القائمة الرئيسية

الصفحات

هنا مات وطني(الفصل العاشر) - مهند كريم التميمي




لا أستطيع النوم أو حتى أن تغمض عيناي هاهي نار الشك تقلبني على جنبي المقرح بالأحتراق تحفر بي أخاديد عميقة من خوف تساورني وتقض مضجعي صخرةً صماء , أو ككابوسً قابع على صدري يبعثني على الأختناق أن ضميري براثنه تمزق عقلي وتنهشه , هل من أحد لأجلس معه مدة من الوقت كي أحدثه عن اللذي أشعر به الآن , هل من أحد أقول له أن ضميري يكاد أن يخنقني , لا بل هو مازال يزيد أصراراً على تعذيبي ثم نهش فكري بدل قتلي كي يريحني من هذا العذاب اللذي أشعر به هذا الوقت , أصبحتُ أعيش دور ذلك اللذي أرتكب جريمةً في حق الأنسانية أجمع و بات يخاف حتى من ظله الفارغ , أتقلب على سريري يميناً و شمالاً عسى أن تسرقني غفوة كي يهدأ فكري من ضجيج ذلك التأنيب المميت , سأرى كم الساعة الأن عسى أن يحل الفجر فوالله لم يعد فكري و كلي صالح لأي شيء , أوف , الحادية عشر ليلاً هذا هراء , كأن الساعة لا تود أن تمضي مسرعةً هذا اليوم , كأنهم متفقين علي لينهشُ ما ينهشوه مني ليجعلونني أتذوق القليل من طعم المرار اللذي أذقته لتلك الوديعة المسكينة اللتي لا أعلم عنها شيءً , هل قدموا لها شراباً , طعاماً , هل هي نائمه أم زال يقضمها الانفعال مني , هل تقف بباب زنزانتها ترفع أكفها تتضرع ألى الله لكي ينتقم مني , يا ألهي أدركني أرجوك فليس لي القدرة على تحمل هذا الكم الهائل من التأنيب , سأقوم أصنع لي بعض القهوة , لا , لا تجدي نفعا و أنا أعيش بهذة الحرب النفسية القاتلة ما بين فر و كر , سأغير ثيابي كي أخرج من هذه الغرفة اللعينة اللتي كلما نظرتُ ألى سقفها و جدرانها شعرتُ بأنها تطبق من حولي شيءً فشيءً كأنها تود أن تشعرني بأني أعيشُ داخل جدران قبراً قديم , كجثة هامدة , مفزوعةً , مرعوبة , على روحها اللتي تتعذب بصورةً مخيفة بالقرب منها , لا أستطيع البقاء أكثر سأقوم لأتنفس بعض الهواء أكاد أن أختنق , نهضتُ مسرعاً ثم غيرت ثيابي على عجل ثم قمت بالخروج من غرفتي متجهاً ألى سلم الفندق ثم ألى الشارع , وقفت أمام الفندق أتلفت يميناً و شمالاً لا أعلم أين أذهب كأني فاقد العقل و البصر أتجهتُ شمالاً أتخطى بين الشوارع و الأزقة أشبهُ برجل متسول يبحثُ عن ملاذاً أو حتى جحراً صغير كي يستطيع الأستقرار به , سأمتُ من نفسي , و من جسدي , و من ثيابي و من شدة هذا العذاب الأليم اللذي ينتشر بكامل أعضاء جسدي , حدقتُ ألى ساعتي اليدوية و هي قرابة الثانية عشر ليلاً حينها غضبتُ بشدة حتى خلعتها من يدي ثم رميتها أرضً ثم سحقتها بكعب حذائي مراراً و تكراراً حتى تبعثر كل شيءً بها , حينها جلستُ على رصيف الطريق غارق باللوم و البكاء حتى داهمني الأعياء و التعب و النعاس و لم أشعر حينها إلا برجل يقف بالقرب مني صاحب شيبة بيضاء يتكأ على عصى و هو يقول لا ترهق نفسك هذا جزاء ما فعلتهُ في حياتك