غواية السكين
صرخة الأنثى العاشقة في حضور الخيانة الزوجية
قراءة في نصوص الكاتبة ابتسام الخميري (غواية السكين )
بقلم عمر دغرير
لسائل أن يسأل: ماذا تعني الخيانة الزوجية ؟ و كيف لنا أن نعرف بأن هذا الفعل هو خيانة وليس شيئاً آخر ؟
و الأكيد أن هذا الواقع الذي نعيشه و نتعايش معه لا يقبل بهذا المنطق العقيم و المفتعل ! لأن الخيانة هي الخيانة. سواء كانت نظرة أو لمسة أو فعلا شريرا ينافي الأعراف والأخلاق البشرية والإلهية أيضا . علما وأن كلّ ما يقع تحت هذه المدلولات و المسميات يعتبر خيانة وجرما وجرح كرامة وإهانة للأنثى ككيان ثابت موجود يعيش على الأرض خاصة اذا كانت هذه الأنثى متزوجة. و كما هو معروف الزواج لا يلغي الثوابت التي آمنا بها. خاصة فيما يتعلق ويدرج تحت معنى الخيانة ( كبيرة كانت أو صغيرة ). فمجرد تعرّف الزوج على فتاة أخرى أو النظر اليها أو التقرب منها يعتبر جرما . و هذا الجرم قد ينجر عنه جرح لا يندمل ثم عنف بأنواعه المختلفة في حياة المرأة بالخصوص . هذه الأنثى التي طالما عرفت بالمخلوق الرقيق يصبح العنف حاضرا في كل تصرفاتها و يغتال فيها الرقة و الأنوثة و الرومنسية .
و "غواية السكين" للكاتبة ابتسام الخميري عنوان يوحي بهذا العنف .و تقريبا أغلب النصوص التي جاءت في هذه المجموعة تعرضت الى موضوع العنف بأشكاله المختلفة .
فماذا عن هذه المجموعة ؟ و وهل نجحت الأنثى في إيصال صرختها الى المتلقي ؟
"غواية السكين" مجموعة من النصوص السردية القصيرة ضمت 23 نصا بين القصة القصيرة و الخاطرة و الرسالة في أكثر من 160صفحة و صدرت بالقاهرة عن دار مجد المركز العربي للصحافة والنشر .
والمتابع لهذه النصوص باهتمام عميق يلاحظ أن الكاتبة ابتسام الخميري تخلصت من الثوابت التي لزمت القصة القصيرة لفترة طويلة و التي كانت تتناول حدثا أو موقفا بشكل مكثف وبأسلوب لاهث سريع و كتبت نصوصها بأسلوب جديد و مختلف شكلا و مضمونا و كذلك جاء اختيار الشخصيات و تصوير الأحداث و الإيقاع .
كما يلاحظ أن العنف موجود في العديد من قصص المجموعة ولا يقتصر على القصة التي حملت المجموعة عنوانها "غواية السكين " أو بصورة أعمق الخيانة التي أسكتت صوت الحب . حيث نتابع زوجة أحبت بصدق و عشقت زوجها عشقا عنيفا أغابها عن الوعي وافقدتها خيانة زوجها وليد مع أختها اتزانها وانوثتها بعد ان شعرت بأن كرامتها ألقيت على قارعة الطريق ومشاعرها تمت استباحتها بعنف فتمثلت لها سكين كانت تحتفظ بها في بيتها كأنها ملاك الموت الذي ينادي لخلاصها.
(...لم تع كيف تجرأت و أخذت سكينا و غرسته في كل بقعة من جسدها ...) صفحة 55. (...صعق فكرها ... ارتجفت ارتجافة طير بللته أمطار غزيرة ... بل كجريح . الآن على التو تنغمس سهام تفتتها ... تمزق أحشاءها ... كانا هما ... وليد و أختها هما العاشقان ...) صفحة 59 .
ومن خلال هذا المشهد الموجع وهذه الصورة السريالية المؤثرة تبرز فكرة القصة التي تتناول العنف و صرخة الزوجة في حضور الخيانة الزوجية و قد تحدد علاقة الإنسان بقدره.
و إن كان هذا العنف دمويا في " غواية السكين " فإنه يأخذ اشكالا أخرى لا تقل قسوة في نصوص أخرى • و قد يبلغ العنف أقصى مداه حين يتم تجاهل مشاعر هذه الأنثى و اهمال أنوثتها و معاملتها كأنها كائن لا قيمة له في هذا الوجود كما الحال في قصة " رسم على الجليد " .
كذلك نلاحظ لونا آخر من العنف في قصة "اغتراب" و هو عنف نفسي ينجرّ عن غربة الأنثى وهي تعيش في مجتمع لا تشعر فيه بالراحة و الإطمئنان وهي غربة افكار ومشاعر في آن • و تحضر الخيانة الزوجية بأشكالها المتعددة في هذا النص و كذلك في قصة " الأرنب" .
و الكاتبة ابتسام الخميري شاعرة بالأساس وقاصة متميزة و قد حافظت على الجرس الشعري في لغتها دون المساس بالحدث والموقف والمضمون والفكرة في أغلب نصوصها . و بذلك تكون قد وفقت في بناء قصص متماسكة من حيث البناء الأدبي و متميزة ببعدها الوجداني . وقد تشكل حيرة شديدة للناقد والقارئ في ذات الوقت .
و لأن الابداع يخاطب الانسانية كلها دون النظر إلى جنس أو دين أو لون أو وطن هذا المبدع فقد جاء في إهداء ابتسام الخميري ما يؤكد أن 'الابداع لا وطن له' فكتبت تقول :
( ...لذلك سافرت الى أم الدنيا عشقي اللامتناهي مصر الحضارة و الجمال لأبثها خوالجي و مكنوناتي و خاصة أول عمل لي . لأنها البلد الكريم الذي احتضن الكثير و ساند الكثير و كانت لهم مسلكا للعالم ... لذلك دسست حلمي بين جنباتها و كلي أمل بأن يقبلني المصري أولا ثم العالم العربي ...) .
و قبل أن أختم لا بدّ أن أسأل هذه الكاتبة التونسية التي على حدّ تعبير الناشر " تمتلك شجاعة الإشتباك مع مفردات الحياة و الحب و الحزن و الألم النبيل .و تعشق السفر في المدن و الكلمات و الليالي و قصص العشق و تحب بكل جوارحها لكنها تكتم في غرف قلبها اسم حبيبها ..." أسألها هل نجحت في الوصول بإبداعها الى هذا العالم العربي؟ علما و أن طباعة الكتاب جاءت في نسخة رديئة وبعض النصوص غير واضحة و تصعب قراءتها اضافة الى وجود بعض الأخطاء التي كان من المفروض على الناشر التفطن لها و إصلاحها قبل طبع الكتاب .
صرخة الأنثى العاشقة في حضور الخيانة الزوجية
قراءة في نصوص الكاتبة ابتسام الخميري (غواية السكين )
بقلم عمر دغرير
لسائل أن يسأل: ماذا تعني الخيانة الزوجية ؟ و كيف لنا أن نعرف بأن هذا الفعل هو خيانة وليس شيئاً آخر ؟
و الأكيد أن هذا الواقع الذي نعيشه و نتعايش معه لا يقبل بهذا المنطق العقيم و المفتعل ! لأن الخيانة هي الخيانة. سواء كانت نظرة أو لمسة أو فعلا شريرا ينافي الأعراف والأخلاق البشرية والإلهية أيضا . علما وأن كلّ ما يقع تحت هذه المدلولات و المسميات يعتبر خيانة وجرما وجرح كرامة وإهانة للأنثى ككيان ثابت موجود يعيش على الأرض خاصة اذا كانت هذه الأنثى متزوجة. و كما هو معروف الزواج لا يلغي الثوابت التي آمنا بها. خاصة فيما يتعلق ويدرج تحت معنى الخيانة ( كبيرة كانت أو صغيرة ). فمجرد تعرّف الزوج على فتاة أخرى أو النظر اليها أو التقرب منها يعتبر جرما . و هذا الجرم قد ينجر عنه جرح لا يندمل ثم عنف بأنواعه المختلفة في حياة المرأة بالخصوص . هذه الأنثى التي طالما عرفت بالمخلوق الرقيق يصبح العنف حاضرا في كل تصرفاتها و يغتال فيها الرقة و الأنوثة و الرومنسية .
و "غواية السكين" للكاتبة ابتسام الخميري عنوان يوحي بهذا العنف .و تقريبا أغلب النصوص التي جاءت في هذه المجموعة تعرضت الى موضوع العنف بأشكاله المختلفة .
فماذا عن هذه المجموعة ؟ و وهل نجحت الأنثى في إيصال صرختها الى المتلقي ؟
"غواية السكين" مجموعة من النصوص السردية القصيرة ضمت 23 نصا بين القصة القصيرة و الخاطرة و الرسالة في أكثر من 160صفحة و صدرت بالقاهرة عن دار مجد المركز العربي للصحافة والنشر .
