القائمة الرئيسية

الصفحات

في حضن امي تعلمت الحب و رسمته نبضا يخفق بين ضلوعي ومن آمن بالحب و بالأخلاق و بالعلاقات الإنسانية لا يغريه متاع الدنيا مهما كانت مغرية لانه تربى على العطاء والسخاء بدون حسابات، في حضن أمي تعلمت الفرح انشره و تعلمت ان ابتسم حتى إن كنت أتقرح وجعا و أكون إيجابيا مع الجميع حتى من كثرة سلبياتهم، في حضن امي تعلمت الطيبة التي زرعت بذورها في أولى حديقات حياتي و أنبتت قلبا لا يمكن إلا أن يكون طيبا رغم الخيبات، أتغاضى و استمر نحو طريق عنوانه المحبة، اقتلع الاشواك من أمام الحفاة و أزرع الزهور للحائرين والتعساء، أحمل على كتفي الحمائم البيضاء و بيدي غصن زيتون، اتخذ من الحمام عنوانا للسلام أنشره و من غصن الزيتون حبا في الأرض و الوطن والإنتماء لدين الإسلام ازرعه، ونفتخر أن كلمة السلام بما تحمله من معاني تنفع البشرية جمعاء هي آتية من دين الإسلام الذي شرفنا به الله تعالى، و زرع في قلوبنا محبة و ألفة تجمعنا في بوتقة التضامن و الوفاء والأخذ بيد المحتاج ومساعدة من يستحق المساعدة وهذه من أرقى القيم الإسلامية والإنسانية التي قد لا نجدها في مجتمعات غربية، في حضن امي تعلمت اشياءً لن يمحوها الزمن و لن تغيرها عصرنة الحياة فقد رضعتها حليبا في أول قطرات اللّبى في أولى ايامي التي بعثت فيها إلى هذا الكون، في حضن امي تعلمت كيف تحتضنك الأم بحبها و حنانها و عطاءها الاّ محدود وتعلمت كيف تحتضنك أرض الوطن في أول لمساتك وانت تحبو وتلتمس ترابها، في حضن امي تعلمت كيف تغرد العصافير فرحا و كيف ترقص الورود في الحدائق و كيف يتمايل الشجر سعادة، في حضن امي تعلمت كيف تسقط المطر رذاذا فتسقي الكون و تمنحنا الحياة و تبعث فينا الأمل فتنبت الخيرات و نعيش بسلام، في حضن امي أيضا سمعت صوت القنابل تخترق جسد العروبة فتمزقه و تعلن الحرب على الأطفال الأبرياء تعلمت كيف يرتعشون خوفا ورعبا وبكاء ودموع تنهمر وهم لا يدرون شيئا مما يحصل، في حضن امي رأيت جسد طفل في فلسطين تمزقه الشظايا و أمه تحتضن جثته وتزغرد لتعلنه شهيدا، في حضن امي سمعت ورأيت كيف أن الدبابات تخترق بغداد و تنهش لحمه وخيراته لسنوات طوال لن تنتهي، في حضن امي كنت أشاهد كيف أن مصائب العروبة تتوالى و تتعدد في هون العرب، في حضن امي سمعت صراخ أطفال بيروت و صيدا سكت الجميع طبطبت على جسدي النحيل يد امي ونزلت من عينها دمعة سقطت على خدي وقالت لنا الله يا ولدي لنا الله يا كبدي الله لنا الله يا سندي، ثم ضمتني بقوة لحضنها و اغمضت عيوني بدموع الحسرة ونمت على أمل أن تستفيق الضمائر و تشعر القلوب ليعلموا أننا لا نريد شيئا، خذوا كل شيءخذوا المال والرجال خذوا الذهب الاسود والأبيض فقط دعوا طفولتنا تعيش بسلام ربما أطفالنا يصنعون أوطانا بذورها المحبة و ثمارها السلام ولا غير السلام.
-------
عادل الدبابي / تونس 22/10/2019
Reactions

تعليقات