القائمة الرئيسية

الصفحات

إلى متى يرأف بنا الأموات ؟ - رشدي الخميري

إلى متى يرأف بنا الأموات ؟
تربّصت بنا الذّئاب من كلّ الجهات .وشحذت أنيابها على عظامنا حتّى كادت تقسمها أو هي قسمتها ولم نشعر بعد بذلك. نتألّم ونصرخ ولا جدوى من ايصال صوتنا إلى من في الأصل جعلوا لحراستنا وقيادتنا إلى برّ الأمان فما وجدنا أمانا ولا حتّى شعرنا بصدى أصواتنا لديهم . في كلّ يوم تهتزّ الأرض من تحت أقدامنا تقضّ مضجعنا وتربكنا فننتظر مددا ممّن استأنسنا بهم ليبعدوا عنّا الذّئاب أو حتّى ليخيفوهم ويجعلوهم يتراجعون ولا يؤذوننا .. "لا حياة لمن تنادي ". حتّى الحيطان الّتي نوينا أن نأوي إليها فقد تبيّن أنّها متهرّئة وآيلة للسّقوط. وحجرها ارتدّ علينا يرشقنا ليجعلنا نتراجع فيسيّجنا في دائرة الخوف والرّعب. عشنا أزمانا نترنّم بالبطولة لدى رجالنا ونسائنا. ونكتب كتبا تمجدّهم وتحصي آثارهم فينا وفي غيرنا. حتّى خلنا أنّنا سادة العالم بما لدينا وما صنعنا. في حين أنّ ما صنعناه أخذ وصودر وما نملكه هو في الحقيقة ليس لنا . بصمات أجدادنا وحرّاس بيوتنا كأنّي بها تتألّم لألمنا وليس بيدها حيلة. والقبور كأنّها تغلي والدّم الّذي جفّ في ترابها سال من جديد وها هو يصيح ويؤنّبنا . وكأنّي أيضا بالرّفاة والعظام تريد أن تخرج من مراقدها لتهوّن علينا أهوال ما نعاني وتعيد لنا بعض العزّة . إنّها تريد أن تصون ماء وجهنا وتبعث فينا الأنفة الّتي فقدناها وتثبّت الأرض تحت أقدامنا. لقد بعثنا في النّاس حبّ البلد والسّعي إلى الذّود عن حماية ترابها. ولقد لقّنا دروسا في الشّجاعة وهبّة الرّجل الواحد حين يتعلّق الأمر بالعرض والحرمات . لكنّنا بعنا كلّ ذلك لغيرنا وهاهم يقولون لنا " انتهى الدّرس آن لنا أن ندرّسكم وندوسكم ونهتك ما شئنا من أعراضكم التي فرّطتم فيها فانظروا ما نحن فاعلون ". وتبقى شهامتنا وكرامتنا واعتزازنا بالانتماء قيد الخطابات الرّنانة والجلسات المضيّقة يحضرها المتكلّمون دون سواهم في زوايا مغلقة. إنّي أسأل: " هل تصان الأعراض بمجرّد الكلام في الزّوايا المغلقة؟ هل يأمن النّاس حياتهم وحياة ذويهم حين ترتعش أيادي حماتهم ؟ وإلى متى ننتظر صوتا مدوّيا يقوّينا ويجعلنا نرفع رؤوسنا كباقي رافعي رؤوسهم في الدّنيا ؟ إلى متى يبكي الميّت في قبره على أحياء ميّتين في ديارهم؟
رشدي الخميري/ جندوبة / تونس
 

Reactions

تعليقات