( الفصل الأول من كتابي: خلاصات النسّاج/ في الجمال
إصدار دار الينابيع - دمشق - سوريا - 2009 )
* - *
(مـدخــل)
خطابُ الحداثةِ تخريبُ أنظمة الكتابة
وحفرٌ بالبرقِ في سمائها المعفَّرة بالرماد .
(عـشـتــروت)
تأبيدُ اللحظة . اللا مألوفُ . التحليقُ السرمديُّ .
دمعةُ السماءِ . طائرُ الفينيقِ في الديناصورِ .
الارتحالُ في النارِ . درّةُ الغوّاص .
(الفـنّ)
البراكينُ . قذائفُها . صخورُها .
دُخانُها . حتى فقاقيعُها ..
لا الأرضُ المطمئنَّةُ الباردة .
(طـائــر)
على ريحِ المجاهلِ فارشٌ عينيهِ ..
يتحسَّسُ حركةَ الكونِ فينقضُّ على ظلمتهِ
لينتزعَ منها الكنوزَ :
يُعاودُ التحليق !
(الـفـانــوس)
في الدُّخنةِ ومنَ الرمادِ ،
شبحٌ يطلعُ لملاقاتِكَ :
يُسَلَّمُكَ الفانوس .
(السُّـمـيـكــيُّ)
يقرأُ البحرَ كلَّهُ
منْ أجلِ اصطيادِ لؤلؤةٍ يتيمةٍ
يضعُها على سطرِ منْ قلقهِ الأبديّ .
(الـطـحـالــب)
ممزَّقةٌ في جزرِها بينَ الصخورِ ،
عليها الشمسُ .
(النــار)
في جمجمةِ المخمورِ :
عاقولةُ القبرِ . عُشُّ الطين .
درقةُ الزنابير .
عظمُ الهدهدِ السّابح ضدّ التيار .
اللقى . شعفةُ العربيد .
الخنازيرُ في المدِّ
والنخلُ سلالمُ الأزهارِ
إلى السماءِ
والفجرُ في فمِ العصفور .
حلوى الجنيّاتِ في بيتِ الطفلِ
جنازةُ الخرساءِ والنار .
(موجات)
موجةٌ عاليةٌ في بحرِها .
أخرى متكسِّرةٌ على الصخرِ .
وثالثةٌ ملتحمةٌ بالمحيطات .
(عـنِ الـبـحــر)
في ذاكرةِ البرقِ :
قوقعةٌ طافيةٌ على البحرِ
وقدّاحةٌ طافيةٌ هيَ الأُخرى ،
على البحرِ نفسه .
(شـاطــئ)
سُلاَّءةٌ في عنقِ التغريدِ :
يتدلى منَ السماء !
(الـغُــراب)
الحائمُ أبداً حيالَ الصُّلْبانِ ،
ما اكتفى بقلبِ المسيح !
(الأرض)
كرةً ،بمياهها ومخلوقاتها ،
تُصبحُ بينَ يديَّ :
أُقلَّبُها كما أُريدُ ،
أقذفُها إلى الأعلى وإلى الأسفلِ .
أُفتَّتُها وأشكِّلُها :
مرّةً كلباً أعمى محروقَ الذيلِ
وأُخرى لقلقاً على قنطرتهِ ،
ينتظرُ الأُفقَ ..
طيّعةٌ هيَ في الرؤيا ،
الأرضُ .
(قـبــر)
البيوتُ الهاربةُ بساقيِّ الطفلِ
خلَّفتِ النارَ : يبعثُها قبر .
(غابة)
في مجاهلِها تستطيلُ العيونُ
وتبرقُ الأشباحُ ..
انقضاضاتٌ وصرخاتٌ مبهمةٌ
انفجاراتُ أحجارٍ بينَ الخُطى :
تُطيَّرُ شَعْرَ الرأس !
(شـجــرة)
غريبٌ أَمرُها أغصانُ السماءِ
حينَ كانتْ قامتي ثلاثَ مساطرَ
في الصفِّ كانتْ قريبةً منْ يدي :
أقطفُ منها نجوماً وكواكبَ
وأوزِّعُها على جيوبِ أترابي
فتضيءُ قلوبَهُمْ ..
أشطنُهم في عبورِ النهرِ ،
دحرجَ نجمتَهُ في ملعبِ العشبِ
فطارتْ بهِ اللقالقُ ..
وغريبٌ أمرُها أغصانُ السماءِ
حينَ اقتربتْ قامتي منَ المترينِ
صارتْ ابعدَ منْ ترابِ أُمِّي !
(الـخــوص)
الشجرةُ ،وحيدةُ النهرِ، بيتُ الفاختة ..
ترى ،عندَ أعراقِها، الخوصَ المضفورَ
على شكلِ قلبٍ محترقِ الأطراف !
النهرُ ـ القلبُ
النهرُ ـ خفقةُ ثوبها
النهرُ ـ رائحتُها
النهرُ ـ وجهُها المنعكسُ على رجرجةِ الماء
النهرُ ـ الشجرةُ التي هيَ ،بأصابعِها ،
كتبتْ اسمينا على ساقِها العيطاء ..
والنهرُ ،في التخيُّلِ، ضَفَّةٌ واحدة !
(الـقُـبَّــرة)
زهرةً حافيةً كنتُ أراها ،
في البرِّ ..
أينَ ،هيَ، الآنَ ؟
تحليقتُها في مغربِ الكون؟
رفرفتُها وهيَ تُصَفِّرُ؟
هبوطُها في الحُفرةِ ـ العُشّ ؟
أَ طارتْ ،هيَ, منّي ؟
أمْ ،أنا، الذي طيَّرَها ؟
(سَـمَّـاحــة)
هيَ حلمةٌ كلُّها
حَطَّتْ بينَ شفتيَّ ،
بحليبها الزَّنجيّ .
(درب)
منْ أصابعِ الشيخِ
في الدربِ إلى القُبَّراتِ ،
أقطفُ زهرةَ الرمَّان .
(فـضــاء)
المسحورُ الطفلُ ، مشغلُهُ المجهولُ .
طاعنُ الأفعى في القلبِ ؛ حارسة الموت ..
ومشعُّ الجمال الشامل .
...
البصرة
حزيران- 2000
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع