القائمة الرئيسية

الصفحات




في شارع فلسطين حيث تعودت أن تجلس كل يوم، تسعى رزقها من العابرين للشارع، تتوسلهم بيتم أبناءها، وضنك عيشها، وجور الزمن عليها[...].
فاطمة إمرأة اربعينية، أرملة تاجر ملابس مستعملة بباب دكالة، لقي حتفه على إثر حادثة سير، بعدما صدمته سيارة سياحية،  ولاذ صاحبها بالفرار صبيحة عيد الأضحى سنة 86.
خلفت وفاته جرحاً غائراً في حياة فاطمة الشابة بالكاد كانت تطل على العشرينيات من عمرها، المنحذرة من أسرة فقيرة بإحدى قرى الأطلس الكبير. 
جلست فاطمة ليلة رحيل زوجها في زاوية مظلمة، يحيط بها أبناؤها الثلاثة، تفكر في مصيرها والصعاب التي ستكابدها في ما تبقى من حياتها، وهي التي لم تتعود تحمل المسؤولية، ومواجهة المجتمع.
قالت لأبنائها: أه لو كنتم تدركون صعوبة الأيام القادمة يا أبنائي. لقد كان والدكم سندنا في محيط الحياة الهائج، وحارسنا من لؤم الذئاب البشرية[...] لمن تركتنا يا حميد في هذه الحياة البئيسة؟ لماذا رحلت عنا فجأة،ولم تخبرنا برحيلك؟.
أسبوع بعد الحادثة وجدت فاطمة نفسها في الشارع، تتسول الصدقات من عتبات المقاهي والمؤسسات البنكية، لتطعم أطفالها وتؤدي واجب كراء الغرفة السوداء التي تأوي أسرتها الصغيرة[...]تخلى عنها المجتمع، نسي وجودها بعدما دفن زوجها في مقبرة الحي، وصار الأطفال يسخرون من ابنائها في المدرسة، ينادونهم بأبناء المتسولة، كما نبذتها نساء حيها.
ككل عيد جديد تنزوي فاطمة في غرفتها، تغلق عليها بابها الحديدي، وتأمر أبناءها بالنوم المبكر حتى لايسمعون صيحات وقهقهات الأطفال، وهم يلاعبون الأكباش.
من ظلام الغرفة ينطلق صوت واهن للإبن البكر قائلا: هل تسمعون صيحات الأطفال، إنهم مبتهجون ومختلفون عنا.
يرد عليه أخوه الأصغر: لماذا نحن تعيسون ومختلفون عنهم؟
تجيب الفتاة الصغيرة: بابا ليس هنا، لماذا لم يعد بعد من سفره، كما تقول ماما.
يصمتون لأنهم سمعوا همهمة أمهم،وينامون على أمل عيد سعيد قد يأتي يوماً ما، وقد لا يأتي.

عزالدين الزريويل 

Reactions

تعليقات