ثم أختفى فجأه , حينها نظرت من حولي وإذ بي غافيا على جانب الطريق دون شعور , ها هي الشمس تشرق و لم يبقى لي سوى ساعات قليلة للذهاب ألى مكتب التحقيقات سأعود ألى الفندق كي أغير ثيابي اللتي تمتلئ بالروائح الكريهة و الأتربة , ها أنا أدخل ألى الفندق , صباح الخير , صباح النور , كم هي الساعة الأن , السادسة صباحاً شكراً لك , حينها توجهتُ ألى سلم الطابق حتى وصلت ألى باب غرفتي فتحت الباب دخلت خلعت ثيابي ثم دخلت ألى الحمام ثم خرجتُ أرتديت ثيابي ثم جلستُ على الكرسي مترقباً عقارب الساعة , و بعد مروراً من الوقت خرجتُ من الفندق متجهاً ألى مكتب التحقيقات كي أصل في الموعد المناسب و بعد وصولي , جلستُ في صالة الأنتظار حتى يأذن لي بالدخول على ذلك المحقق و أنا متردد كيف سأجلس أمامه و هو يجلدني بنظراته القاسيه المفترسة , الخوف يسيطر علي و الشكوك تعجُ بكل ركن من أركان رأسي , و بعد مرور من الوقت نادى الشرطي من مع السجينة (؟) قلتُ أنا , قال تعال بسرعة , حينها دخلنا سويةً ألى مكتب التحقيقات و كان المحقق غاضباً جداً و ينظر لي بنظراتهُ الأستفزازية , كأنه يود أن ينتزع جلدي من على جسدي , بقيتُ بحيرةٍ من أمري أفكر هل هو غاضباً مني أم أن هناك أحداً أغضبهُ قبل وصولي , جلستُ و أنا كلي خيبة و ندم أفكر كيف سيمر هذا اليوم بسلام , قال كيف حالك , أجبتُ بخير , قال كيف كانت ليلتك , أجبتُ لا بأس بها , قال هل لنا أن نبدأ , أجبته بنعم , قال حدثني عنك , أجبتهُ قائلاً أنا فلان أبن فلان أبن فلان أسكن في بلدة تدعى (؟) و هي بالجانب الغربي من مدينة (؟) أبلغ من العمر التسعة و الأربعون عاماً أعمل في مصنع الجلود منذ سنين طوال لدي بنت في عمر الأثنان و العشرون و لي ولدان أيضاً الأول يبلغ من العمر الثامنة عشرة و الثاني الثانية عشرة من عمرة , قال هل أنت أرمل , أجبتُ بلا , قال أين زوجتك , قلتُ موجودة , قال لما لا تذكرها , قلتُ لا أعلم , قال كيف حياتك الزوجية , قلت لا بأس بها , قال ماذا تقصد لا بأس بها , قلتُ نحن نعيش كما يعيش أي زوجان , قال هل تحبها , طأطأت رأسي حينها و لم أرد على سؤاله , قال ما أمرك , قلتُ لا شيء , قال هل تحبها , حينها لا أعلم ما جرى لي كأن الوقت عاد ألى الوراء قليلاً كي يتحول أمامي على شكل سيناريو فلمي بتصوير قديم , كيف تكون حالتي حينما كنت أعود ألى المنزل و أنا أترنح من شدة السكر , و كيف كنت أعاملها بقسوة و كيف كنت أضربها و أطلب منها النقود حينها , قال ما بك , قلتُ هل لي أن أرى أبنتي , قال نحن لم نختم حديثنا بعد , ألتزمت الصمت حينها , قال هل تحبها , قلت لا أعلم , حينها غضب من جوابي له , ثم قام من الكرسي ثم ضرب بيده على الطاولة بشدة قائلاً , لم أرى أنساناً أقبح منك طوال حياتي , ثم ركل الطاولة بقدمة ثم تركني وغادر الغرفة ..
بقلم الكاتب / مهند كريم التميمي !!
Reactions

تعليقات