القائمة الرئيسية

الصفحات

الجزء الاول
نون...الف...اخر الحمام
نون...الف...ميم..
يا.....
يا جدي :
طال اغترابي في جحر القصيدة ...
وكم كان الخجل طويلاً
حين تسألني الكائنات :
لمَ أنت هنا !!؟
ألتفتُ خلفي ، يهرب الحجر مني فأخجل
تهرب الازقة...
تهرب الارصفة..
تهرب الأعشاش التي قدت بمهارةٍ من الغصن ،
يهرب الشجر ..
يهرب مفتاح البيت من بين اصابعي
ويبقى الغراب ساخرا على رماد جثة قديمة يراقبني ، انا...
انا أعلم أنه يذكرني بدمي فأخجل ..اخجل..اخجل
ألتفت الى يدي ..
اقفل باب ذاكرتي..
أخيط الخيمة من الامام ..
لا طريقَ لي وسط هذه الأسئلة المربكة
ليتني...
ليتني كنت محارة يهاتف بها صبي الضيعة ذاك الازرق البحر البعيد
ليتني كنت جزءاً بسيطاً من الامنيات
ليتني كنت جسر عبور لحلم بسيط
او بساتين ورد للعاشقات
ليتني...
ليتني كنت شجرا طويلاً ..طويلاً يحط عليه القمر والكائنات ..
ليتني في غياب الامنيات غبارُ كوكب تشظى في الغياب

صدى صوت يقلقني
صدى صوت يتبعني
صدى صوت يشدني
يااااا ..... يا أنت .....

حين فتحوا قبره ...
كانت يده اليسرى تشير الى قرطبة
ويده اليمنى تعزف زرياب
هذا كل ما تبقى من جدك التاريخ

لم....
لم اجد قميصا او عمامة ملونة كي اصافح بيدي كنائس الارض
لم اجد رقعة بيضاء كي أتلو قصائدي فوق مآذن الارض
لم اجد شرفة نابضة بالحياة كي اقول لبوذا صباح الخير ..
تبتسم خارطتي ويحط الحمام

لم...
لم يكن ثمة ما يكفي من الكراسي لتجلس السماء بمفردها دون ان نعيرها اهتماما
دون ان نخدش غيمة تلكأت ذات فصل ..
وكم كانت وجوهنا شاحبة وكم كان الانتظار طويلاً !
ودون ان تشير الاصابع : هاهنا صوت خفي هو المطر سيهطل هذا الفصل ..
هي الارض قدّت لنا منذ اول سباحة في الهاويةْ
نحن فتحنا بطونها بالدعاء والامنيات ...آه كم نحن واهمون..

نون..الف...اخر الحمام
نون...الف...ميم
منذ الخصوبة...منذ اكتشاف وجهك يا وجهي
منذ اغتسالك بالماء و الطين

نون...الف...ميم
هذا الجسد الهش في الكهف..

لم...
لم يكن العنكبوت صديقا
لم تكن يده تجيد رسم الاستفهام
لم يكن توءم أحد كي يهمس لصاحبه
ظلنا يحرسنا

هذا...
هذا الجسد الممتد من البحر الى النهر...
طويل جدا...وقصير جدا
لزج... هش...
مشاغب...
متناقض....
يخيط حذاءه كما يخيط عقله مخافة ان يتسرب ماء الفكرة فيحدث فيضان جميل يعيد ترتيب الخيمة من جديد

سدوا...
سدوا منافذ شرقية
وسدوا تلك المساحة الكامنة بين الاصابع
وطافوا جميعا بالحجر كسرب نمل على حافة بئر
لا الماء يصعد للاعلى ولا النمل صاحب مفاتيح الفكرة....

جسد...
جسد هش، طويل ،قصير ، متناقض
مهزوم في صباحه
مهزوم في مسائه
ومنكمش كعجينة باردة ساعة نومه

ثمة من فتح ثقبا في كومة دود القز
ثمة انشطار مهيب في الحجر
ثمة شظايا
ثمة اخبار تتواتر
ثمة رعشة
حركة استثنائية...
ثمة من أحدث برزخا مابين مفصل الخيمة وعقم الفكرة

من...
من سيعاقب اصابعه ؟؟؟
اختلف الأئمة والرهبان
ثمة من اشعل حطبا
ثمة من جهز سهما
ثمة من قال : هذا رجس من عمل الجان

طفل يهرب صوب رؤيته..
أركضُ نحو يده ...
ألوح له بنصف جلباب ورائحة فكرة توارثتها عن جدي...
فكرة ولدت بمفردها ساعة قلق ...
ولدت هكذا بلا زغب
صامتة كحجر بازلت...
اخذنا نصفها نشيدا للقيامة وماتبقى حبل غسيل لايامنا المزدحمة بالفوضى وبعض فتاوى متراكمة كأعشاش دود القز

رسمنا في العتمة لونا قيل أنه الابيض وقلنا ادخلوا جميعكم باب الحياة
كان الاحمر طاغيا.. مستفزا غريباً ، لم يكن ذاك الاحمر باب الحياة..

كنا...
كنا ادق الناس في كشف الاسماء المستعارة
ورتق الخرافة بالخرافة
كأن عقولنا بكارة شرقية نخاف ان يفتحها خيط ضوء فحل

قلنا لبعضنا البعض تعالوا نجتهد اكثر في التأويل...
اخذنا من البيدر قمحا
ومن الشجر حطبا
ومن الزيتون زيتا
ومن الخراف قربانا هزيلا
دلو ماء لاغتسال الحنجرة من اهازيج الهجير ساعة منتصف العبث
لم.....
لم نكن ننتظر شيئاََ
نعم...
لم يكن جلدنا المائل لسمرة القمح يكفي كي تبشرنا السماء بغلام يمشي على قدميه
يده من تراب..
وجهه من تراب
وضلعه الماء
كي لا نقطع له اقدام الماعز والشجر والببغاوات
نرضعه من فتيات بكر
ونطلي رؤوسنا بابتسامة تترصد غبار فتنة

أركض...
اركض اكثر ....لكنني ...
اخاف ان يُسقط الكفُّ ضحكةً خبأها وجهُ جدتي المسكين لمواسم حصاد لا شيء تبقى هنا الا صدى الاغنيات الممزوجة برائحة الصبار....
حبات الزعرور الجبلي ،
خربشة القش فوق الاكف وحالة ولادة مستعصية
نسبت للغيب...

يراوغني....
يراوغني يهرب مني..
اعود لخطوتي الاولى
اسرج لي وجهة لايعرفها
اركض..اركض..
تباً لا اجده..
انا من ضيع وجهَ هذا الطفل..

لا تدخل هكذا للحمام
لا تأكل بيدك اليسرى
الخمر حرام في بعض الاحيان ، حلال !!!!
تزوج قدر ماشئت
هن من ضلع اعوج
تحت نسائك جنات الخلد
هل طريق الجنة اعوج ؟
ام انا في الاصل اعوج ؟
هو يشير الى الكوكب
وانا اسحب المجداف من المركب
غدا تصهد يا جسدا.... ويأكلك الغول يا ولدي...

(...يتبع الجزء الثاني..)
# آل عمار
متابعة / سهام بن حمودة
Reactions

تعليقات