القائمة الرئيسية

الصفحات

غراميات في الدوار...
في سياق الغرامياات البدوية وما يتصل بها من حكايات وذكريات، حدث ذات تاريخ بجغرافية نائية أن بعثت إحدى شابات الدوار
لمعلم القرية برسالة داخل خبزة جاءت بها أختها الصغيرة إلى المعلم، في سياق أن أقرب طريق لمعدة غريب بالقرية هو معدته، ومن باب أن الزوفري محتاج محتاج وخا يكون عندو تاج... وجاء مكتوب بالورقة " البنت الحب كالبقرة الحلووب...."
استلمنا الغنيمة أي الخبز طبعا وأخذنا الورقة وأمضينا اليوم كله ونحن نعلق ونفكر ونتساءل عن كيمياء الحب، وما يصنعه من شاعرات وتضحيات هذا إن كان حقيقيا بالفعل...وفي خضم النقاش والتقشاب تذكرنا عبد الحليم وأغنيته " رسالتة من تحت الماء "، غير أن رسالتنا هاته كانت من تحت خبزة.
ومن يومها وفي كل صباح كنا نراقب تلك الفتاة، نتلصص عليها وهي ذاهبة لنبع الماء أو مرافقة لأختها الصغيرة إلى المدرسة.
غير أن الشيء الأول الذي اختلفنا حوله، إلى من وجهت الرسالة ؟!
والشيء الثاني فشلنا في فك بعض رموزه هذه الرسالة، فقد كان إلى جانب الكتابة، رسوما لقلوب وخناجر وحروف، ذكرتنا بالفنانة التشكيلية الشعيبية طلال رحمها الله والتي أجابت حين سئلت كيف يحدث معك الإلهام والإبداع " كنكون كلسا معلي ما بي حتى كيجني دكشي...". وصاحبتنا من فتايات الدوار كانت جالسة حتى فاض القلب ومعه الورقة بما يفهم ولا يفهم، فلقد صدقوا حين قالوا " لا يمكنك أن تلجم قلبك لحظة حب...".
وكما اختلفنا حول تفسير الرموز اتفقنا حول المكتوب، فرغم كثرة الأخطاء بما كتب إلا أنه كان نابضا معنى مفخخا دلالة.
ومضت السنة وهي تجمع الماء من النبع المجاور، ونحن نتلصص عليها، وكلما صادفت أحدا منا كانت تبتسم على استحياء. وأيقنا في النهاية أن لا أحد منا يستحق عبارة حب حتى ولو كانت ركيكة...
وأجدني اكتب هذا النص البسيط وفاء لتلك الذكرى، وتكريما لتلك الفتاة، التي عبرت بصدق رغم قساوة الواقع، وعدم مطاوعة اللغة، ولامبالاة كائنين كانا يلتهماني خبزها اليومي بحب معدي نسبة إلى المعدة وليس قلبي صادق. وصدقت الكاتبة رضوى علشور حين كتبت " نحن مدينون باعتذار إلى أولئك الذين أحبونا بصدق ونحن لم ننتبه..."
عزيز الزروال / المغرب
Reactions

تعليقات