القائمة الرئيسية

الصفحات


حلم قلميبات قلمي يحتضر و يسترق بعض الهواء من فجوات الحروف المتراكمة على الأوراق..بحّ صوته وكلّ زنده من حمل المعاني وقذفها في كلّ الفضاءات.. يحتضر بعد جهد كبير بذله لينير دروبا و مسالك كانت غامضة وقد تكون لا تزال كذلك على الرّغم من إلحاحه و إلحاح كلّ الأقلام الّتي ساندته أو تماثلت معه.. يحتضر لأنّ ” الرّياح تجري بما لا تشتهيه السّفن”..يحتضر حسرة وكمدا لأنّه شاخ و مال لون حبره إلى الرّماديّ و ما عاد يرى وصارت حروفه صعبة الاقتفاء رغم أنّه يكتب بلسان النّاس من حوله و يشكو آلامهم.. كتب صدقا و رسم جمالا و أعطى أملا.. فتح آفاقا وبسط فكرا و بدّد ظلمة الألوان القاتمة الّتي طغت على السّطوح.. دعوت قلمي أن يجاري الواقع حتّى يتسنّى له العيش و يطول مقامه.. لكنّه تزمّت و التزم بما سمّاه حلم حياته..حلمه كان صورا جميلة في البيوت ..ألحانا بهيجة في كلّ وسط تطأه أقدام النّاس..حلم قلمي بسمة دائمة على ثغر طفل سار على قدميه إلى مدرسته النائيّة و تناول لمجة تحت ظلّ شجرة قبل أن يعود إلى قسمه..وقطع مسافات متشعّبة شتاء و صيفا ليرتقي بنفسه و بمن حوله وحتّى يحقّق درجات تؤهّله إلى أن ينمو و ينمّي..حلم قلمي ان تلتقي العائلات حول مائدة طعام فلا تخاف زوالها أو فقدانها في اليوم الموالي..ويحلم قلمي أيضا بأن يخرج الأفراد إلى عمل يومهم مهما كان نوعه دون أن تشغلهم ريبة إن كانوا سيعودون أو لا يعودون…رجوت قلمي أن يتخلّى عن بعض حلمه و يغنم مما حوله فيتجدّد ويعود حبره إلى سالف عهده..لكنّه يصرّ على مواصلة الحلم ليجعل النّاس يحلمون مثله فيلتفّون حول ذلك الحلم ليكون واقعا معيشا وليدّخر النّاس جهودهم على درب يجمعهم ويسعدهم.. أتعبني و أتعبته فاتّفقنا و لم نتّفق..اتّفقنا أنّه يحلم و حلمه صعب المنال فالكلّ يحلم و الكلّ له الحقّ في التّشبّث بحلمه والانتصار له و اختلفنا.. فحلم قلمي النّاس و البلد و حلم النّاس هو ذواتهم أي نعم لا أنكر عنهم حبّهم للبلد لكنّي أتساءل لماذا لا نتخلّى عن ذواتنا و نحن نحبّ البلد؟ لماذا لا نقتنع بأنّ حبّ البلد والنّاس فيه سيجمعنا و سيحقّق آمالنا الخاصّة من بعد اجتماعنا حول البلد..؟
رشدي الخميري/ جندوبة /تونس
Reactions

تعليقات