القائمة الرئيسية

الصفحات

السّونس انتدردي (31) - نصر العماري



السّونس انتدردي 31
خرج "حمدان "من مطعم السائح وهو يمرّر أصابع يده اليمنى على فمه وذقنه ليطمئن أن لاشيء من المرق علق به . لاحظ "حمدان" "الحضبة "وسط الطريق قريبا من محلّ غوار اللّبلابي .
فتقدّم يستطلع الأمر ، فاذا بصديقه يتّجه نحوه تاركا مجموعة الفضوليين يحلّلون ظروف
وقوع الحادث .
فبادره حمدان " آشنهي لباس؟ "
فطمأنه" الحاج خلف الله "بأن الله" قضى ولطف" . وأخذه من يده في اتجاه مقهى عمّار شارع ابن أبي الضياف ، حيث الباب الخلفي لدار الثقافة وباب مكتبة صغيرة تبرع ببنائها أحد أعيان الجهة اشتهر ببنائه لعدّة مساجد بالمنطقة وهو آخر من حمل لقب" شيخ زاوية" زاوية جدّه الرّحمانية الطريقة ، حيث تبعد شرقا عشرة كيلومترات على شارع الجمهورية قلب المدينة النابض .
ترافقا كل من "حمدان "و " خلف الله" وهو يمسكه من معصم يده اليمني إلى نهاية الشارع حيث سور بناية الولاية سابقا من جهة نهج الكاف.
أحسّ "حمدان" أن "الحاج خلف الله" يريد أن يقول له شيئا ، فسايره حتي جلسا على حافة السّور الحجري الذي لم يزد ارتفاعه على ذراع مثبت على طوله سياج حديدي متين أسود اللّون .
أقسم "خلف الله" برأس جدّه الوليّ الصّالح انّ ما حدث له اليوم لم يحث لابن آدم
مما شوّق "حمدان" فازداد استعدادا لسماع ما حدث فألان عريكته و"شنّف" أذنيه وحدّق عينيه يتبع حركات وزفرات وتنهيدات الحاج الذي راح يسرد ما وقع له مع " العبيدية التكازة" هذه النسخة المطابقة للاصل من معشوقته "منوبية" "منوبية الشّهباء" كما كان يناديها ولدها منذ ثلاثين عاما أو أكثر.
وحين رآها عاد ت به الذكريات الى سنين خلت الى قصّة حبّه الأول حين وتعرّف على "منوبية"لمّا كان يجمع الزيتون في "بوحجلة " أحد معتمديات القيروان
فهي من كانت ترعاه وتطعمه وتفرش له تحت "الخروبة " هي من علمته كيف يجمع الزيتون كيف يضع القرون في أصابعه هي من علّمته كيف يميز بين أنواع الزيتون وهو من علمّها من الحبّ فنونا
أصبح "خلف الله " يفهم في "الياقوتي والشملالي والرقراقي وبيض الحمام والزرازي والمسكي والفوجي والسيالي والبراهمي والشتوي والشمشالي والجربوعي وناب الجمل والليموني " وغيره كثير
لكن الذي لم يفهمه لماذا رفض والدها تزويجها له؟ . وأنّه" بات ما صبح" حين اخبره أنه مستعد يحضر أمه ووالده .
رحل مع ابنته الوحيدة يتيمة الأم ولم يمهله أن يعرف من" منوبية "الوجهة التي اختارها.
وأعيت الحيلة خلف الله فلم يعرف أين رحلت ؟ وأخذت قلبه معها .
واغرورقت عيناه دموعا.فأراد حمدان أن يخفّف عليه فهمس مؤكدا " ياحاج يخلق من الشبه أربعين "
فمسح خلف الله عينيه بظهر يده وردّ عليه و العبرة تغلبه "لالا ثمه حاجة ما تعرفهاش"
وأشار إلى وشم في معصمه وأضاف" ريتو هاضه ، كنّا متفاهمين كان جابت وليد توشمو في ايدو كان طفلة توشمو في ذقنونتها" .
وارتفع صوت الأذان مدوّيا" الله أكبر الله أكبر" فأضطرب حمدان ينظر في ساعته
وفي وجه خلف الله قائلا" آوخي آشكون يذّن توّه؟ مازال وقت الظهر ، تقريب خلت يا حاج ؟"
ونهضا مسرعين نحو الجامع في حين تواصل الاذان مدوّيا يقطع صمت المدينة ...
يتبع
نصر العماري
Reactions

تعليقات