القائمة الرئيسية

الصفحات



أرضنا
تتشكّل كلّ الألوان و تتجلّى عدّة أجسام بأحجام مختلفة ..و يتسارع القوم يبحثون لذواتهم عن شبيه أو لون يتماهى معهم...وأصبح كلّ واحد منّا يطبّل لما يراه صائبا أو دامغا ولكنّ الجوهر تاه...تاه لأنّ الإنبات كان فوق السّطح فبرزت الألوان باهتة و الأشكال غير سويّة لا تشفّ عن أصل محدّد ولا عن نوع التّربة الّتي نبتت فيها...تاه الجوهر لأنّه لم يكن المقصود في ذاته...ما نراه فينا هو بحث عن كنية تريح غيرنا و ما كانت لتسبر أغوارنا فتمثّلها...بهتت الألوان لأنّها لم تعكس الرّؤيا الّتي تشكّل ما نعرف و ما دأبنا عليه...أصبحنا نترجى العسل من ...........و نترقّب تدفّق الماء من حجر الصّوان فتصلّبنا كتصلّب الأرض القاحلة بحيث ما عدنا ننطق إلاّ بما يطفو فوق الحقيقة أو ما يجانبها و مع ذلك ندافع عنه ونتبنّاه رغم معرفتنا بأصل حذا المجلوب...و الحقيقة أنّنا لم نجلب شيئا بل تهيّأ لنا أنّنا أصبنا فيما قلنا و ما فعلنا ورحنا نؤصّل ذلك و نكرّسه و الحال أنّه بلا جذور و لا مصدر إلاّ في مخيالنا...يعني كأنّنا نصبّ الماء في الرّمل وننتظر أن تخزّن تلك الكميّة ...بحثنا في الفراغ و أتينا بالفراغ و جانبنا الأصل وأتينا بما لا أصل له فأخرجنا صورا عقيمة جوفاء بلا معنى لا يمكن لعين أصيلة ان تقع عليها و أضفنا مقالا لا يمتّ إلى مقامنا ولو ببنت حرف ... الغاية كانت إنماء الأرض الّتي ضمّتنا لكنّ الطّريق أو الطّرق كانت تؤدّي إلى هوّة سحيقة من المجهول... فرغم بداهة ما تعانيه أرضنا رحنا نفتّش لها عن صور ما كانت ولن تكون متماهية معها وجلبنا لها من النّاس من لا يعرفون طبيعة همّها ولا يهمّهم من معاناتها سوى الظّفر بمكان يغنمون فيه من كلّ ما يقوّيهم وينهكها...ما يزيد الطّين بلّة أنّ الحياة فيها لا يمكن أن تحتمل وجود هؤلاء فهم ثقل على كاهلها . والحياة فيها هي بحث عن الحياة وهؤلاء لا يهمّهم في حياتها بل همّهم هو الغنيمة لصالحهم و الموت لمن أرادوا الحياة..و مع أنّ المشهد بهذه القتامة تنبت هنا وهناك في أرضنا نباتات تحمل الأصل وتثبت هويّتها وانتمائها إلينا ويبقى صوتها ضعيفا ينتظر الالتفات إليه وتقويّته حتّى نسمعه فتينع النّبتة من أصدائه...وتزهر في هذه الظّلمة ورود ألوانها هي ألواننا و الرّوائح الّتي تنثرها نستسيغها وننتشي بوجودها في هوائنا لكنّها تبقى ضعيفة مادامت عواصف الباحثين على الكنية والألوان الدّخيلة تحجبها...مازال الوقت يسمح بترتيب البذور وتنظيف التّربة حتّى يكون الرّبيع ربيعنا الّذي اخترناه وما يحمل في جرابه لنا ما انتظرناه...فهلاّ استمعتم لصوت الارض ؟؟!!
رشدي الخميري / جندوبة / تونس
Reactions

تعليقات