القائمة الرئيسية

الصفحات

حذار من تقديم تنازلات في دعوى التحكيم بشأن تصدير نفط كوردستان عن طريق تركيا - د. رائد المالكي

حذار من تقديم تنازلات في دعوى التحكيم بشأن تصدير نفط كوردستان عن طريق تركيا
منذ أوائل عام 2014، سمحت أنقرة لـ "إقليم كردستان العراق" بتصدير النفط بشكل مستقل ومن دون موافقة وزارة النفط الاتحادية، بحجة التعويض عن التخصيصات المالية المحتجزة، وقام الإقليم بربط خطوط الأنابيب الكردية بخط أنابيب العراق ـ تركيا في بلدة فيش خابور الحدودية الخاضعة لسيطرة "إقليم كردستان العراق". وقد مكّن ذلك "إقليم كردستان العراق" من بيع نفطه مباشرة إلى السوق والاحتفاظ بالإيرادات؛ ويعد هذا العمل غير قانوني ومخالف للدستور الذي اعتبر النفط ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات (م 111). كما خص الحكومة الاتحادية برسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية ( م110).
كما ان قيام تركيا بتسهيل عملية التصدير واشتراك شركة ( بوتاش) الحكومية التركية في العملية ينتهك احكام اتفاقية خط أنابيب العراق ـ تركيا في عام 1973، المعدلة في الأعوام 1976 و1985 و2010. والتي تنص على أن الحكومة التركية "يجب أن تمتثل لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام الآتي من العراق في كافة مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية". وعند تمديد الاتفاقية في عام 2010، أكدت تركيا أن "الجهة العراقية" هي في تحديدها "وزارة النفط في جمهورية العراق".
ولذا فقد قامت "شركة تسويق النفط" العراقية برفع دعوى خاضعة لتحكيم "غرفة التجارة الدولية" نيابة عن وزارة النفط. والمدّعى عليه هو الحكومة التركية، التي تمثّلها شركة "بوتاش" المشغّلة لخط الأنابيب والمملوكة من الدولة.
وقد أشرفت القضية الآن على الانتهاء، ويُتوقَّع أن تُصدِر "غرفة التجارة الدولية" قرارها في شهر آب/أغسطس أو أيلول/سبتمبر 2019 والذي يتوقع بنسبة كبيرة ان يكون لصالح العراق. وفي هذه الحالة فان المحاكم التركية ملزَمة باحترام قرارات التحكيم الأجنبي، لذا سيؤدّي أي حُكم ضد أنقرة و"بوتاش" إلى إلزامهما باتّباع تعليمات بغداد بشأن تسويق كافة النفط الخام وتحميله في جيهان، بما فيه النفط الخام الذي يشغّله الأكراد وتُنتجه شركات النفط الدولية. وقد يَفتح الحُكم الأوّلي المجال أمام بغداد للمطالبة بالتعويضات في جلسات إضافية في "غرفة التجارة الدولية" في العام القادم.
واليوم غادر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الى تركيا في زيارة رسمية هي الأولى له الى تركيا منذ توليه المنصب ، ويتوقع ان يثار موضوع قضية التحكيم وان تعرض بعض التسويات بشأنها خاصة في ظل وجود مخاوف لدى أمريكا بشان امدادات النفط الى العالم والمخاوف من التوتر الامني في الخليج ، حيث يكون من مصلحة واشنطن تامين تصدير النفط العراقي عبر الشمال لتعويض النقص الحاصل بسبب إيقاف تصدير النفط الإيراني. واذا ما كسب العراق هذه الدعوى فسيفقد الأكراد وشركاؤهم التجاريون في قطاع النفط أي حافز إضافي يدفعهم إلى تصدير النفط الخام وسيكون أي تهديد يصدر عنهم بإيقاف الإنتاج مبررا. وإذا أغلق كلا الطرفين خط أنابيب العراق ـ تركيا، سيخسر سوق النفط العالمي ما يقرب من نصف مليون برميل في غضون أسابيع.
تركيا هي الاخرى لديها مصلحة واضحة في تسوية القضية وكذلك الاكراد الذين صرحوا سابقا بان وجود عادل عبد المهدي فرصة لحصد مزيد من المكاسب والأموال . إبرام اتفاق متعلق بالميزانية يحوّل مبلغ 490 مليون دولار شهريا إلى "إقليم كردستان العراق" من دون الحصول على تنازلات مباشرة في المقابل. بل ان الاقليم لا يسدد أي مبالغ مقابل ذلك الى الموازنة العامة وحسب تصريح وزير النفط الاتحادي الاخير.
لذا فاني احذر بشدة من أي تنازلات في قضية التحكيم المتعلقة بتصدير النفط وأحث السادة البرلمانيين وأصحاب القرار على الوقوف بوجه أي توجه للتنازل عن حقوق الشعب العراقي خاصة وان السيد عادل عبد المهدي اقدم على اتخاذ عدة قرارات وتوقيع اتفاقيات كانت لمصلحة الدول الاخرى اقرب منها لمصلحة العراق، في حين بدت يده مغلولة تجاه الفاسدين والفساد الذي ينخر جسد الدولة العراقية .
----
د. رائد المالكي 15/ 5/ 2019
متابعة : سلام سالم
Reactions

تعليقات