه باكورة حزن لقصيدتي الممنوعة
ثملا يملا كفي بماء الحسرة
أراني وجه الوجع
المنثور على جنح قصيدتي الحبلى
بعناء السفر المتعب في بحر الشوق
لملمني وجها للملتاعين الممهورين
بأكداس الكذب المتسلط فوق رقاب الناس
وحين استيقظت من الغفلة أوصاني
أن اكشف عن ساقيها
بأصابع ترجف من بوح الروح
حين تمر بإطراف بترتها الريح
البصرة ملحمة تلهث من تعب
لا ارض تحمل عنها
عبء التعب الممزوج بأضلعها
لا ماء يحاور اظلعها
ويمازج نخل ضفاف شواطئها
الظلمة مرساة فوق قواربها
تتدلى بين اللعنة والخوف أناملها
أفواه أخرسها الجوع
تتضرع
تشكو
آه لا ادري هل أنت سمائي
يابصرة تأتيني بالرطب البرحي
تمرين محملة بقرابين فراتيك
أم انك تأتيني بقرابين الموت القسري
ورصاص همجي يزرعه الغجر المندسين
على أبواب المصطفين على باب الله
حين تضيق بي الأوجاع وتأتيني
أحجار قصائدها
ينزف جرحي
وتظل على اذرعها انفاس العجزة
يتلون وجه البصرة مصفرا
كغياب الشمس
وحين تحاور صوت الليل
بصمت تهبط
ترسم وجها يندس إلى أعماق الأرض

 

Reactions

تعليقات