القائمة الرئيسية

الصفحات

أقصوصة البيانو (الجزء الثاني) - منير الجابري

طلبت من أدم أن تستند عليه حتي تغادر " الفيلا" ٠كي تعود الى بيتها ٠ بدت له كحمامة وديعة منهكة ٠ فرت للتو من الصياد ٠ حرك أدم قدميه في كسل حتي يتماهي مع سير كريستين ٠ قال
- لقد بعثت في السهرة لمسة إبداع !! تناثرت كجرعة سحر ٠
جعلت الجميع يتفاعل معها ٠ ٠٠
فسبح كل واحد غي شاطئ أحلامه ٠راسما واقعه المنشود ٠
كنت كالشمعة أطردت عنا عتمة الغربة ٠ وشيئا فشيئا جلبت 
أنظار الضيوف وأثرت دهشتهم وإعجابهم ٠ ٠٠
كان عزفك ينساب ؛ كنبع ليروي ظمأنا ٠ 
فجأة وقفت كريستين ويدها تعانق يد أدم 
- أتعلم يا أدم أني مصابة بمرض السرطان ٠ لقد أنهك جسدي 
لذلك أنا دائما أقبل على الحياة ؛ مفعمة بالامل وتحدي المرض
نظر إليها أدم وقد إقشعر بدنه وسرت فيه رعشة وهلع !!!
-منذ هاته اللحظة سأهتم بك أيما إهتمام !!!
- هل من الشفقة ؟!!
- لا ! أنا معجب بك وبطريقتك في تحدي المرض ٠فوجودي قربك حتي تتشبثي بالحياة أكثر وتصلي الى شاطئ النجاة !!
رفعت بصرها نحوه وبقيت تطلع إليه ٠٠٠ 
فأحست به قريبا منها ٠يختلف عن كل الشباب ؛ الذين عرفتهم 
لأنهم بمجرد سماعهم بمرضها فروا من حياتها !!!
آبتسمت إبتسامة ٠٠٠ أوحت الى أدم أنها تحمل شحنة متأججة من المشاعر ٠٠٠
لم يدر ماذا يقول ٠٠٠
كان الطقس شديد البرودة ٠ طلبت منه أن يمكث معها تلك الليلة في بيتهم ٠ تسللا الى " الصالة " وآستقر فوق كنبة ٠٠٠
ودخلت كريستين الى غرفتها ٠
ومع خيوط الشمس الاولي أحس بحفيف النسيم البارد ٠٠٠
نهض وبقي ينتظرها ٠ غادرا البيت دون أن يزعجا،والديها ٠٠٠
تسربا الى مقهي في آنتظار موعد حصة العلاج الكميائي ٠
اشارت الساعة التي ترتديها كريستين الى التاسعة صباحا ٠إنه موعد الحصة ٠ دخلت هي الى غرفة العلاج وبقي أدم ينتظرها في قاعة كبيرة داخل المصحة ٠في صمت وهدوء ٠
بين الفينة والأخري يقطع الصمت أنين كريستين من شدة الألم ٠٠٠
يتململ أدم في مكانه لتعود به الذاكرة الى قريته والى حادثة وفات أمه ٠ التي جاءها المخاض في إحدي ليالي الشتاء الممطرة ٠ آنقطعت فيها كل الطرق جراء السيول الجارفة ٠٠
ولم يجد والده حلا !! إلا اللجوء الى" دادا"٠في ساعة متأخرة من الليل ٠ فهي الوحيدة في القرية التي تسهر على ولادة النساء ٠ لكن أمه أصابها نزيف حاد ٠٠٠
كانت حالتها مستعصية على " دادا" ٠ مع إشراقات الفجر الأولي ؛ فارقت الحياة وتركت إبنتها في أحضان والده ٠ حينها لم يتجاوز أدم الثمان سنوات ٠٠
آنتبه من غفوته على تربت على كتفه ٠ أنها كريستين ٠
غادرا المصحة ٠ كان النسيم يداعب خصلات شعرها ٠٠٠
مرت تلك الدقائق الحرجة ؛ ليجد نفسيهما يدلفان نحو مقهي صغير ٠ جلس الصديقين في جناح الشرفة حتي تسترجع كريستين أنفاسها ٠٠٠ يتبع 

Reactions

تعليقات