القائمة الرئيسية

الصفحات



بأيّ حال جئت يا عيد؟

و أخي بلال ذاك الفقيد
بأيّ ثوب زرتنا يا عيد؟
و أخي بلال عنّي بعيد
أيّ طعم لك يا عيد؟
و منزلنا يملؤه النّحيب
يا قطعة الفؤاد بل كلّه
اليوم..أذني يتيمة
اليوم عيني ضريرة
اليوم لوعة تحرقني
و لهيب ذكريات تؤرّقني
عيد السّنة الماضية..بيتنا يعجّ بضجيجك
و لكن هذه السّنة أيّ عيد هذا دونك؟
كيف لي أن أستوعب حدث موتك؟
كيف لي أن أعزّي تلك الأم المكلومة؟
أ أعزّيها أم أعزّي نفسي؟
أيّ موت هذا أخذك منّي بين ليلة وضحاها
دون أن يمهلني لأراك..لأقبّلك
أخي..
لم أستطع فهم هذا الضّيق الذي اقتحم صدري
لم أستطع فهم هذا العجز الذي غمرني
لم أستطع فهم هذا الحزن الذي نحت اسمه داخلي
شلّال دمعي عجز عن إطفاء اللّهيب الذي يحرقني 
أخي..
تصوّر هذه المرّة الموت هو أنت
تصوّر هذه المرّة النّبأ الحزين هو أنت
تصوّر هذه المرّة ذاك النّائم هو أنت
تصوّر هذه المرّة ذاك الرّاحل هو أنت
أخي..
فأيّ الحروف ستسعفني عندها؟
و أيّ الكلمات ستغيثني؟
و أيّ فضاء يستوعب حزني؟
و أيّ رقعة من الأرض تحتمل صرختي؟
أخي..
بأيّ عنوان أعنون هذا الجرح؟
و بأيّ لقب ألقّب هذا القرح؟
و أيّ مصيبة هذه لم تكن في الحسبان
أخي..
رحلت إذن
رحلت كأجمل ما يكون الرّحيل
كنت مختلفا في كلّ شيء
كنت رائعا في كلّ شيء
كنت صادقا في كلّ شيء
حتّى في الموت
اخترت أجمل أنواع الرّحيل
رحلت في عمر الزّهور
رحلت في سنّ السّادسة بلا ذنوب
أخي..
تركتني كالمجنون
الذي لم يستطع تقبّل فكرة موتك
تركتني تائهة 
كوردة تئنّ على الشّرفات كالمطعون
أخي..
موتك هذا أنهك روحي
موتك هذا أنهك جسدي الضّعيف
كنت لا أعرف الموت
فقط..أسمع عنه دون أن أراه
و فجأة رحلت أنت في ذاك اليوم الحزين
حينها عرفت الموت
حينها شاهدت الدّموع الحقيقيّة
شاهدت أبي يبكي للمرّة الأولى
شاهدت أمّي تصرخ
شاهدت أختي تئنّ و تتوجّع
صحت..بكيت لكن دون جدوى
فأنت ترقد هناك لا تسمعني
أخي..
صرخت..و صرخت
أعمامي أرجوكم تمهّلوا
دعوني أرى وجه أخي البريء للمرّة الأخيرة
دعوني أودّعه...
رميت بنفسي على مقربة منك 
و ألقيت عليك النّظرة الأخيرة 
قبّلت خدّك الأيمن 
كان باردا كلَيْلٍ شتويٍّ
فقدتُ الوعي..و حينها حملوك
و وضعوك في قبرك
و بقيت أنا وحيدة كئيبة
أخي..
منذ رحيلك كلّ شيء أصبح شديد الظّلمة..شديد الحزن..شديد الكآبة
فقريتي لم تعد كما عهدتها
الأنهار توقّفت عن السّيلان
و الطّيور لم تغرّد
و الأزهار لم تتفتّح
و الأمطار لم تهطل
و الشّمس لم تشرق
كلّ شيء توقّف عن الحياة
أخي..
سامحني إن بكيتك كثيرا
سامحني فغصّتي الحبلى بالدّمع لا تكفيني لأشفى
سامحني لست أدري ماذا أفعل؟
(الموت طرق بابي)

Reactions

تعليقات