القائمة الرئيسية

الصفحات

هنا مات وطني (الفصل الحادي عشر) - مهند كريم التميمي


و بعد مرور بعض الوقت عاد المحقق من جديد يحملُ في يده صحيفةً و الأخرى فنجان قهوة , قائلاً هل لك أن تقرأ لي بعض العناوين اللتي أشير تحتها بخط أحمر , قلتُ ماذا تقصد بالخطوط الحمراء , قال الحمراء اللتي تدون قضايا العهر و التهريب و القتل و السلب و الفساد اللذي يملئ تلك الزوايا الميته في بلدي , قلت وما شأني بذلك , قال أليس أنت واحداً منهم , قلتُ ماذا ,,,,,, حينها أصابتني الصدمة كأن أحدهم فجأة أفرغ فوق رأسي دلو ماء بارد وعصفت بجمجمتي رياح هوجاء حتى جعلت الكون برمته يدور من حولي , , قال هل تفاجئت , قلتُ لما أتفاجئ وأنا لم أرتكب أي جرم مما ذكرته , حينها نظر ألي بعينان فيها سم زعاف وتقدح شرر ثم وضع يده بجيب سترته اليسرى و أخرج منه مسجل صغير قائلاً , هل تود أن تسمع ما بداخل هذا الشريط , قلتُ هل هو مفبرك , ضحك بتهكم ثم نهض عن كرسيه يحوم حولي كفريسة يتحين لحظة الأنقضاض تهتز الصحيفة بيده بشكل متواتر ينم غيظاً , ثم وقف خلفي وهو يهمر كأنه وحش ورمى ألة التسجيل على الطاولة بشكل عصبي , نظرت في وجهه المتجهم الغريب المعالم كوجه غول يريد أن يلتهمني وأنني لم أشهد مثل هذه الملامح قط فأرتعدت فرائضي وبدأ يتصبب جبيني عرقاً بارد ويداي ترتعشان من وهرة مارأيت من تقاسيم وجهه , فأصابني الذهول وبدأت الأفكار تأخذني آلى الأسوء هل أبنتي قد ورطتني و أخبرتهُ بأني شريك معهم في الجرم لتنتقم مني , حينها صرخ بي صوت أجش حانق يقطر منه الغيظ ألم تتفوه بأنك لم ترتكب أي جرم , أدر آلة التسجيل , ثم صوب المسدس على رأسي قائلاً , أقسم برب السماء لا يهمني قتل أمثالك الجبناء , نظرت آلى ألة التسجيل وأن أتمنى أن تختفي من أمامي , ثم رفعتُ يدي متردداً و هي ترتجف من على ساقي ماسك بألة التسجيل دون الضغط على المفتاح , ثم ركلني بركبته عل كتفي على وجهي وبطني ورأسي بشكل هستري كأنه مصاب بلوثة جنون وصراخي وعويلي دعى أفراد الشرطة للدخول فحجبوه عني وأدركت أن دخولهم هو اللذي رحمني وكان رأسي تملئه الكدمات وجهي مهشم ينزف الدماء من الجروح البليغة اللتي أحدثها بي من ذلك الأفتراس اللذي أمعنه بي , و كنتُ على يقين حينها بأن كل شيءً سينتهي قريباً على يده , هذه المرة لن أطلب من الرب أن يساعدني في محنتي أو أعاتب أحداً أو أرتجي منه ليفك أسري ما دمت أنا صاحب القضية الخاسرة و سأتحمل كل ما يجري لي , بالرغم من تلك الدماء اللتي مازالت تسيل من بين شقوق رأسي و وجهي ساعدني أحد أفراد الشرطة اللذين كانوا بالقرب من باب مكتبه بالوقوف مجدداً و أعادني على الكرسي من جديد , وهو يدور هنا وهناك يتلمظ غيظاً كلبوة جريحة محاصرة وسلب منها فريستها , قال كبركان أنفجر ويقذف الحمم أدر مفتاح ألة التسجيل , قلتُ في داخلي يا ألهي مازال يصر و يصر مجدداً على أيقاعي و تعذيبي , قال هل تود أن أبرحك ضرباً , أم أقتلك , حينها وضعت سبابتي على مفتاح ألة التسجيل وضغته و إلا بصوت إبنتي قائله ,,,,,,,,,, كان يأتي كل يوماً يترنح في منتصف الليل تمتلئ ثيابه برائحة الخمر الكريهه لدرجه حتى أنه يعجز عن خلع ملابسه وحذائه و لايدري أين يلقي بجسده الثمل فاقد الأدراك , من كثرة تجرعه للخمر , كان يتصرف معنا بصورة غريبة كأننا لم نخرج من نسله أبداً , غير مهتماً سوى بحُبهُ لهواه من لعب الميسر وأحتساء الخمر و غيرها , و حتى لم يكن يسألنا عن حالنا و كيف تجري الأمور معنا , كانت أمي طريحة الفراش دوماً و بالرغم مما تعانيه من مرض مزمن كانت تصنع الخبز ثم تقوم ببيعه لكل من يحتاج أليه , و هي الوحيدة اللتي تهتم بنا وتحتضننا وتحرص علينا , رغم شقائها ومرضها وضنك الحياة اللذي جعلها كعجوز شاحبة المعالم ليس في وجهها نضارة وجسدها بلا قوة . و ذات ليلة مظلمة عاد آلى البيت متهالك القوى , مخذول , فاشل , مهزوم في لعب القمار مذعور و مجنون يصرخ و يضرب و يكسر كل شيء في طريقة , وأمي المسكينة كانت تحتضنه دوماً كطفل صغير تراعيه رغم قسوته و تقول هذا نصيبي من الدنيا , وفي ليلة أستفاقت من نومها على صوته اللذي يرعد ويزمجر ويتوعد وهي تلاطفه وتبكي وترتجف خوفاً من أن ينفذ ما يجول برأسه من أفكار شيطانية وتجثوا على قدميه تقبلها وتترجاه , قائله لا تفعل بنفسك هكذا فما تقوم به هو غير شرعي و سيحرقنا بالنار و سيكون وقعه وخيماً علينا جميعاً , أرحم نفسك و أرحمنا معك , فأنا ليس لي القدرة حتى تحمل , ألالام مرضي بسبب نقص الدواء و ما تفعله بنا كل ليلة ,,,,,,,, حينها قام المحقق بأغلاق المسجل قائلاً ياليتني أمتلك القرار الفوري بتوقيع شنقك أمام العالمين لتكون عبرة لمن أعتبر , حينها قام بمنادات الشرطة كي يأخذوني ألى الحمام لأنظف رأسي و وجهي و ثيابي من الدماء ..بقلم الكاتب / مهند كريم التميمي !!
Reactions

تعليقات