القائمة الرئيسية

الصفحات


كان اليوم رتيبا ثقيلا كهزأة الرّيح في شعاب المنفى ..الصّمت طويل كالدّهر والبيت ساكن تجوبه أنفاس النيام . لم يقتحم هدأتي البائسة غير صوت هاتفي ..أسرعت أتبين الرقم على الشاشة...بدأ لي غير مألوف وبدون صاحب كأنه انتظار ملقى على رصيف ...همت بالتجاهل لكنني قرّرت في النهاية أن أردّ علّ خبرا يبدّد وحشتي .
- ألو ..من معي ؟
- أخت قلبي ..ههه
كان صوتها مشفوعا بقهقهة كبواكير نيسان...لم أتوقّع أن تكون هي وأن تتصل بي فأسمع صوتها الذي أفزع صمت حلقي فقوّضه وحوّله إلى حبور ارتعش له روحي ...
سعدت جدا باتصالها ..لقد أقلقها غيابي على الأزرق فآثرت السؤال يخترق الافتراضي فيسكن وجه الحقيقة والواقع واسترسلنا في حديث طويل بدأ لي عجيبا على بساطته..شعرت معها أنني أناجي المرآة فافصح لوجهي عما ثقلت به الرّوح ...ونزّ الكلام من شفتي كالسّيل الجارف في دفق عجيب وكنت بين الحين والآخر أصمت لأسمع حديثها الشجن ...كم وجدتني فيها وكأني أعرفها منذ ما قبل البدايات ....لها سكينة مشتهاة وهدأة ناعمة وتحنان كصوت الأمّ التي لا تعود إلا عبر الذّاكرة ولعنة الغياب...تشابهنا كثيرا في التفاصيل التي تبنينا فكانت تقولني وهي تبوح بما لفّ قلبها الغضّ ...كم كانت رائعة في ذلك التّسريد الشجيّ ...انسقت وراء صوتها حتى أني كنت أجيب زوجي بإشارة من راسي وحركة من يدي على أن المكالمة ذات أهميّة وهو يهمّ بالسؤال عن هويّة المتّصل ....
أيقنت بعد حديثها أن التّسمية التي كنا نتبادلها "أخت قلبي " لم تكن من فراغ ولا أملتها المجاملة وزواق الملافيظ بل كانت سكن النّفس للنّفس تخترق الافتراضي ..كانت احتياجا للحظة صدق وصفاء ننبش عنها في صحارى التواصل لنعود خائبين ...كانت أخت قلبي فعلا افترشت صوتها ونمت دون كوابيس ..

كانت سهام بن حمودة sihem sessou

------
هاجر عوري
متابعة : سهام بن حمودة
Reactions

تعليقات