القائمة الرئيسية

الصفحات


لكلّ عصر شهرزاده،...لكنّ البعض يُنكرون ذلك ولا تستهويهم إلا تلك المرأة التي استطاعت أن تكون آخر امرأة في حياة شهريار... "ألف ليلة وليلة"قصص يرى فيها الرّجل نفسه بطلا،بطلا كان يظنّ أنّه سيقتل جميع النّساء... سألتني قهوتي:"هل صدقت شهرزاد فيما كانت ترويه؟هل روت لشهريار كلّ تلك القصص حبّا فيه أم مُجرّد كيد لِتُنقذ نفسها من موت ينتظرها صباحا؟ ولأنّني لا أجيب إلا نفسي عن هذا السّؤال،همستُ لها:"لم يكن حبّا،كان كيدا،...لقد مرّت ألفُ ليلة من الدّهاء لتكون ما بعد الألف ليلةُ الجفاء،ليلة انتهت فيها حرب قامت ليال طوال بين شهرزاد وشهريار لِتنتهي بفوزها العظيم"..."أتعلمين-يا نفسي- كانت قصصها ستروق لي لو لم تكن من روتها شهرزاد،لو كانت لِرَاوٍ قصّها دون غاية،دون ميعاد"... نظرتُ في الفنجان فرأيتُ شهرزاد قد غرقت في أوهامها..أَهِيَ خُفّاشة لا تحيا إلا في الظّلام؟وهل تكيد الخُفّاشة في الظّلام.. سكبتُ لنفسي المزيد من القهوة،وغَرَقَتْ شهرزاد في الفنجان واٌختنقتْ بالبنّ لِيبقى ذكرها مُجرّد حروف في بضع مُجلّدات تتوارثها صفحات التاريخ،صفحات مجهولة دون كاتب،...لها فقط قرّاء عشقوا القصص بعد أن عشقوا شهرزاد.... واليوم ماتت شهرزاد،ولم يبق لي إلا أن أكتب لها تأبينا:"رَحَلْتِ يا شهرزاد،رَحَلْتِ يا مَنْ أَحْبَبْتِ رجلا قتل ألف امرأة،وفي ليلة بعد ألف ليلة أكل الطّعم فَأَنْقَذْتِ روحكِ وأَنْقَذْتِ روح آلاف النّساء لكنّكِ عِشْتِ مع شهريار جارية زوجة مدى الحياة،... فلَيْتَكِ قَبِلْتِ الموت واٌلْتَحَقْتِ باللّاتي رَحَلْنَ من النّساء"... هكذا تعلّمتُ الكتابة،هكذا تعلّمتُ أن أكتب لنفسي،لِأكون أنا بين السّطور شهرزاد نفسي،لِيقرأني شهريار الحاضر نهارا... وإذا كانت شهرزاد الماضي تروي حكاياتها ليلا لِتتوقّف فجرا عن الكلام المُباح فأنا أكتب مع انبلاج الفجر لتبدأ الحياة...
______
ليلى كافي/ تونس
Reactions

تعليقات