القائمة الرئيسية

الصفحات

هنا مات وطني (الفصل الثالث) - مهند كريم التميمي

الفصل الثالث من قصة / هنا مات وطني ..
في قرن الأنحطاط و بعد صحوتي من نومي العميق شعرت بأن أركان غرفتي تتراقص بفعل الأيقاع الصاخب للأرض اللتي تحملها ، توقعت أني في غمرة حلم أو ربما شارد الذهن ، لذلك أشعر ما أشعر به الآن ما هذا الصخب ما هذه الضجة العامة اللتي تجلد جدران منزلي وتصدح في صيوان أذني ، لا أستطيع الأنتظار أكثر ، سأقوم و أرى ما يحدث بالخارج ، نهضت مسرعاً من سريري الى باب المنزل وفتحته فتفاجأة بشيء غير مألوف ، كان جميع رجال بلدتي يحملون على ظهورهم أكياس من التراب و الحجر متوجهين به الى قمة الجبل ، كان الجميع مسرعاً في عمله منكباً على عمله ، سألت أحدهم كان يمر بالقرب من منزلي ، ما الأمر يا رجل و ماذا يفعلون رجال بلدتي بهذه المواد أعلى الجبل ، رمقني بعيناه اللتي تقطر دمعاً ثم نكس رأسه ، قلتُ له ما الأمر يا رجل تحدث لما الصمت ، قال ألا تعلم بأقتراب الطوفان من مدينتنا وأن سيلاً جارفاً سيهدم كل بيت من بيوت بلدتنا و سيقضي على حالنا وأموالنا وتجارتنا وأهلنا وأطفالنا ، قلتُ عن أي طوفان تتحدث هل أنت مجنون ، أيعقل ما يفعلون هؤلاء الرجال ، حقاً لا أعلمُ شيءً بكل ما يحدث الأن في بلدتي ، بات الأمر يستفزني و يثير غضبي كأني لم أكن أحد أفراد سكانها سحقاً ماهذا الجنون ، حينها عدتُ الى غرفتي غاضباً لا أعلمُ بماذا أفكر أو ما كان يقصده بالطوفان ، أمضيتُ وقتي أجلسُ في أحد زوايا غرفتي تائه أعيشُ بحالة أكتئاب تستنزف فكري دون معرفة ماهية ذلك الشيء اللذي يشعرني بالغربة أو محاكاة ذاتي سوى أني أعيش بكابوس مظلم يكاد أن يقضي على كل شيءً بي ، و عند حلول المساء توجهتُ الى نافذتي لأرى ما أنجزه هولائك الرجال وجدتهم مستمرون بعملهم دون توقف ، أسأل نفسي هل هم مجبرون على العمل ، أم أنهم حقاً يصنعون المستحيل برغبتهم ، في أيقاف ذلك الفيضان و أنقاذ أفراد مدينتهم من الطوفان المميت ، لم أحصل على جواب ، أعيد السؤال لنفسي مجدداً ، هل هم مجبرون على العمل ، أم أنهم حقاً يصنعون المستحيل برغبتهم ، في أيقاف ذلك الفيضان و أنقاذ أفراد مدينتهم من الطوفان المميت ..
لا جواب لسؤالي ..
لا جواب لسؤالي ..
حينها غضبتُ ، جننتُ , صرختُ , مزقتُ , كسرتُ , حتى أرتطم رأسي بركن ما بغرفتي ثم سقطتُ ثم نهضتُ مجدداً كالمجنون أصرخ ثم أتسألُ ثم ,,,,,,
لا جواب لسؤالي ..
أشعرُ بأن أحدهم يسعى لفعل شيءً شنيع في بلدي و ذلك الطوفان اللذي تحدث به هو ليس بطوفان كما ظن بل ستكون وعكة صحية كبيرة أشبهُ بفايروس أو ربما وباء قاتل صنع على يد أعداء الأنسانية كانوا ينتظرون ساعة الصفر أو لحظة الضغط على زر للقضاء على كل من يعيش على أرض بلدتنا الفقراء المساكين الطيبين ، تعبتُ من كل شيء ، و أصبحتُ مجهداً لدرجة الهلاك ، حتى أني لا أستطيع النظر أو حتى تحريك أي جزء من أجزاء جسدي سأحاول النوم قليلاً ، عسى أن أنسى هذا الكابوس الذي يلاحقني في صحوتي طوال الوقت ، و ما بين النظر الى منتصف السقف و بين التفكير بالطوفان غفوت أنا مجهداً ، و بعد مرور من الوقت لم أشعر إلا و أنني أسقط من سريري مفزوع مرعوب أصرخ بأعلى صوتي لا ،لا ،لا ،،،،،،،
وكان جسدي يعتصر عرقاً كأن الكابوس يداه تنقض على عنقي تخنقني يود القضاء علي بطريقة بشعة ، حينها حاولت الوقوف على قدمي لكنها خانتني ولاتساعدني ، حاولتُ مجدداً لا فائدة من أمري حينها أطررتُ أن أزحف كي أصل الى الحمام لأغسل جسدي و جميع مسامات جلدي الذي أغتصبه ذلك الملح الأسود و عند وصولي أغلقت الباب خجلاً من أمري و من ذلك الكابوس الذي يلاحقني كل لحظة و أخرى ، و بعد خروجي من الحمام حاولت تغيير ملابسي و أستعادة بعثرتي و الخروج مجدداً الى خارج منزلي لأرى ما جديدهم ، و عند خروجي صرخت سحقاً هل تشاهدون ما أشاهده الأن ، أنهم ينصبون الحواجز الكونكريتية و يفصلون قطاعات بالأسلاك المعدنية كلاً على حدا كأنهم يودون فصلنا عن عالمنا ، حياتنا ، أهلنا ، مثل ما فصلوا تلك الأم عن أبنتها ، هل يودون بتر عروقنا ، أم يسعون لزراعة الحقد و الكراهية في داخل رؤوسنا ، لشن حرباً دامية عالمية شاملة يقع ضحيتها أنا و أنت و من حولنا للقضاء علينا بصورة جماعية رهيبة ، أنا لا أصدق بما شاهدته منذ فجر هذا اليوم البائس و حتى هذا الوقت ، لا أنكرُ لا ، بأنني خائفاً جداً و جميعي يرتجف كصوص دجاج أبيض ، ذبح على يد رجل مسن بائس عديم الرحمه ، بتلك السكين العمياء حتى جعلتها تتمنى الموت قبل وفاتها ، و لا أخفي لا ، بأنني أفكر برعباً شديد ، أن غفوت مجدداً قد يأتي أحدهم لقتلي أو أصحى من جديد ..
بقلم الكاتب / مهند كريم التميمي !!
Reactions

تعليقات