القائمة الرئيسية

الصفحات


سوف تكتمل الصّورةأأرهقني السّفر إلى الوطن..وتألّمت من الوطن..تألّمت منه ليس لأنّه أخطأ في حقّي بل لأنّني ما أعطيته قدره وما بذلت ما يكفي ليكون في أبهى حلله فتألّمت..ووطني وعدته بالفرح والنّقاء والصّور الجميلة..حتّى المهملات أشعلنا لها نيرانا في كلّ صوب و حدب لنحيطها ونحاصرها وجمعنا لها الحطب وخلنا أنّنا أتلفناها إلى الأبد.. لكنّها برزت من جديد بل واستفحلت ولم تخل منها رقعة في البلد فزاد ألمي وألم من أحبّ الوطن . كنّا عطشى وكنت من أشدّ النّاس عطشا لصورة جميلة في وطني فركضت مع الرّاكضين و صرخت وهلّلت لرؤية الرّواء قادما على مهل بل و أعددنا لحفظ الماء أواني و جرارا ...لكنّ الّذي كان يبدو ماء كان مجرّد سرابا صنعه في مخيّلتنا العطش للوطن فتهنا في السّراب وتداخلت السّبل فتهاوينا على الأرض من هول المفاجأة و تفاقم الضّمأ...وعادت المهملات لتعمّم الفوضى ...وسال الماء على جباهنا حياء من الوطن وحسرة على الصّورة الّتي لم تكتمل...شربنا من ماء اصطناعيّ وسلّمنا أنّنا ارتوينا وهيّا لنبحث عن جديد نرتّق به الفجوات فينا حتّى العام المقبل أو السّنين القادمة. بدأنا نسكّن جراحنا وما خلّفه العطش في حناجرنا و نسينا المهملات لبعض الوقت... لكنّها لم تنس ولم تركن للرّاحة فهي تتكاثر و تمتدّ في كلّ آن وحين لتسكن كلّ فجوة و نبض حتّى لا نقوى عليها. عدنا من حيث خرجنا و عاودنا السّفر وقلنا إنّ السّراب لن يخدعنا مرّة أخرى ولن نلدغ ثانية من حيث كانت الآلام و اعتقدنا أنّ من كان إلى جانبنا لن ينضمّ لمن لدغه ويتركنا في جراحنا وآلامنا فهو منّا. كنّا في الصّفّ الأوّل وكانوا في السّلال يجهّزون العفن والفوضى حين أوقدنا النّار لنطهّر منهم الوطن ولم نعلم أنّ المهملات امتدّت فسحبت بعض الجمهور ا=إليها ليطفئها ويعيد رسكلتها ليتسنّى لها أن تعيش بيننا دون أن ننتبه إليها . لكن لا عليك يا وطني لن تنتظر أكثر ممّا انتظرت ولن تشقى أكثر ممّا شقيت. سيبدّد النّور الظّلام وسيأتي الفيضان عوض السّراب وزهرة اللّوز لن تخدعنا بقدوم الرّبيع. سنصنع الرّبيع والصّيف وكلّ الفصول والصّورة الّتي لم تكتمل أوشكت أن يرفع عنها السّتار لنتباهى بها ونطلق المهرجان في كلّ الأرجاء...
رشدي الخميري / جندوبة / تونس
Reactions

تعليقات