والمتابع لهذه النصوص باهتمام عميق يلاحظ أن الكاتبة ابتسام الخميري تخلصت من الثوابت التي لزمت القصة القصيرة لفترة طويلة و التي كانت تتناول حدثا أو موقفا بشكل مكثف وبأسلوب لاهث سريع و كتبت نصوصها بأسلوب جديد و مختلف شكلا و مضمونا و كذلك جاء اختيار الشخصيات و تصوير الأحداث و الإيقاع .
كما يلاحظ أن العنف موجود في العديد من قصص المجموعة ولا يقتصر على القصة التي حملت المجموعة عنوانها "غواية السكين " أو بصورة أعمق الخيانة التي أسكتت صوت الحب . حيث نتابع زوجة أحبت بصدق و عشقت زوجها عشقا عنيفا أغابها عن الوعي وافقدتها خيانة زوجها وليد مع أختها اتزانها وانوثتها بعد ان شعرت بأن كرامتها ألقيت على قارعة الطريق ومشاعرها تمت استباحتها بعنف فتمثلت لها سكين كانت تحتفظ بها في بيتها كأنها ملاك الموت الذي ينادي لخلاصها.
(...لم تع كيف تجرأت و أخذت سكينا و غرسته في كل بقعة من جسدها ...) صفحة 55. (...صعق فكرها ... ارتجفت ارتجافة طير بللته أمطار غزيرة ... بل كجريح . الآن على التو تنغمس سهام تفتتها ... تمزق أحشاءها ... كانا هما ... وليد و أختها هما العاشقان ...) صفحة 59 .
ومن خلال هذا المشهد الموجع وهذه الصورة السريالية المؤثرة تبرز فكرة القصة التي تتناول العنف و صرخة الزوجة في حضور الخيانة الزوجية و قد تحدد علاقة الإنسان بقدره.
و إن كان هذا العنف دمويا في " غواية السكين " فإنه يأخذ اشكالا أخرى لا تقل قسوة في نصوص أخرى • و قد يبلغ العنف أقصى مداه حين يتم تجاهل مشاعر هذه الأنثى و اهمال أنوثتها و معاملتها كأنها كائن لا قيمة له في هذا الوجود كما الحال في قصة " رسم على الجليد " .
كذلك نلاحظ لونا آخر من العنف في قصة "اغتراب" و هو عنف نفسي ينجرّ عن غربة الأنثى وهي تعيش في مجتمع لا تشعر فيه بالراحة و الإطمئنان وهي غربة افكار ومشاعر في آن • و تحضر الخيانة الزوجية بأشكالها المتعددة في هذا النص و كذلك في قصة " الأرنب" .
و الكاتبة ابتسام الخميري شاعرة بالأساس وقاصة متميزة و قد حافظت على الجرس الشعري في لغتها دون المساس بالحدث والموقف والمضمون والفكرة في أغلب نصوصها . و بذلك تكون قد وفقت في بناء قصص متماسكة من حيث البناء الأدبي و متميزة ببعدها الوجداني . وقد تشكل حيرة شديدة للناقد والقارئ في ذات الوقت .
و لأن الابداع يخاطب الانسانية كلها دون النظر إلى جنس أو دين أو لون أو وطن هذا المبدع فقد جاء في إهداء ابتسام الخميري ما يؤكد أن 'الابداع لا وطن له' فكتبت تقول :
( ...لذلك سافرت الى أم الدنيا عشقي اللامتناهي مصر الحضارة و الجمال لأبثها خوالجي و مكنوناتي و خاصة أول عمل لي . لأنها البلد الكريم الذي احتضن الكثير و ساند الكثير و كانت لهم مسلكا للعالم ... لذلك دسست حلمي بين جنباتها و كلي أمل بأن يقبلني المصري أولا ثم العالم العربي ...) .
و قبل أن أختم لا بدّ أن أسأل هذه الكاتبة التونسية التي على حدّ تعبير الناشر " تمتلك شجاعة الإشتباك مع مفردات الحياة و الحب و الحزن و الألم النبيل .و تعشق السفر في المدن و الكلمات و الليالي و قصص العشق و تحب بكل جوارحها لكنها تكتم في غرف قلبها اسم حبيبها ..." أسألها هل نجحت في الوصول بإبداعها الى هذا العالم العربي؟ علما و أن طباعة الكتاب جاءت في نسخة رديئة وبعض النصوص غير واضحة و تصعب قراءتها اضافة الى وجود بعض الأخطاء التي كان من المفروض على الناشر التفطن لها و إصلاحها قبل طبع الكتاب .
 بقلم عمر دغرير لسائل أن …){kind=link}
تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليقا يدل على انطباعك ورأيك بالموضوع